#الشتوةُ #الأولى وتداعياتها على القلب والروح / #كامل #النصيرات
ها أنا أجلس في حديقتي الأكثر من متواضعة في قريتي «الكرامة» .. ها أنا أشتم رائحة الريحان المزروع الأبرز في حديقتي.. ها هو المطر الخفيف يداعب كلّ شيء فيها.. ها هي رائحة الأرض الطازجة بعد أوّل شتوة تعبق وتتسلّل إلى كل مسامات تتعطّش لها..
الشتوة الأولى برفقة فيروز.. برفقة الموسيقى.. برفقة الروح بعجينها الأول وليست الروح المكتظّة باعتلالات الأخبار والنميمة والقرارات قاطعة الخَلَف وقاصمة الظهر و مكرسحة الأرجُل..! الشتوةُ الأولى بصابون أرضها و بنسمات ريحها الخفيفة تأخذني إلى صياح الديك المختبئ الآن من رذاذ المطر؛ تأخذني إلى الأطفال الهاربين من الإسمنت إلى ذِرعان الشوارع وبالتأكيد بينهم صبيٌّ يحلم أن يحرّر فلسطين كلّ فلسطين وهو يصرخ بملء الصوت البريء: جايّك يا فلسطين جايّك..! فلسطين هذا الصبي لا تبعد عن ناظريه سوى أمتار قليلة؛ هو يراها كل ليلة؛ يرى أضواءها وطقوسها؛ بل يراها كلّ لحظة.. فلسطين من قريتي « الكرامة» أشدّ وضوحاً وأشدّ دفئاً وأشدّ بكاءً..وذاك الصبيّ الخارج مع الصِبيةِ الآخرين لذرعان الشوارع هو أنا..!
يا للشتوة الأولى ويا لتداعياتها.. يا لكامل الذي يسكب روحه الآن على الشوارع والصبايا والملح والبارود ولا يلمّه إلاّ وعدٌ بأن يكون المدى كلُّه له بلا نقصان..!
في الشتوة الأولى لا أعرف هل أنا من يستقبل تشرين أم أن تشرين من يستقبلني.. ومن منّا يجب أن يكرم ضيفه..؟! أهلا بالتشارين كلِّها لأنها غسيل الروح ومفتاح البلل..