السيدة الأولى إيفيتا بيرون وانكشاف الحقيقة

السيدة الأولى إيفيتا بيرون وانكشاف الحقيقة
موسى العدوان

السيدة إيفيتا بيرون ( 1919 – 1952 ) هي زوجة الرئيس الأرجنتيني الأسبق ” خوان بيرون “. كانت هذه السيدة معشوقة الفقراء والمساكين، واشتهرت بأنها نصيرة الحفاة والعراة. لذلك لم يكن غريبا أن يحبها الفقراء، وأن يطلقوا عليها لقب ” سانتا إيفيتا ” أي القديسة إيفيتا.

ولدت إيفيتا في عائلة أرجنتينية فقيرة، وأصبحت في سن الرابعة والعشرين أشهر مذيعة في البلاد. وفي إحدى الزيارات التي قام بها قائد الجيش ” خوان بيرون ” للإذاعة، أعجب بشخصيتها الساحرة وصوتها الدافئ، فعينها ناطقا رسميا باسمه. وحين طَرَدتْ السلطة الحاكمة الكولونيل خوان بيرون من الخدمة عام 1945، استغلّت إيفيتا شعبيتها في الدعاية وأشهرته في البلاد، بين الفقراء والمعوزين وضباط الجيش. وكمكافأة لها تزوجها خوان بيرون، ووصلا سويا إلى منصب رئاسة الجمهورية في الأرجنتين.

استطاعت إيفيتا بعد أن أصبحت السيدة الأولى خلال فترة وجيزة، من تأسيس ” صندوق إيفيتا للأعمال الخيرية “. ولم تتوانَ عن استغلال منصبها ومركزها، في المشاركة بالاجتماعات والقرارات السياسية، إضافة لتقديم الخدمات وتوزيع المساعدات للمحتاجين. حتى أنها كانت تقوم بزيارات مفاجئة للقرى والأرياف، وتدخل بيوت الفلاحين والفقراء، لتقدم لهم المواد الغذائية والملابس، كما تقدم الحلوى لأطفالهم حتى وصل اهتمامها بهم، حد إغراقهم بالألعاب التي كانت تحصل عليها من مختلف أنحاء العالم.

مقالات ذات صلة

وعندما أصيبت إيفيتا بمرض السرطان، بدأ نظام خوان بيرون يتداعى نحو الانهيار. ورغم ذلك لم تستسلم بل ظلت مصرة على حضور اللقاءات السياسية والجماهيرية. وفي صباح يوم 26 تموز 1952 توفيت إيفيتا عن عمر يناهز 33 عاما، فقام أحد الخبراء بتحنيط جثمانها. وعندما انتشر الخبر اجتاحت الأرجنتين على الفور حالة من الحزن لموت نصيرة الفقراء، ومشى في جنازتها مليونان من البشر، حدث خلالها أن توفي سبعة أشخاص تحت الأقدام من شدة الزحام.

ولأن قصة الكذب والخداع قصيرة، كان لابد أن تنجلي الحقيقة خلال فترة وجيزة. فعندما سقط حكم خوان بيرون عام 1955، قام الرئيس الأرجنتيني الجديد ” الجنرال لوناردي ” بفتح بيوت وقصور الرئيس السابق للشعب، فكانت المفاجأة الكبرى عندما شاهد الناس لأول مرة، كيف كان يعيش خوان بيرون وزوجته المدلّلة حياة الترف.

ففي أحد القصور كان هناك 15 سيارة سبور و250 دراجة بخارية.
وفي قصر آخر تم العثور على ثروة هائلة قُدّرت بحوالي 10 ملايين دولار نقدا، بالإضافة إلى مجوهرات ومقتنيات ثمينة، كانت قد جُمعت من أموال الفقراء وتم تهريبها إلى الخارج، حيث حُولت إلى حسابات سرية في البنوك الأجنبية.

وفي وقت لاحق قامت السلطات العسكرية الجديدة في ” بوينس أيرس ” بإثبات أن إيفيتا اختلست أموال المشروعات والمؤسسات الخيرية التي كانت تشرف عليها. ثم قامت تلك السلطات بعرض مجوهراتها وملابسها الباهظة الثمن، التي جمعتها من الأموال المخصصة للفقراء أمام الجمهور. ولكن الشعب ببساطته ووفائه لمن تظاهرت بالعطف عليه، تسامح مع إيفيتا المختلسة، وبقي محبا لها بعد أن غادرت الدنيا.

* * *

التعليق :

كثير من المشاريع الخيرية والاجتماعية التي تقيمها السيدات الأول في الدول العربية، تحت غطاء مساعدة الفقراء وإصلاح مدارس الأطفال، أو تنفيذ مشاريع اجتماعية صغرى للمحتاجين. وسواء جاءت مخصصاتها من مصادر محلية أو أجنبية، ما هي في الغالب إلا وسيلة لسلب معظم تلك المخصصات، والتصرف بجزء ضئيل منها للغاية التي جاءت أساسا من أجلها.

ولا شك بأن الشعوب اليوم، أصبحت أكثر وعيا ومطالبة بحقوقها ممن تسيدوا عليها، ولم يعودوا بتلك البساطة والتسامح الذي أظهره الشعب الأرجنتيني، مع السيدة التي خدعتهم وادعت بأنها نصيرة الفقراء، ولكن ظهرت الحقيقة وتبين بأنها كانت مختلسة لحقوقهم في الخفاء.

وفي مطلع هذه السنة الهجرية الجديدة، لابد من التذكير بأن ما حدث في العقد الحالي من حساب للسيدات الأول في تونس ومصر والسودان، لهو أكبر عبرة لمن يعتبر، ويخشى على تاريخه وآخرته . . !

التاريخ : 31 / 8 / 2019

• المرجع : كتاب شخصيات التاريخ الكبرى/ مجدي كامل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. من يعتبر يا سيدي في هذا العالم المادي بالغ السوء لفد اعمت كثرة الفلوس بصرهم وبصيرتهم وانستهم ان الحياه اجلها محدود ونهايتها مفاجئه تاتي على حين غفله وكان ما كان ليس بكائن واسوأ الكسب الغير مشروع هو ما يأتي بسلب حق الشعب الضعيف والمحروم والمريص الا لعنة الله على كل قرش حرام نرجو من عطوفتكم ان ترشدونا بحكمتكم السديده ومقالاتكم الملهمه فالحكمه ضالتنا في هذه الايام نبحت عنها ونحن نحمل مصباح ديوجين ادامكم االله لنستزبد بسديد رايكم المنير .

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى