الشباب يصححون تاريخ العرب / بسام الياسين

الشباب يصححون تاريخ العرب

تصحيح حركة التاريخ بمجملها مرتبطة بحركة الرجال الشجعان، وقودها البسالة،عتادها المواجهة و سلاحها اعلاء كلمة الحق .لإجل هذا،لا بد من كسر قفل الرتابة، وقيد التخاذل للخروج من مجتمع سكوني إتكالي ، وواقع اخرس مخزٍ، لاعلاء فكرة الاحتجاج الحضاري، و اطلاق صوت المعارضة على الاخطاء و الخطايا التي تقترف بحق الجماهير على مدار الساعة .ومطاردة قوى الظلام في سراديبها،وتسليط الاضواء الكاشفة على الفاسدين في اوكارهم، وفضح ساسة دكاكين السياسة ،ورفع صرخة الحرية مدوية لتحريك الجماهير للخروج من رخاوتها.صرخة حارة صادقة كالنداء الاخير لباخرة على وشك الغرق

المتدثرون بعباءة الخوف، الهامسون في الغرف المغلقة،معطوبو الارادة، ضُربت عليهم الذلَة والمسكنة،و باؤوا بغضب الله ولعنته.هم لشدة جُبنهم يُخيل لهم ان للجدران آذانا ، و للنوافد عيونا وتلك من مخلفات المرحلة العرفية البغيضة ومخالفاتها لحقوق الانسان ، فاعلن الرعاديد انتسابهم لحزب الاغلبية الصامتة ـ حزب الكنبة ـ، وانتهجوا سياسية المداهنة :ـ ´اللي بتجوز امي بيصير عمي” حتى لو كان فاسداً اتى على اخضر البلاد و يابسها.لذلك فان صمت اهل الحق عن النطق بالحق، سيوهم اهل الباطل انهم على حق.

فيلسوف اليونان العظيم ارسطو قال لاحد الصامتين في مجلسه : ـ ´تكلم يا هذا حتى اراك، فالصمت صنو الموت،وقال عبقري ضرير في تحليله لصوت المتحدث : ان الصوت ينبئ عن شخصية صاحبه فقد يحمل طاقة ايجابية مؤثرة او سلبية محبطة، وقد يكون واثقا او خانعاً.نستشف ان الصامت في معرض الحاجة للكلام اشبه بمقبرة ساكنة لا تضم سوى عظام ناخرة.فالانسان بلا موقف صلب ولا صوت يحدد معالم طريقه هو كالماء يتشكل كالاناء الذي يسكنه، ويأخذ لونه،وتلك مصيبة،خاصة ان كانت الامة في ورطة مثلنا، تحتاج لمن يدافع عنها ويُعلي صوتها.

مقالات ذات صلة

العرب مبحوحون، وحبالهم الصوتية تالفة مع انهم من ذوي الاصوات العالية نظرً لجذورهم الصحراوية،تلك المناطق المفتوحة،وهم اهل شعر و حماسة كانوا يردحون طول وقتهم، لدرجة انهم فتحوا اسواقاً لبيع الكلام ” سوق عكاظ والمبرد حتى مقاهيهم اصبحت اسواقاً للثرثرة. المفارقة ان لا صوت للعربان،فهم بلا وزن، يسبحون في الفراغ. ومن باب التعويض، استبدلوا اصواتهم الغائبة والمغيبة بقرقرة الاراجيل وشتائم الملاعب والصراخ تحت قباب المجالس النيابية.وتلك طامة كبرى اضيفت لبلاوي الامة.

نرد على نصيحة ـ ” المفلسين “، الذين نصحونا بالصمت، بان نضع رأسنا بين رؤوس القطيع ونقول مثلهم : ـ ماء ماء ماء ، ونمشي´الحيط الحيط،طلباً للستر درءاً للشبهات. نكاية بكم اطلقنا النار على الرقيب الذاتي القابع في دواخلنا،و ارخينا لجام اقلامنا المعبأة بالانتماء للامة، ورفعنا اشرعة الولاء لها فوق مراكبنا لخوض معركة المنازلة مع اعدائها، ´ودب الصوت ضد الجرائم التي تُحاك ضد انسانها،فالوقوف في المنطقة الرمادية جريمة و الكتابة المستأنسة خيانة في هذه المرحلة. فالكلمة ان لم تكن شوكة واخز فهي ساقطة.لذا لا بد من مواجهة الاحداث اساخنة،وتحطيم التابوهات الخادعة، و ذبح الابقار المقدسة التي ترتع على حسابنا،وتعرية من ارتدوا اثواب الطهارة و احاطوا انفسهم بهالات كاذبة لتمرير الآعيبهم تلك التي ظاهرها مصلحة وباطنها عذاب. فغاية ما نطلبه تأشيرة بقاء على قيد الكرامة،لا كما قال الحاقدون :ـ” العربان كالبعران لا تمضغ احناكها الا اعشاب الهوان “،فمنذ خروجهم من الاندلس حتى يومنا ،خرجوا من دائرة الفعل ودخلوا دائرة السفسطة ، بينما اسرائيل، تُهود فلسطين من البحر للنهر،تزور التاريخ ،تقضم الجغرافيا و الانظمة لا ترفع اصبعاً معترضة بل تمعن بالتطبيع وتمييع القضية.

ليست نبوءة ان الشباب العربي يجري هذه الايام عكس رياح الانظمة،فهو مخالف ومختلف معها،ولا يتفق مع ما رسمته له من مناهج دراسية بعيدة عن واقعه،وتعليم جامعي بلا هدف ولا معنى ومساجد لا تحكي الا عن عذاب القبر و نواقض الطهارة.هو اليوم يحمل وعياً متقدماً و ارادة عظيمة ومعلومة دقيقة لما يدور حوله.لذلك تراه يتمرد على السلطة لانه تواق للبحث عن معنى لحياته والسعي لبناء دولته الوطنية بذاته على اسس علمية تقوم على التنمية المستدامة،الديمقراطية،الحرية،التشاركية،بعد خيانة النخب العربية لطموحاته، فالمساعدات الخارجية تسد عجزاً مؤقتا و لا تبني وطناً، لهذا قرر ان يعيد كتابة تاريخه بيده ويستعيد قراره المرهون بيد غيره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى