«السابعة» تدعم مساراً بدأ فعلاً / عمر عياصرة

«السابعة» تدعم مساراً بدأ فعلاً

وجه الاختلاف بين ورقة الملك النقاشية السابعة وبين سابقاتها، انها جاءت لتدعم مسارا انطلق فعلا، له ادواته القريبة من القصر، كما جرى فيه نقاش اجتماعي شديد يمكن وصفه بالتراشق، لكنه كان نقاشا بعيدا عن الطاولة، استحكمت فيه لغة الفرض من جهة والمعارضة من جهة اخرى.
الملك في ورقته الاخيرة تحدث عن توصيات اللجنة الملكية لتنمية الموارد البشرية التي صدرت العام الماضي، وكان من متتجاتها المركز الوطني لتطوير المناهج، في خطوة تحتاج الى نقاش، لكنها انجزت.
ومن قبل ذلك هناك أكاديمية الملكة رانيا لتدريب وتأهيل المعلمين، التي تقدم الكثير، هذا بالاضافة الى فلسفة تعيين الدكتور عمر الزاز وزيرا للتربية والتعليم في خطوة تعد تثبيتا لنهج المضي قدما في خطوات الاصلاح التي اتخذها المسار الذي بدأ فعلا.
ما لفت نظري في ورقة الملك النقاشية السابعة حديثه عن ضرورة التعاطي مع اصلاح التعليم بعيدا عن الخلاف السياسي، ملمحا ربما الى الخلاف الاخير على تعديل المناهج.
وانا بظني ان لا انطلاقة لمسيرة اصلاح تعليمية ان لم يسبقها جدل سياسي واجتماعي وثقافي عميق يعبر عن الحاجة اليها، اولا، من خلال نقد الواقع الحالي للتعليم، ثم بعد ذلك الانطلاق تجاه نقاش يؤسس لطبيعة واليات الاصلاح.
ولعل الملك في تعبيراته المتعلقة بالتجاذبات السياسية اراد ان يقول انه لا يمكن ان يستمر النقاش الى المالانهاية، كما انه لا يمكن ان تكون المواقف انطباعية عدمية.
بالمقابل المجتمع بحاجة الى خطاب تطميني بأن «اصلاح التعليم» لن يدور في حلقة فوبيا مكافحة الارهاب، وانه لن يمس ثوابتهم بطريقة ارتجالية وللامانة الورقة تحدثت عن ذلك اكثر مما يتحدث عنه المسار.
الاصلاح التربوي والتعليمي ضرورة حياتية، لا يختلف عليها اثنان، ويبدو ان الملك يتبناه بقوة، ولن يسمح بانتكاسته، وهو مقتنع بآلياته التي انطلقت اخيرا، مما يجعل النقاش فيها صعبا، لكنه ليس بالمستحيل.
في النهاية الورقة تحمل مضامين تقدمية لا نقاش في بدهياتها، فالاستثمار بالتعليم مسألة متجاوزة للخلاف حولها، والانتقال من التلقين الى العقل الناقد المبدع قضية نسعى لها جميعا ونبحث عن ادواتها، بل كل ما جاء في الورقة يمكن اعتباره خارطة طريق لكل مرحلة يراد بها تطوير التعليم، وتبقى المخاوف التي يجب تؤخذ بعين الاعتبار مهما كانت واقعيتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى