الشراكة والإنقاذ / د . هايل السواعير

#سواليف

#الشراكة_والإنقاذ

كتب .. الدكتور #هايل_السواعير، عضو المكتب التنفيذي لحزب الشراكة والإنقاذ
مرةً أخرى – وليست أخيرة – تطفو أخبارحزب الشراكة والانقاذ على سطح المشهد السياسي الأردني بإعتباره مركز الصراع الدائر بين أجهزة الاستبداد من جهة والتيار الوطني الأردني من جهةٍ أخرى ،،،،،
منذ اليوم الأول لإنشاء هذا الحزب ظهر بثوبٍ مختلف عن باقي الأحزاب الأردنية سواء التي كانت امتدادًا لأحزاب ممتدّةٍ عبر الإقليم أم عبر العالم، وترتبط بها في فهمها وممارستها لسلم أولوياتها.
كانت هذه الأحزاب تعنى بالشأن الإقليمي بشكل واضح، واضعة الواقع السياسي الأردني الداخلي في الغالب في درجةٍ متدنّية في سلم اولوياتها، وقد خلق هذا الترتيب لسلم أولويات الأحزاب حالة مِن الارتياح لدى أصحاب القرار الّذين أعتبروا الاهتمام الحزبي بالشأن الإقليمي غضاً للنظر عن الواقع الداخلي، وتجاهلاً محموداً للأزمات الداخلية المتتالية التي أرهقت الاردنيين.

هذا الوضع خلق حالةً من اللامبالاة لدى أغلب اأاردنيين تجاه الأحزاب القائمة، إذ صُنفت هذه الأحزاب عندهم كمن يصرخ في وادٍ بعيد عن واقع الأردنيين لا يلامس معاناتهم اليومية القائمة بسبب استبدادٍ سياسي واضح أنتج العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. ولا ننسى أيضًا الدور السلبي الذي لعبه النظام في محاولاته لتشويه العمل الحزبي الحقيقي رفضاً لفكرة العمل الجماعي من أساسها.

ثمّ جاءت مرحلة الحراك الشعبي الأردني باعتبارها جزءًا من ربيعٍ عربي (تمّت سرقته في وضح النهار)، ورأى الأردنييون في هذا الحراك ما يلامس شغاف قلوبهم، حيث طرق هذا الحراك كل المحّرمات السياسية الّتي عمل النظام خلال سني حكمه الطويلة على ترسيخها كما لو كانت قدرًا منزلًا فلا يجوز الاقتراب منها لا من قريب ولا من بعيد، ليُعتبَرَ هذا الاقتراب تهديدًا واضحًا لمصالح النظام القائمة على فسادٍ واستبدادٍ بُنيا بدقّة متناهية، حتى بدت هذه المصالح في نظر المواطنين كأنها حقوقٌ مشروعة تتماشى مع الدستور والقوانين القائمة خصوصًا في ظل تعديلات دستورية فاضحة أفقدت الدستور المرهق أصلاً كثيرًا من قيمته.
بعد انقضاء السنين الخمس الأولى من الربيع العربي وبدء عودة الأنظمة المستبدة لحكم الدول العربية المحيطة بطريقة أبشع من ذي قبل، و في ظل حالة الإحباط لدى المواطن الأردني ظهرت بوادر قيام حزب الشراكة و الإنقاذ إلى العلن،
حيث خاط مجموعة من الأردنيين المشتبكين مع الواقع اليومي الأردني -دون الانسلاخ عن المحيط العربي – بداية حكاية الحزب بطريقة جديدة على الأردنيين، بل جديدة على المستوى الإقليمي، طريقة تتّسم بالفرادة في تشكيل الحزب، كما تؤكّد تجسيده لحركة وطنية أردنية حقيقية تخاطب الهمّ المحلّيّ العميق الذي يعيشه المواطن في الأردنّ، دون أن إغفال قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي أعتبرها الحزب قضية مرتبطة إرتباطا ً مباشراً بالشأن المحلّيّ.
فقد طرق الحزب وقتها مراكز الخلل مباشرة، وبطريقة لا تثير الفوضى، وإنما تدعو الأردنيين للحفاظ على وطنهم، واسترداد مقدّراتهم وأموالهم المسلوبة بشكلٍ سلميّ.
هذا الخطاب الوطني الملتزم الذي قدمه الحزب جعل الأردنيين يراقبون مسيرته وشخوصه بدقة ٍ متناهية، أملًا منهم أن يقدّم الحزب- قولًا و فعلًا- رواية سياسية أردنية جديدة تبدد مخاوفهم من تجارب حزبيةٍ سابقة.
حالة الترقب هذه لم تطل، إذ كان الحزب عند حسن ظنهم في أغلب القضايا الوطنية التي برزت على الساحة، ابتداءً من تمسكه بمبدأ تلازم السلطة والمسؤولية الّذي خاطب طموحاتهم المشروعة، مرورًا بموقفه المشهود من أزمة نقابة المعلّمين الأردنيين الّتي ما زالت قائمة حتى اليوم، وليس آخرها مقاطعته للانتخابات البرلمانية ٢٠٢٠ الّتي قاطعها أغلب الأردنيين من خلال نسبة اقتراع ٍ تكاد تكون الأقل تاريخيًا، في الوقت الذي سارعت فيه باقي الأحزاب للصراع على مقاعدٍ نيابية منزوعة الدسم.
بعد كل ذلك، وبعد أزمة إغلاق الحزب الّذي أنصفه القضاء الأردني مشكورًا، اتضحت بما لا يدع مجالاً للشك الصورة الحقيقية للحزب في أعين الأردنيين.
ثمّ جاء قانون الأحزاب الجديد عام ٢٠٢٢ الذي فرض على الأحزاب القائمة إعادة ” تصويب” أوضاعها وفقًا لمحدّداته.
في ظل هذه الظروف بدا لمعسكر الاستبداد أن هذا الحزب بدأ في تجسيد حالة نضال سياسي سلمي جديدة، أصبح محط أمال الكثيرين الراغبين في الانتقال بوطنهم إلى حالٍ أفضل يلبّي طموحاتهم المشروعه.
وعليه تم اتخاذ القرار الواضح بعدم السماح لحزب الشراكة والإنقاذ بتجاوز متطلبات الترخيص، خصوصًا في ظل خوفهم من مشاركة الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة بعد أن أظهرت دراساتهم مكانة متقدمة للحزب عند الأردنيين (في الوقت الذي كان الحزب فيه منشغلاً بقضايا الوطن المصيرية، ولم يطرح إطلاقًا مسألة مشاركته في الانتخابات من عدمها).
فبدأت سلسلة طويلة من التضييق الجائر على الحزب، وإرغام الكثير من أعضائه على الاستقالة في ظل تهديدات صارمة ظهرت على المشهد السياسي الأردني لأول مرة وبصورة غير مسبوقة
قابل كل هذه الإجراءات سيلٌ من الانتسابات الجديدة للحزب في ظل تيقن الأردنيين من الحالة النضالية التي بدأ الحزب في تشكيلها. هذه الانتسابات شكلت تحديًا جديدًا لأصحاب القرار الذين حرصوا على تبني خطاب إعلامي علني يدعم الحياة الحزبية، في حين شكلت ممارساتهم على الواقع تناقضًا فاضحًا مع خطابهم الإعلاميّ ما حدا بهم إلى مضاعفة جهودهم اللامسؤولة خلال الأشهر الأخيرة حتى بدا الحزب و كأنه المشكلة الوحيدة التي تواجههم.
في ظل كل هذه الظروف، ورغم كلّ ما حيك، استطاع الحزب عبو المتطلبات (العددية والنسبية) في الفترة المحدّدة، إلّا أنّ ذوي السلطة عادوا والتفّوا على قانونهم ذاته من خلال تعليمات وإجراءات بائسة حالت دون ترخيص الحزب، وأعلنوه من ضمن قائمة الأحزاب غير المكتملة حسب تصريحات الهيئة “المستقلة” للانتخابات، بالتالي غدا الحزب غير مرخّصٍ (أو منحلًّا على رأيهم).

إنّ حزب الشراكة والإنقاذ من خلال مؤتمره العامّ الذي عقده الأسبوع الماضي (السبت 13/5/ 2023) بشروط المؤتمر التأسيسي اكتسب شرعيةً جديدة تضاف لما اكتسبه خلال سني عمله القصيرة التي بدت وكأنها عقود كثيرة نظرًا لكونه أصبح حجر الزاوية للمعارضة الوطنية الأردنية الجادّة.
اليوم وبعد أن صدر قرار الحلّ الذي يبدو أنه قد أربك أصحاب القرار لعواره الواضح، ظهر الحزب بمشهدٍ متماسك أعلن من خلاله لجوءه لكل الوسائل القانونية والشعبية المتاحة للدفاع عن حق الأردنيين (و ليس الحزب فقط) في ممارسة أبسط حقوقهم المشروعة في تشكيل أحزاب جادة لا تأتمر باتصالٍ أو توجيهٍ من أحد، تكون فيها مصلحة الوطن والمواطن أسمى الأهداف.
الكلمة الآن ستكون للقضاء الأردني، بعد أن قال الشعب الأردني كلمته تجاه الحزب، فإمّا أن يظهر القضاء بمظهر وطني يليق به، وهذا هو المتوقَّع والمأمول، وإمّا يُفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات كثيرة نحجم عن ذكرها الآن.
د هايل السواعير
عضو المكتب التنفيذي لحزب الشراكة والإنقاذ
ناعور ٢٣ / أيار ٢٠٢٣

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى