الزمر: سيناريو 25 يناير بات وشيكا والسيسي لن يطول (حوار)

سواليف
قال الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المصري طارق الزمر، إن نظام رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي في حالة خوف ورعب حقيقي من كل معارضيه، خشية تكرار سيناريو 25 كانون الثاني/يناير الذي أكد أنه أصبح وشيكا، لافتا إلى أن التغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة تهيئ المنطقة لأفول نجم الثورات المضادة.

وأضاف الزمر : أن “السبب الرئيس في عدم نجاح الثورة يرجع لهشاشة البنية السياسية للمعارضة، وتفرق النخبة والرموز، فضلا عن افتقاد هيكل للقيادة على قدر المسؤولية الوطنية، ولهذا فهم لم يستطيعوا حتى الآن أن يتجاوزا انقساماتهم أو يعبروا أيديولوجياتهم ليبنوا لحمة وطنية للإنقاذ ومشروعا للمستقبل”.

ودعا الزمر الذي يشغل منصب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى العمل على إعادة بناء الجماعة الوطنية على أساس المبادئ المشتركة، وفق مشروع وطني جامع يرسم خارطة المستقبل، مؤكدا أن “المصالحة المجتمعية والتوعية الشاملة هي المسمار الأخير في نعش الانقلاب ومن ثم الديكتاتورية”.

كما دعا لتدشين مرحلة انتقالية جديدة يتم إدارتها من خلال تشارك واسع لا يقصي ولا يستثني أحدا، وتأسيس ما وصفه بـ”البديل الوطني” المؤهل لإنقاذ الدولة والقادر على التعامل مع مشكلات المجتمع، والتعاطي مع العالم وفق ظروفه ومعطياته بالغة التعقيد.

وفيما يلي نص الحلقة الثانية من المقابلة:

هل يمكن القول إن خطوة إدراج الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب جاءت عقب نفاذ صبر النظام وفشله في تركيع الجماعة الإسلامية وضمها إلى جانبه، خاصة أن الجماعة لاتزال عند مواقفها المعارضة له حتى الآن؟

الجماعة الإسلامية تم تقنين أوضاعها عند أول فرصة لاحت عام 2011، حيث اتخذت أول جمعية عمومية لها بعد ثورة يناير في شهر أيار/ مايو عدة قرارات استراتيجية كان منها تقنين أوضاع الجماعة من خلال جمعية أهلية وحزب سياسي، ولهذا فكل أشكال الملاحقة في الداخل والخارج هي ابتزاز غير مقبول ولا محل له.

هل حدث أي تواصل بين النظام والجماعة الإسلامية بشكل مباشر أو غير مباشر منذ الانقلاب وحتى الآن؟

النظام لا يتواصل مع أحد؛ وخاصة كل من يعملون على الساحة السياسية، فهو يدير البلاد من خلال أدواته القمعية فقط.

كيف رأيت استقالات بعض قادة حزب البناء والتنمية في الأيام الاخيرة؟

تصرف طبيعي وتلقائي لرفع الحرج عن الحزب الذي أصبح وجوده مُهددا بسبب إجراءات النظام الغاشمة، التي أدرجتهم على قوائم الإرهاب بشكل تعسفي، وهو أيضا صورة من صور الرفض لهذا الإدراج الظالم وعدم التسليم به، ولهذا فقد أكدوا في بيان استقالتهم حقهم في العمل على تحقيق أهداف يناير، واستمرار تمسكهم بالنضال السلمي.

هل التوسع في وصم المعارضين بالإرهاب قد يغري بعض الشباب المتحمس والمنفعل والغاضب بالانضمام إلى التنظيمات المتطرفة كما يقول البعض؟ ولماذا يلجأ بعض الشباب أحيانا إلى العنف أو التشدد؟

بكل تأكيد، فإن السبب الأساسي والجوهري للجوء الشباب للمقاومة المسلحة هو إفراط نظم الاستبداد في القمع والعنف، لكننا من خلال تجربتنا نوصي دائما بعدم الانجراف للمسارات المسلحة التي أصبحت أهم رصيد لنظم الاستبداد، وما جرى في سوريا خير شاهد على ذلك، ومن قبله نظام مبارك الذي استمر 30 سنة في الحكم تحت شعار مكافحة الإرهاب.

كيف ترى الاتهامات والمزاعم التي توجهها لكم ما تعرف بحركة تمرد الجماعة الإسلامية، التي دائما ما تحرض عليكم وتتهكم بالاتهامات نفسها التي تواجهه لكم سلطة الانقلاب، رغم أن هؤلاء كانوا أعضاء سابقين بالجماعة الإسلامية؟

لا يوجد شيء اسمه تمرد الجماعة الإسلامية، بل عدة أشخاص كانوا يوما أفرادا في الجماعة ثم انشقوا تحت الضغط الأمني في التسعينيات ومحنة السجون، ومن ثم فلا تأثير لهم على حركتنا سوى استخدامهم لمجرد “الشوشرة” من خلال بعض وسائل الإعلام.

كيف ترى اعتقال واستدعاء بعض معارضي الداخل للتحقيق معهم والتضييق عليهم؟

دليل جديد على مدى خوف النظام من كل معارضيه ورعبه من تكرار سيناريو 25 يناير الذي أصبح وشيكا؛ فثقافة النظام لا تؤهله أن يدرك أو يفهم أن خطة فرعون الوحيدة في الحكم كانت خطة أمنية تعتمد على ألا يظهر موسى بأي شكل، لكنه رغم ذلك ظهر وانتهى حكم الفرعون ودمر الله بنيانه وأصبح أثرا بعد عين.

ترفض الادعاء بفشل الثورة المصرية، بينما يرى البعض أن الثورة تعرضت لهزيمة نكراء.. فعلام تستند إلى أن الثورة لم تفشل بعد؟

أولا: لأن طبيعة الثورات الشعبية تمتد لمراحل زمنية تطول أو تقصر ولا تستقر، إلا بعد أن تحقق طموح شعبها وأحلامه. وعلى هذا، فالحلم الذي أوجدته ثورة يناير لا يمكن للشعب أن ينساه، ولا يمكن للسلطات الاستبدادية أن تقتلعه، وإن عملت على تحويله لكابوس.

ثانيا: لأن الثورات الشعبية تختلف في أشكالها وأساليبها حسب طبيعة المجتمع وطبيعة ثورته والأهداف الكبرى والجامعة التي يسعى إليها. وفي مصر، نلاحظ أن المجتمع يستدعي الثورة بشكل أكثر بطئا لكنه لا يستسلم.

ثالثا: أن الأحداث التاريخية الكبرى ينبغي ألا يكون الحكم عليها نهائيا في ضوء القراءات الآنية والمتعجلة لنتائجها، بل يتم تقويمها وفق حقب تاريخية طويلة نسبيا، حتى يكون الحكم على نتائجها أقرب ما يكون من الدقة والصحة.

رابعا: أن كل ثورة شعبية هي انتصار بذاتها، بغض النظر عن النتائج التي حققتها؛ فالثورة على الظلم والقهر والتخلف والتبعية هي انتصار بذاتها؛ لأنها تبرئ الإنسان من كل ما يدنسه وما يشين خصائصه الأساسية بوصفه إنسانا.

كما يجب أن أذكر ونحن على أبواب الذكرى السابعة لثورة يناير العظيمة، أن الثورة من أجل الكرامة والحرية والعيش اللائق بالإنسان واجبة بذاتها؛ لأنها ضرورة تجعل الإنسان يتسق مع ذاته ومع خصائص خلقه المكرم، كما أنها تستقيم مع تطلعاته الفطرية.

لماذا لم تستكمل ثورة يناير نجاحها؟ وما هو تصورك لاستكمالها؟

أنا ممن يحملون النخبة السياسية المسؤولية الكاملة عن عدم استكمال ثورة يناير حتى الآن، ولا أرى مبررا لمن يلقي بهذه المسؤولية على أكتاف الشعب الذي قام بكل واجباته، حتى افتقد القيادة الرشيدة فتوقف عن الأداء في انتظار نخبة أو قيادة جديدة.

ولذا، فالسبب الرئيسي من وجهة نظري في عدم استكمال الثورة يرجع لهشاشة البنية السياسية للمعارضة وتفرق النخبة والرموز السياسية، فضلا عن افتقاد هيكل للقيادة على قدر المسؤولية الوطنية، ولهذا، فهم لم يستطيعوا حتى الآن أن يتجاوزا انقساماتهم أو يعبروا أيديولوجياتهم ليبنوا لحمة وطنية للإنقاذ ومشروعا للمستقبل، وحين يحدث ذلك لن يتأخر النصر إن شاء الله.

أما عن تصوري لاستكمال ثورة يناير، فهو ممكن ومتاح من خلال عدة قواعد ومبادئ لابد من التوافق عليها:

1. ضرورة تأكيد أن “مشروعنا السياسي” لا ينفك عن ثورة يناير، وأننا نسعى لاستعادتها وتحقيق أهدافها أو استكمالها بكل أساسياتها وتقاليدها وقيمها ورموزها وكياناتها؛ فنحن لا نسعى لثورة جديدة، وإنما لاسترداد ثورتنا المختطفة واستكمالها.

2. الخروج فورا من الثنائيات القاتلة للثورة المصرية وأخطرها ثنائية (العسكر/ والإخوان) وثنائية (الإسلامي/ وغير الإسلامي)، ومن ثم ضرورة تأكيد ثنائية (الثورة/ والثورة المضادة)، وثنائية (الحرية/ والاستبداد). فلا ينبغي أن ننسى أن من أهم أسباب نجاح الانقلاب وسر بقائه حتى الآن، مرتبط بخريطة الصراع التي فرضها وحرص عليها بقوة، والتي تعتمد بالأساس على أن جوهر الصراع هو بين الدولة والإخوان.

3. لا بد من العمل على إعادة بناء الجماعة الوطنية على أساس المبادئ المشتركة التي تتيح حشد القطاع الأكبر من الشعب وقواه السياسية، ووفق مشروع وطني جامع يرسم خارطة المستقبل، فيما بعد التخلص من الوضعية الكارثية والاستثنائية التي تعيشها البلاد، وذلك بمشاركة كل الرموز والكيانات الوطنية دون استثناء أو إقصاء والاقتداء في ذلك بـ 18 يوما، عاشت فيهم مصر أعظم أيامها؛ ذابت فيها كل الجدر العازلة، وانصهرت كل القوى في بوتقة واحدة، ولم تكن هذه اللحمة مجرد أحلام، بل كانت واقعا حيا وتجربة حقيقية للنضال والعيش المشترك، هي أهم ما صدرته مصر للعالم خلال الستين عاما.

4. لا بد من حرمان الانقلاب من أهم نقاط قوته وتمركزه في المجتمع وأخطرها “تمزيق للمجتمع” بصورة لم تحدث من قبل. وهنا لا بد أن نؤكد أن “المصالحة المجتمعية” و”التوعية الشاملة” هي المسمار الأخير في نعش الانقلاب ومن ثم الديكتاتورية، وفي هذا الإطار، فإن المصالحة المجتمعية تعد ضرورة لتجاوز الانقسام الذي يتغذى عليه الانقلاب، كما يمكنها أن تكون أهم سبل محاصرة مخططات النظام في البقاء والاستئثار.

5. لا بد من كسر حالة الاستقطاب السياسي والقبول بتعدد المسارات المعارضة للانقلاب وللاستبداد بأشكالها المختلفة الثورية والاحتجاجية والسياسية، وذلك حيث يمكن أن تتحرك كلها على خطوط متوازية وغير متقاطعة، وتصب جميعا في مشروع واحد يحقق هزيمة الديكتاتورية وإنهاء الاستبداد، وذلك في إطار رؤية كلية تهدف لاستنفار كل الطاقات وتوجيهها وجهة واحدة للمنازلة الكبرى، فالاستبداد يستهدف الجميع ويتقوى على الانقسامات ويوظفها لصالح استمراره في الحكم.

6. لا بد من طمأنة كل الأطراف بل والمؤسسات التي ورطها الجنرال في الوقوف معه في خندق مناوئ لثورة يناير؛ فالأزمة المصرية التي صنعها الانقلاب عميقة وتستدعي احترافا في التعامل مع كل الأطراف، بما يؤدى لعزل الجنرال وأعوانه بعيدا عن جسم الدولة وكيان المجتمع، وهو ما يضمن نجاح الثورة بأقل خسائر لكليهما.

7. ضرورة بناء خطاب سياسي وإعلامي رشيد يعمل على تفكيك جبهة الانقلاب وليس استنفارها، كما يعمل على استيعابها لا استبعادها، كما يعمل على التقريب بين القوى المتضررة من النظام الحالي وليس استمرار تنافرها والصراع فيما بينها، كما يبشر بمستقبل البلاد في ظل أهداف يناير وليس التخويف من هذا المستقبل.

8. العمل على تطوير “الخطاب الجماهيري” وتغيير ديناميات “الحراك الشعبي” لينشغل بشكل أساسي بالقضايا الاجتماعية ومعاناة الغالبية الساحقة من الشعب، لأن الثورة الشعبية تفقد أهم عناصر قوتها إذا انشغلت فحسب بالقضايا السياسية ذات الطابع والاهتمام النخبوي. كما أن الانشغال بمعاناة الناس من أهم أسباب تجسير الفجوة بين القوى السياسية، حيث تصبح معاناة الناس هي الهم المشترك للجميع.

9. العمل على حشد كل القوى والمواقف الرافضة للاستبداد، وذلك على أساس أننا نواجه معركة شرسة ذات أبعاد عميقة لا يمكن الاستغناء فيها عن طرف مهما كان حجمه وأيا كان موقعه، وهذا يستدعي ترميم العلاقات التي نسفها مخطط الانقلاب وبناء رؤية شاملة لإدارة الصراع، تستفيد من كل تناقضات الساحة السياسية والتحولات الجارية فيها.

10. ضرورة التسليم بالحاجة لمرحلة انتقالية جديدة يتم إدارتها من خلال تشارك واسع لا يقصي ولا يستثني أحدا، كما ضرورة الاعتماد على آليات العدالة الانتقالية لتجاوز المظالم على أسس عادلة وفتح صفحة جديدة لمجتمع يتوق للاستقرار وينشد الرخاء والحرية.

11. لابد من تأسيس “البديل الوطني” المؤهل لإنقاذ الدولة والقادر على التعامل مع مشكلات المجتمع والتعاطي مع العالم وفق ظروفه ومعطياته بالغة التعقيد، وأنه لن يكون بحال صورة طبق الأصل من النظام الحالي الذي أقصى الجميع. ولايزال التحدي الرئيسي أمام كل الحركات والرموز الوطنية المصرية، هو كيف يمكنها إعادة ترتيب أوضاعها وشق طريق جديد يستوعب كل التناقضات السياسية والأيديولوجية، وبناء هيكل عام للحركة يستطيع أن يتحدى الاستبداد ويهزم الديكتاتورية.

12. لا بد من التعامل الواعي والمتطور مع التغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة التي تهيئ المنطقة لأفول نجم الثورات المضادة، وتضع بلادنا في موضع جديد وظروف جديدة تؤهلها لاستكمال ثورتها، كما يجب العمل على اكتساب الأنصار وتخفيض الخصومات، فالثورات ليست بلا عقل كما يتصور البعض.

مقابلة للزمر مع “عربي21″،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى