السياسة الامريكية ما بين اوباما وترامب

السياسة الامريكية ما بين اوباما وترامب
مروان سمور
باحث سياسي اردني

تتّسم الّسياسة الخارجية الأمريكية منذ نشأتها بإختلاف المقاربات (فلكل رئيس له توجه يعتمد عليه سواءا كان إقتصاديا او سياسّيا او عسكريا) .
ولكن ذلك لا يعني إختلاف الأهداف , مقاربات متعددة وأهداف واحدة , وهي لا تتبّدل بتبّدل الّرؤساء ولا بشخص الرئيس , بل ترتبط باللوبيات واصحاب المصالح وبالشركات الاقتصادية الكبرى في أمريكا .
ولكي نفهم سياسة وتوجهات كل من ترامب واوباما من القضايا المختلفة وطريقة تعاملهم مع الدول ومع كل ازمة , لا بد لنا ان نتعرف على ابرز مواقف كل رئيس على حدا :

الخلفية السياسية
– اوباما كان عضو على مدى ثلاث فترات في مجلس الشيوخ بولاية “إلينوي” في الفترة من 1997 إلى 2004 .
– جاء ترامب من خارج المؤسسات والنخب التقليدية والسياسية الأميركية، فقد كان رجل اعمال . وقد عمل مقدما للبرامج . ولم يعمل في السياسة بالمطلق .

الحروب التجارية
– شن ترامب الحروب التجارية على الجميع، وخالف قوانين منظمة التجارة العالمية، واستخدم القوانين المحلية لمعاقبة الشركات الأجنبية لممارسة الأعمال مع دولة معينة .

– وقد شن ترامب حربا تجارية ضد أكبر شركاء بلاده التجاريين، سواء مع الصين أو الاتحاد الأوروبي ، وانسحب من معاهدة باريس للمناخ ، واتفاقية نافتا للتجارة الحرة مع المكسيك وكندا .
– بينما اوباما لم يفعل كل ذلك .

التدخل العسكري
– تبنى ترامب هدف سحب قوات بلاده “من الحروب الأميركية التي لا تنتهي ولا طائل من ورائها “، وقد مثل هدف سحب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق وسوريا أحد أعمدة سياسة ترامب الخارجية ,وهو اليوم يتفاوض مع حركة طالبان من اجل الانسحاب النهائي من افغانستان والان وصل عدد الجنود الامريكيين ما بين 12 و 13 الف جندي .
– اما اوباما الذي امر بسحب معظم الجنود الامريكيين من العراق ,
– اوباما في بداية رئاسته امر بزيادة الجنود الامريكيين في افغانستان , حتى وصلوا الى 100 الف جندى ولكنهم نقصوا فيما بعد , الى ان وصلوا حتى قبيل نهاية رئاسته الى 8400 جندي امريكي .
التعامل مع ايران
– سياسة إدارة ترامب تجاه إيران تتمحور حول الحد من نفوذها الإقليمي ، ومحاولة احتوائها والاستمرار بسياسة العقوبات ومحاولة حصارها , والحد من قدرتها على تصنيع القنبلة النووية . وانسحب من الاتفاق النووي الإيراني فيما بعد .
– اما اوباما فاتخذ خيار الحوار مع ايران, ووقع الاتفاق النووي معها فيما يعرف “باتفاق إيران ودول 5+1 (الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا)” عام 2015 , وبالتالي اوقف العقوبات المفروضة عليها .

الموقف من الهجرة الى امريكا
– يقف ترامب مواقف معادية من المهاجرين , إلى حد منع اصدار تأشيرات دخول لمواطني عدد من الدول الاسلامية وهي (سوريا وايران والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن) .
– بينما اوباما لم يغير العرف السياسي المتبع بخصوص الهجرة .
– اما الموقف من اللاجئين السوريين – فيقول ترامب إنه سيمنع اللاجئين السوريين من دخول الولايات المتحدة , بعد أن استقبلت عدة آلاف منهم في عهد أوباما ( ۱۰ آلاف لاجئ عام ۲۰۰۹ ) وقد وقع قرارا تنفيذيا يحظر دخولهم .

العلاقة مع الاوروبيين وحلف الناتو
– شهدت العلاقة بين ادارة اوباما والاوروبيين تعاون في كثير من الملفات .
– اما ترامب فتبنى لهجة حادة باتجاه أوروبا , وطالبهم بان يكون الانفاق العسكري لأعضاء الناتو بنسبة 2% من ناتجهم القومي .
– وطالبهم بشراء الغاز الصخري الامريكي , وضرورة تامين احتياجاتهم من النفط والاستغناء عن الغاز الروسي .

الموقف من الاسلام والاسلام السياسي
– اوباما كان يتعامل مع الاسلام السياسي بتعريف مستقل عن التنظيمات الإرهابية .
– تتسم سياسة اوباما بالمثالية بما يختص بثورات الربيع العربي ودعم الديمقراطية . اما ترامب فهاجم هذه السياسة واتهم سياسة اوباما بانها صنعت الفوضى في المنطقة العربية .
– أما ترامب فيتهم الاسلام بالارهاب ويدين الاسلام السياسي , ويتهم أوباما أنه ساند وصول الأخوان المسلمين للسلطة في مصر وفي غيرها من دول المنطقة العربية .

العلاقة مع النظام المصري
– لقد عانى النظام المصري الحالي من اضطراب واسع في علاقته مع إدارة أوباما،
– بعد فوز ترامب شهدت العلاقات بين مصر وامريكا اعلى مستوى من التنسيق المشترك بينهما , وتجاهلت ادارته “قضايا حقوق الانسان وحرية التعبير” في مصر التي كانت تطرحها في السابق ادارة سلفه اوباما .

العلاقة مع الاعلام الامريكي
– اوباما كانت معظم وسائل الاعلام الامريكية الليبرالية بجانبه مع بعض الانتقادات باستثناء وسائل الاعلام اليمينية “كالفوكس نيوز” مثلا , والتي كانت تهاجمه باستمرار .
– اما ترامب فقد كانت معظم وسائل الاعلام الامريكية الليبرالية مثل قناة “السي ان ان” وصحف “الواشنطن بوست” و”النيويورك تايمز” تهاجم قراراته وسياساته , بالمقابل وسائل الاعلام اليمينية كالفوكس نيوز على سبيل المثال وقفت تدافع عن هذه القرارات .

الموقف من القضية الفلسطينية
– اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل , ونقل السفارة الأميركية إليها , وطرح مشروع صفقة القرن , وحاولت اجبار الفلسطينيين على الموافقة عليه , وذلك لتصفية القضية الفلسطينية .
– ادارة اوباما كانت مع اتفاق برضا الطرفين ( الفلسطيني والاسرائيلي) وبدون اجبار احد الطرفين على حلول معينة .
– امتنعت ادارة اوباما عن التصويت على مشروع قرار ؛ تبناه مجلس الأمن يدين بناء المستوطنات الإسرائيلية في أراض تابعة للفلسطينيين ، مما أثار غضب اسرائيل الذي رأت في عدم استخدام واشنطن حق الفيتو تخل عنها.

العلاقة مع دول الخليج والسعودية بشكل خاص
– يعتبر توجه ترامب نحو دول الخليج بخاصة السعودية اكثر ميلا من سلفه اوباما , والتي قدمت له الاخيرة أكثر من 480 مليار دولارعلى شكل صفقات اسلحة واستثمارات في الداخل الامريكي .
– ادارة أوباما كانت فاترة في علاقاتها مع دول الخليج , وبالذات بعد تاييده خلع مبارك وعدم معارضته الربيع العربي , وايضا عندما وقع الاتفاق النووي مع ايران .

التعامل مع القضية السورية
– سياسة اوباما كانت في عدم التدخل المباشر بالحرب في سوريا , بل كان يلجأ بتدخل غير مباشر من خلال دعم قوات المعارضة المسلحة المعتدلة بالمال والتدريب وبعض السلاح .
– اما سياسة ترامب فهي عدم التورط في النزاع السوري . حيث اوقف كل اشكال الدعم عن المعارضة السورية المسلحة باستثناء الدعم المقدم لقوات سوريا الديمقراطية ” قسد” ذات الاغلبية الكردية التي تحارب تنظيم “الدولة الاسلامية ” في سوريا .
وسياسته هي الانسحاب كليا من الغرق في رمال الحرب السورية .
الخلاصة ؛ ان الأهداف الرئيســيـة بين أوباما وترامب ؛ كالحفاظ على أمن وتفوق إسرائيل سياسيا وعسكريا ، والسيطرة المباشرة على أهم مصادر الطاقة في الشرق الاوسط وغيرها , والاستمرار بسيادة امريكا على العالم ؛ لا تختلف ولا تتبّدل بتغير الرؤساء , ولكن تختلف في بعض الاحيان التكتيكات والاساليب من اجل الوصول لهذه الاهداف .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى