
الشرفاء لا زالوا هنا
أثبتت لائحة الاتهام المتعلقة بقضية الدخان، وجود موظفين شرفاء، لم تغرهم اموال الفساد، لم تنحنِ لهم قامة، قاوموا الى الحد الذي كلفهم البقاء في مواقعهم الوظيفية.
تشمل هذه المجموعة، قائمة من موظفي الجمارك والمناطق الحرة، ويتوافر مثلهم في مؤسسات اخرى، وقد تعرض هؤلاء لأصناف متعددة من العقوبات والتهميش.
صحيح ان هؤلاء انغلبوا في قضية الدخان الاخيرة، ونهشت فينا القضية نهشا، الا انهم شكلوا «فرامل» لاندفاع الفاسدين، كما شكلوا املا لدينا بأن منطق «الكل فاسد والكل متواطئ»» ليس نهائيا او مطلقا.
في عشيرتي مثلا، تردد ان احد ابنائها، كمال العياصرة، كان احد المنتمين لقائمة الشرف ورفض التماهي مع الفساد، ولك ان تتخيل حجم الترحيب والفخر من ابناء العائلة.
هذا الكم من الثناء، يثبت ان الاردنيين، رغم ما نراه من انخراط في مفاهيم «الواسطة والمحسوبية»، يريدون ان يتنامى معنى العاصم الاخلاقي في ادارتهم العامة، فثمة قناعة وشعور بأن الخطر القادم من الفساد لن يبقي ولن يذر.
رئيس الوزراء، وعد في تغريدة له على تويتر قائلا: «نتابع مجريات قضية الدخان أولاً بأول وستنتصر الحكومة لكل مواطن شريف ثبت وقوع الظلم عليه، ودفع ثمن وقوفه في وجه الفساد، رافضاً الانصياع لمغريات الباطل والكسب الحرام؛ فمثل هؤلاء صدقوا الوعد وما خانوا العهد وكانوا مثالاً يحتذى وسيُنصفوا بإذن الله»، وهذه خطوة جيدة.
الان وبعيدا عن القيمة الناعمة لوجود هؤلاء الشرفاء في ادارتنا العامة، لابد من حمايتهم، واعطائهم القدرة على ابراز مقاومتهم للفساد، ومن ثم مأسسة ما يحملون من «شرف» ليكون اداة في مواجهة الاخطاء.
لابد من تشريعات تحمي مقاومي الفساد في الداخل، وتحمي المبلغين عنه، وتجعلهم اكثر ايمانا بفرصهم في النجاح، عندها سنجد جيشا مجحفلا يواجه الفاسدين ويمحق طموحاتهم.
المحصلة، ان في الدنيا خير، وهذا الخير الممثل بالشرفاء، يجعلك اكثر ايمانا بالاردن الوطن والمستقبل، واكثر ايمانا بالتفاؤل، فالبريق القادم من النفق لا يستهان به.الرابط المختصر