الشباب الأردني …يقاطع الانتخابات ليصنع التغيير / هشام الهبيشان

الشباب الأردني …يقاطع الانتخابات ليصنع التغيير

تزامنآ مع بدء ما يسمى بالاقتراع للانتخابات النيابية الأردنية ، يبدو ان المؤشرات والاستطلاعات الأولية لحجم مشاركة الشباب الأردني بما يسمى بالانتخابات النيابية ، قد رسمت معالم قاتمة لمستقبل ونتيجة هذه الانتخابات ،بالنسبة لي كشاب أردني قررت مقاطعة هذه الانتخابات وهذا الامر ينصرف على نسبة كبيرة من الشباب الأردني ، والذين سيشاركوا بهذه الانتخابات من الشباب الأردني اعتقد جازمآ لن تتجاوز نسبتهم الـ 20% من مجموع الشباب الأردني..قد يقول البعض هنا ولماذا هذا التشاؤم ،الجواب هنا ببساطة أن الشباب الأردني اليوم، يعيشُ حالة من الاغتراب في مجتمعه ووطنه الأم “ولم تعد تهمه هذه المسرحيات طويلة الفصول “، وذلك نتيجة لارتباطه بمتغيرات وإفرازات المجتمع الذي ينشأ فيه، وكل ذلك بسبب سياسات تمارسها بعض الاقطاب التي تدور بفلك السلطة الحاكمة في الأردن على هذا الشباب المظلوم والمقهور، و الذي ما تزال أزمة البطالة تلاحقه في كل مكان، وهو عاجز عن توفير لقمة العيش والمسكن، كي يتزوج أو على الأقل أن يوفّر قوت يومه وهذا على الأقل سبب كاف لزيادة الشعور بالاغتراب داخل الوطن، وفي البيئة المجتمعية الحاضنة لهؤلاء الشباب”.

اليوم ،ومع انطلاق الساعات الأولى للاقتراع بما يسمى بالانتخابات النيابية الأردنية ،عاد من جديد تكرار الحديث الروتيني المعهود من قبل” بعض “ اقطاب السلطة وبعض المرشحين في الأردن والتي يتكرر كل ماحدثت انتخابات جديدة ،والذي يدور بفلك واحد ،فقد كانت هنالك جملة شهيرة يرددها هؤلاء ومضمونها : “ إن الشباب هم من أسس البناء لمشاريع التغيير” كما يتحدثون ويضيفون هنا “ أنهم من مكونات مشاريع النهضة والمستقبل الأفضل للأردن “، ومع هذا الحديث ومع تقادم هذا الحديث وترديد نفس العبارات نستطيع أن نختصر هذا الحديث بمقولة “ نسمع جعجعة ولانرى طحين”، فقد بدأت علامات الشيخوخة والهرم تظهر على وجوه الشباب الأردني، ولم يشاهدوا من حديث مدّعي الحرص على مستقبل الشباب الأردني سوى الكلام.

اليوم كشباب أردني نقاطع لأننا نرى في الأردن ،حالة غير طبيعية لإفرازات حجم الظلم والتهميش الذي تتعرضُ له بعض نخب الشباب الأردني اليوم ، فاليوم يمكن القول بهذه المرحلة تحديداً، إن الكثير من الشباب الأردني مازال يعيشُ بين أرث الماضي القريب الذي تميّز بعيشه بواقعٍ مرير، وهضم لكامل حقوقه، وبين حاضر وواقع مؤلم تمثل بنظريات الإقصاء والتهميش لقطاعٍ هام من نُخب الشباب الأردني وتواكب هذا الشيء مع أزمات وظروفٍ خانقة، يعيشها الشباب الأردني هذه الأيام.

مقالات ذات صلة

اليوم ،من حق البعض الاعتراض على عدم مشاركة نسبة كبيرة من الشباب الأردني بهذه الانتخابات ،ولكن أليس من حق الشباب الأردني كذلك أن يعبر عن رأيه الرافض لمجمل واقعه المعيشي سياسيآ واقتصاديآ وفكريآ عبر المقاطعة “المقاطعة هي رسالة لصانع ومتخذ القرار ” ،فهذا الشباب الطامح لمستقبلٍ أفضل، الطامح إلى حقوق تضمنُ له كرامته في وطنه، وتجعلهُ يشعر بالأمان المعيشي الدائم، الطامح حين يعبّر عن رأيه.. سواء كان مع أو ضدّ بأن يحترم رأيهُ، وحين يطالب بحقٍ من حقوقه المسلوبة، أن يُعطى حقوقه، فهو لايطلب الكثير ومايريده هو فقط أن يتم احتواء مشاكله و أفكاره، ومساعدته على تنمية قراراته، وتلبية مطالبه ، ومع كل هذا، ومن هذا المنطلق فإن تناول موضوع التحديات والمحددات والأزمات التي تواجه الشباب الأردني والتي أفرزت سياسة التهميش “الممنهجة والمقصودة” لقطاعٍ واسع منهم، يعدُ مسألة تتعلق بالتخطيط الاستراتيجي، كما تتعلق ببناء الخطط التنفيذية لاحتواء الشباب الأردني، ليتخلص من التهميش الممارس عليه في كل ميادين الحياة .

اليوم يعاني الشباب الأردني بشكل كبير من مشاكل الملف الاقتصادي الذي هو المشكلة الثانية بترتيب المشاكل والصعوبات التي يتعرضُ لها الأردن والمجتمع الأردني، والذي يؤثرُ بشكلٍ كبير على فئة الشباب من هذا المجتمع الذي يعتبرُ بعمومه مجتمعاً فتياً، فقد قدّرت منظمة العمل الدولية بتقريرها الصادر قبل فترة وجيزة، ارتفاع معدل البطالة في الأردن إلى 30% مع نهاية العام الماضي، نسبة إلى عدد السكان ،وأضافت المنظمة في تقريرها، إن معدل البطالة في الأردن يزيد على معدل البطالة في الشرق الأوسط البالغ 27%تقريباً ، ومن هذه النسبة نستطيع أن نحلل ونستنتج معدلات خطوط الفقر ومعدلات الفقر، وعدد جيوب الفقر، ولنقيس بواسطتها ونقارنها مع كلّ مقاييس الأقتصاد الأخرى، لنعرف حجم الأزمة الأقتصادية التي يعيشها الشباب الأردني، والتي تنعكسُ على الواقع السياسي والأجتماعي والثقافي للشباب الأردني.

إمّا سياسياً، فنرى إن دور الشباب الأردني في هذا الجانب مازال مُهمشاً بشكلٍ كامل فما تزال قضية تمكين الشباب سياسياً، وجعلهم يأخذون أدواراً متقدمه بهذا المجال مازال حبراً على ورق، وشعارات حبيسة ظلمة الأدراج ، فهي لا ترى نوراً للتشريعات والتغييرات، ولا تجدُ طريقاً للتطبيق إلّا ممارسة المزيد من التهميش لهم بهذا المجال.

لقد أفرزت ظروف وأزمات ومشاكل وتعقيدات الداخل الأردني التي تتحملُ بعض الاقطاب التي تدور بفلك النظام الأردني جزءاً كبيراً منها ،ظواهر خطيرة في صفوف الشباب الأردني وهنا تبرزُ ظاهرة الإحباط والقبول به لدى الشباب، وهي أخطر ما يمكن أن يواجهه المجتمع، نتيجة إفرازات الواقع المعاش ، وتراكم الكبت الذي أصبح مركباً ومعقداً للغاية في ظل انخفاض العامل الديني الذي يعملُ على تحصين الشباب ويحوّله الى قوة ممانعة ترفض الفشل ، فقد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني حالة الاحباط جرّاء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد بعضهُ وسيلة للخلاص إلّا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي، فاليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار أفكار التطرف بينصفوف الشباب الأردني ، إضافة إلى أنتشار آفة المخدرات بشكلٍ كبير وملموس بين الشباب، ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر .. عنف مجتمعي – عنف جامعي – ازدياد حالات الانتحار -الأزمات الأخلاقية و … ألخ، والتي أصبحت تنخر بالجسد المجتمعي للمجتمع الأردني وأخصّ فئة الشباب منه ، والفضل بكل ذلك يعود الى سياسة الفاسدين والمفسدين الذين قتلوا وحطموا مستقبل الشباب الأردني.

ختاماً، اليوم من حقّ الشباب الأردني بمجموعه أن يقاطع هذه الانتخابات ،وان يوصل كل رسائله عبر المقاطعة “نقاطع لنغير “،وأن يبحث عن حلول مشتركة لأزماته بعيدآ عن هذه”المسرحيات الهزلية… فالأردن ليس حقلآ للتجارب الانتخابية“،فالصمت والحياد بهذه المرحلة هو خطيئة وجريمة كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله ، فالشباب الأردني لم يعد يحتمل مزيداً من الضغوط، و أصبح اليوم يعيش بين مطرقة الواقع المعيشي المأساوي بكل تجلياته، وبين سندان المستقبل المظلم المعالم ، وهذا مايُبرز حجم الخطر المستقبلي الذي ستفرزهُ هذه الأزمات بمجموعها ،والتي لايمكن أبداً التنبئ بنتائجها المستقبلية بحال أنفجارها ..
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
hesham.habeshan@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى