الشبيلات … البلد يحتاج إلى إنقاذ ! حتى من المنقذين أيضاً !

البلد يحتاج إلى إنقاذ ! حتى من المنقذين أيضاً !

كتب المهندس ليث الشبيلات
حاولت أن أقرأ البيان الطويل للأحزاب العتيدة فلم تحتمل أعصابي ذلك فالمكتوب يظهر من عنوانه: مطلب ينطبق عليه مثل ” تيتي تيتي ! مطرح ما رحتي جيتي !” المطلب المتكرر الذي في ظاهره الرحمة ومن قبله العذاب. مطلب حكومة إنقاذ ؟؟ يا سلام! أفلا نعلم أن حكومة إنقاذ تحتاج إلى دعم أحزاب إنقاذ وإلى نقابات إنقاذ مزمجرة تفرضها فرضاً ولا تستجديها كرد فعل فقط لغضبة فوضى شارع قد يفرض وجود ما يشبه حكومة إنقاذ، وذلك لأنه يتقدم على أحزابه ونقاباته وعلى من يظنون أنهم ممثلوه ولا يملك أي حزب أو تنظيم أونائب أوعين السيطرة عليه لترشيده وترشيد مطالبه . إنه شارع لا يسيطر عليه مؤقتاً سوى الأمن الغليظ ، ولكن حتى الأمن الغليظ فإلى متى ؟؟! أحزاب أفضلها منشغل بالأيديولوجيا التي ليس الآن وقت طرحها قبل نضال وطني جبهوي شامل لإعادة الحريات السياسية ، يسعر خلاف الأيديولوجيا ملهياً شبابه وشاباته به دون التصدي بحزم لجرائم تفكيك الدولة وطغيان الفساد ومأسسته ، ثم يختبئ وراء إصبعه ويزعم أنه ( بعد أن يعزل نفسه عن الآخرين بسبب الأيديولوجيا) لا يستطيع تحمل مسؤولية رفع درجة النضال لوحده . هذا إما هبل ! أو استهبال !
قبل أيام صدف أن تناولت العشاء في بيت أحد الأصدقاء بحضور أربع أو خمس شخصيات كريمة ، فذكرت فيما ذكرت سيئة برلماننا ( 1989 -1993) الذين يمدحه الناس وأذمه لأنه هو من ارتكب بسذاجة أو بجهالة أو بتواطؤ إثم قوننة القيود العرفية في صلب القوانين الدائمة بحيث ما عادت أية حكومة بعدها تحتاج إلى أحكام عرفية عند الطوارئ. فالأحكام العرفية تحتاجها الحكومة عند تحتاج إلى ضبط الحريات لتستطيع أن تتصدى بقوة لعدوان خارجي أو اضطرابات داخلية. فلماذا تحتاج إلى حكم عرفي بعد أن قونن برلماننا العتيد ذاك العرفية في قوانينه الدائمة معتدياً على الحقوق الدستورية بل قل معتدياً على الحق الإلهي في الحرية. خطبت يومها في زملائي المهرولين فرحاً لإصدار قوانين أحزاب واجتماعات ومطبوعات وغيرها (عام 1991) : ويحكم ! ليس هذا وقته ! كل هذا سيحقق عكس ما تريدون إن لم نقدم عليه أولوية اجتماعنا يداً واحدة حول برنامج النقطة الواحدة : إعادة الحريات السياسية في البلاد ! فأية أحزاب ستتشكل في أجواء القبضات الأمنية المختلفة التي تتدخل في كل شيء ؟ والتي وصفتها في البرلمان الذي سبق ذلك البرلمان في 15 أيار 1984 في حكومة عبيدات ” ولم يبق على هذه الأجهزةالكريمة إلا أن توصي بعدم تزويج فلان فتكتمل الحلقة العائلية السعيدة لهذه الأسرة الأردنية الكبيرة بجعل النكاح مفروزاً أمنياً” مما أغضب أبو ثامر ، ليعود بعد عقود ثلاثة فيفصح لي نفسه عن انزعاجه الشديد من الإذلال السيادي الذي تمر به دائرة المخابرات التي بات يتجول في أرجائها بحرية تابعون لأجهزة مخابرات أجنبية قريبة وبعيدة بل كما قال لي ، وهو الخبير, أن لهم أبنية أو أقساما مستقلة خاصة بهم داخل حرم مركز حماية سيادتنا لا يدخلها أردني !
إن مطلب حكومة إنقاذ يحتاج إلى أجواء إنقاذ تفرضونها أنتم مجتمعين يداً واحدة إن كنتم فعلاً على قدر المسؤولية ،ولا تستجدون طلبات للشعب . وأتساءل كمعارض أصبح أيضاً معارضاً للمعارضات منذ 1990 : هل أنتم على قدرالمسؤولية أم إن إن البلاد تحتاج إلى الإنقاذ من نهجكم أنتم أيضاً ؟ معذرة على التشبيه ! حالنا أقرب إلى حال الذي اشتكى لمسؤول من أن القبضاي الشهير فلاناً يمارس الرذيلة في الغابة القريبة فيجبه المسؤول : ” ما هذه المبالغة ؟؟؟ إنهن شجرتان فقط وقد صنعتم لنا منهن غابة ! ” . وهكذا حالنا اليوم : مشكلتنا في الشجرتين وليس فيما يفعل في الوطن !
أسألكم هل حضرتم الميدان لصاحب الدولة المنقذ المنتظر لكي يقتحمه راكباً وليس مركوباً ؟ لم نسمع أياً منكم يعترض على الحالة اللادستورية المشينة التي يوجد فيها حولي أربعة آلاف موظف في الديوان الملكي هم حكومة فوق الحكومات الدستورية . إن “المنقذ” الذي يقبل أن يشكل حكومة تقبل العمل في هذا التشوه الدستوري الخَلقي ناهيك عن الخُلقي شخص دجال غير محترم لا يدافع عن ولاية عامة مغتصبة . وأزيدكم منالشعر بيتاً أن من لؤم صندوق النقد الدولي انه لا يطالب بوقف إهدار الملايين على هذا الورم السرطاني اللادستوري unconstitutional redundant government apparatus الذي يصادر من الحكومة شرعيتها زيادة على لؤمه وكذبه ودجله في كونه لا يطالب بتخفيض المصاريف الخيالية للديوان والعائلة ورحلاتها التي لا تنقطع في دولة فقيرة مشرفة على الإفلاس بل يتسلط فقط على مداخيل المواطنين بالتخفيض .
في بداية عهد الملك عبد الله الثاني كلف عبد الرؤوف برياسة الحكومة فهاتفته قائلاً : أنا لم أهنئ رئيساً قط ولكن معرفتي برجولتك التي أرجو ان لا تحيلها على التقاعد جعلتني أفعل وكتبت له رسالة أقتطف منها :
فأبارك لك بالمهمة الصعبة عسى أن تعيد لهذا المنصب نكهة الرجولة بإبعاده من أن يكون ممسحة زفر أو ريشة في مهب الريح فإن أنت فعلت فذلك في هذا الزمان الرديء إنجاز. ويساعد في المهمة اليوم ، وإن كنا نقول ذلك بأسف، غياب شخصية من كانت تذوب في حضوره الشخصيات إلا ما رحم ربي . فالأمانة كل الأمانة اليوم ممارسة الدستورية الملكية ممارسة عملية على طريق إعادة إرسائها بالنظم والقوانين وذلك بإشعار الناس يومياً أن رئيس الحكومة هو وحده الذي يتحمل كامل المسؤوليات ضمن خطاب التكليف ورسالة قبول ذلك التكليف لا يتدخل معه في ذلك أحد إلى أن يغير.

إن الديوان الملكي( ولا أقول مؤسسة العرش) قد تضخمت مسؤولياته وموظفوه بشكل كبير باستقلال عن الحكومة وهو أمر مخالف للدستور ويجعل السلطة التنفيذية بجسمين والحكومة برأسين (أقصد رئيس الديوان هنا ولا أقصد رئيس السلطة التنفيذية طبعاً) ويحتاج الأمر إلى براعة كبيرة وصبر طويل حتى يؤسس لإعادة الأمور إلى نصابها .

ما هو مجلس أمن الدولة هذا والذي ليس له أي سند دستوري أو نظامي والذي عين رئيسه قبل إنشائه إن كان قد أنشئ فعلاً !!!!! ؟؟؟؟؟ هذا من ناحية أما الناحية الأهم فهو ضرورة أن يُنأى بالعائلة المالكة عن الوظائف والمناصب التنفيذية أو التي يترتب عليها أية مسؤولية لقول الملك المؤسس إن هذا البد فقير ولا يحتمل أكثر من شريف واحد. أما القضاء فيحتاج إلى ما فعله وصفي من قانون لتطهيره ، وفهمك كافي.

وقد أتبعتها أخرى طالباً منه الإجابة عليها لأنشر الاثنتين اللتين ستؤسسان لقواعد هامة للعلاقة بين الحكومة والمعارضة الوطنية والشعب (سأنشرها منفصلة عن هذه المقالة ) حري بها أن تدرس في مساقات العلوم السياسية واتصلت به بعد عشرة أيام قائلاً له : لم أستلم جوابك يا أبا عصام ، فأجابني : إلعب غيرها يا ليث الشبيلات!!!!!! فأدركت أنه اختار أن لا يكون الرئيس المنقذ مع أنه لا تنقصه لا رجولة ولا فهم ولا حزم فتحسرت على حال بلدي الذي يزداد تيتماً بعد تيتم ، فالرئيس القوي الحازم وظف قدراته بعكس التيار.
أي رئيس منقذ سيجروء على الإتيان بوزير حقيقي للدفاع كما كان الحال حتى أيام كلوب باشا ، يكون هو المسؤول المدني عن الجيش وعن عقيدته العسكرية وإذا ما زالت مبنية على أن الخطرالوجودي على الأردن هو العدوالصهيوني عسكريا وأمنياً وسياسياً بتبنيه فرض الوطن البديل. إن عضوالكينست إلداد في الجارة “الصديقة جداً ” طرح للتصويت من قريب قانون “الأردن هو فلسطين ” وحاز على أغلبية وسلطاتنا في سبات عميق متعمد ، والآن يعقد في أرضنا المحتلة (القدس) في الدولة “الصديقة جداً” والتي سلمناها المجرم “المسكين” الذي قتل أردنيين خوفاً من أن تفترسه غضبتنا مؤتمر متطرف صهيوني إجرامي يحضره أردنيون خون عنوانه ” الحل الأردني” ولا نسمع احتجاجا رسمياً على ما تسلح (راجع القاموس) به “إسرائيل” على ما تبقى من معاهدة وادي عربة. لانسمع أي ضجيج رسمي ولا حتى حزبي ( ضجيج بعنى ضجيج عالي الصوت ! وليس بيانات عابرة لتقل الاحوال. ويحنا ! وويحكم ! هل نعيش في بلد مستقل ؟ أم في امتداد لدولة جارة يقرر فيها مصيرنا؟
أي رئيس سيأتي لضبط نفقات الديوان الملكي ويضبط الفساد فيه إن لم يسمع منكم ضجيجاً متذمراً عالي الصوت فيما يخص هذا المطلب. بلد فقير يعيش حكامه ومن حولهم في أعلى مستوى رفاهية ويستحق أن يذكر في موسوعة جينس كأكثر بلد يمضي حاكمه وقته فيه خارج بلده . يقضونها في رفاهية خيالية مدججون بحاشيات وحراسات مكلفة على حساب الشعب الفقير الذي إذا أنّ يحاسب على أنينه.
أما عن القوانين فقد كانت قوانين المملكة الدائمة حتى السبعينات متوازنة فاليوم أصبحت هنالك مثلاً جريمة فضفاضة تسمى تقوض نظام الحكم ، بينما في الماضي كما أخبرني صديق العائلة العزيزالفريق محمد رسول الكيلاني رحمه الله وهو أبو المخابرات وأبو الامن الأردني : كنا نكشف عن التحضير لانقلاب ولكننا لا نتحرك ونصبر وأيدينا على قلوبنا أن لا يسبقنا الانقلابيون إذ كنا ننتظر حتى تكتمل عناصر الجريمة الثلاث والتي من دونها لن نحصل على أقصى العقوبة حتى من المحكمة العسكرية والتي لا تستطيع أن تحكم إلا بموجب القانون فالركن الثالث هو التلبس أي بدء التحرك. أما اليوم فدون أي ركن من أركان الجريمة المزعومة يحكم على شخص بتقويض نظام الحكم. فعلاً إنها مسخرة تشريعية لتكميم الأفواه.
إن مطلب حكومة إنقاذ وطني في هذه الحالة من تراخي الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية دونما غضبة مضرية لن تعدو كونها خدعة تنفيسية للجماهير كالذي يعالج السرطان بالمورفين. إذ ما عاد هنالك مواطن أردني يعتبر أن مشكلته مع الملقي أو النسور أو القادم الذي لن يختلف عنهما. الشارع يدرك جيداً اليوم أن مشكلته ليست مع رئيس وزراء وحكومة بل مع الذي أتى بهم كواجهات زينات مملكات. وهو سيتخطانا جميعاً في فوضاه ويبدا بإنزال غضبه علينا نحن المزينين للظلم الواقع عليه بمعارضة أشبه بالكومبارس ، إنها معارضة من النوع الذي إذا أرادت الحكومة إطالة عمرها ينصحها الطبيب بأخذ حبة من هذا الصنف من المعارضة صباحاً وأخرى مساء.
أيها الناس إن الأمر لجد خطير ولا يحتمل الكذب لا على النفس ولا على الشعب. نسأل الله اللطف ببلدنا وبشعبنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى