السلط; شايف الضبع ويقص بالأثر!
شبلي العجارمة
ما حدث في عاصمة الوطن الأولی قبل يومين نتيجةُُ حتمية للترهل الإداري والفساد المالي والوظيفي الذي بات موجعاً أكثر من ذي قبل ,للدولة الأردنية أذنان ,واحدة تم إغلاقها بالطين والأخری بالعجين حيال ما حذرنا وکتبنا ووضعنا الإصبع علی مکامن الألم أکثر من مرة وعلی أکثر من منبر .
منذ متی وحکوماتنا تعاقب علی هکذا فواجع ?,ومنذ متی أغمدنا سيف الإصلاح في خاصرتي الفساد والترهل الإداري والوظيفي وأجهزنها عليهما ?, شيٸاً من ذلك لم يحدث ولن يکون بتاتاً ,والشاهد في ذلك لا أنکی ولا أشد فضاضةً من قضية بيع مٶسسات الوطن تحت بند الخصخصة الذي خلع ستر الاقتصاد الوطني وکشف عورته ,وبعد ثبات الفشل تم مکافأة عراب الخصخصة باعتباره بطلاً هيورديتي .
وللفوسفات أيضاً قصة مشابهة تماماً وقد کوفیء بطلها برد الاعتبار له وتغريم کل من حاول المساس بما اقترفته يداه !,فاجعة البحر الميت ,کانت بمثابة كارثةٍ حلّت بنا ,وقد دفعنا الثمن باهضا جداً من مهج قلوبنا وفلدات أکبادنا ,وتم مکافأة بطلة هذه القصة بحقيبة دبلوماسيةٍ في إحدی الدول الصديقة,ولقصة الدخان الذي قصم ظهر البعير للاقتصاد الوطني حکاية يعرفها الجميع دون استثناء وقد تم لفلفة القصة برمتها وصلت حد البراءة شبه التامة ,وربما تحويل صاحب القصة لبطل من نوع خارق .
قصص مشابهة أعرفها ويعرفها الجميع عن سوط الفساد ونهج اللامبالاة الذي يضيق هنا مجال الحديث عنهما وسرد رواياتيهما المختلفة المتعبة ,والنتيجة الحتمية لکل هذا هو تطابق القاعدة الفقهية القاٸلة “من أمن العقوبة أساء الأدب ” ,وقد وصل الأمر لما بعد الإساءة الأدبية ولحدودٍ بات من المخجل السکوت والصمت إزاٸها لبهاضة الثمن الذي بتنا ندفعه من أرواحنا ومقدراتنا ,ولارتفاع فاتورة التکلفة لهذه الأخطاء والفواجع التي باتت تٶبنها ذواکر الأردنيين کلما عصفت بشجرة ذکراها رياح الزمن العاتية.
الضبع الذي يراه عقل الدولة ولا زال يقتفي أثره هو هذا النهج الذي أفسد حتی الملح في حياتنا ,وباتت تطيش براثنه في کل شيءٍ يعترض طريقه , الضبع هو النهج الفاسد ووصفة الاجترار السياسي التي باتت تزيد من حجم المشکلة ولا تضفي أي حلٍ لهذه الأزمات السياسية الزلزالية المتعاقبة علی مواطن بقي يتغنی بنشيد الأمن المدفوع والأٓمان المسلوق علی القلق والخوف من الغد الأٓتي الذي لم ولن يختلف عن الأمس المنصرم ولا أدنی مفارقة مع الواقع الأكثر مرارةٛ والأشد إيلاماً.
قبل أٓيام من فاجعة السلط الحبيبة ,خرج علينا رٸيس مجلس الأعيان بتصريح ومصطلح يحتاج لدراسة أعمق وبصيرة أكثر ثقابةً من ذي قبل ,حين قال ;” نحن بحاجة لتنمية سياسية ولسنا بحاجة لأصلاح سياسي “,مع أن الأولی نافلة والثانية فرض ,ومن المخجل أن تسمع تصريحات لطهاة السياسة المزعومون لا تمت للواقع بصلة ,فالتنمية هي للدولة الناشٸة ولبواکير کل شيء في بداياته,لکن الإصلاح هو مراجعة شاملة وجردة حساب من أجل الاستمرار أو التوقف أو إعادة النظر بالنهج العام المتبع ,لکن بتنا کشعب نتعايش مع عللنا السياسية ومسببيها لدرجة أننا بتنا نلتمس لهم الأعذار والصفح .
الإطاحة بالأشخاص ,وقانون کبش الفداء ,وفاصلة مسح السکين بصوف الأکباش البريٸة بات نهجاً أشد فتکاً من ظلال مصاٸبنا وعاهاتنا السياسية ,فالانقلاب الهرمي علی هذا النهج بات ضرورةً ملحة ومصلحةً وطنية ذات درجة أهمية قصوی ,والقرار الذي لن يکون جريٸاً بسوط الحزم سوف يفتح المجال للأسوأ القادم والمرّ الذي يتلکأ ويتسکع علی قارعة طريقنا المعوجة ,ويتربص بنا دواٸر الخوف والانبطاح والاستسلام لکل ما هو موجع محبط ومخيف !.