#الزعبي يطلق رصاصتين في #سماء_الوطن: إحداهما للحرية.. والأخرى للثرى الطاهر
لقد أطلق #أحمد_حسن_الزعبي رصاصةً في سماء الوطن، كانت عنوانًا للحق وكشف المستور، “رصاصة” تسطع كالنجم في ظلماء الليل، تحمل بين شظاياها آهات المظلومين، وتنقض على الفساد والفاسدين، فاضحةً كل مَن تسول له نفسه استغلال هذا الوطن الطاهر. لم تكن مجرد كلمة أو سطر، بل كانت حياةً كاملةً خطّها بقلمه الثائر.. فرغت يداه الملطختان بشقاء السنين، وكرس كامل حياته لخدمة وطنه.
منذ نعومة أظافره، كان الزعبي يرضع من ثدي الوطن حبّه ويستنشق زفيره، فتربى على حب ترابه كما يتربى الفارس على سيفه،وُلِدَ وفي فمه أبجديات الدفاع عن هذا الوطن، حريصًا عليه، لا يدع ريحًا يمسّ أرضه ولا خيانة صغيرة تلوث طهارته، ويخشى أن تهب نسمة عابرة فتلمس ترابها.. كان يرفع راية الانتماء في كل خطوة، يراقبها بكل حذر، كأن الأرض كلها موطنه.
لقد أخطأت الحكومة خطأً فادحًا حين أغلقت أمامه أبواب الحرية وقيدت الكاتب أحمد حسن الزعبي.. ظنوا أنهم بسجنه سيطوون صحيفته، ويطفئون لهيب قلمٍ ما كان له إلا أن يشعل النيران في وجه الفساد.. ظنوا أن حبس الزعبي سيمنعه من الكتابة، وسيحجب عنه الضوء، فبدلاً من أن يصمت، زادت شعبيته، وارتفعت نبضات قلب الوطن مع كل حرفٍ يخطه من خلف القضبان، وأصبحت كلماته تذاع وتُعاد نشرها من جديد، يتداولها الناس ويقتبسون منها.
لقد أخطأوا خطأً عظيمًا حين ظنوا أن الزعبي، بمجرد أن تُقيد يده خلف الأسوار، سيتوقف عن الكتابة.. فإذا به يرسل رسائل من سجنٍ ضاق عليه، يكتب بحرية الروح وقوة الكلمة، يتغزل بالوطن الذي عشق ترابه، كطائرٍ محبوسٍ منذ زمنٍ طويل، يحن إلى السماء التي تحمله، لكنه لا يجد سوى القيود التي تحصره، ومع ذلك، يظل قلبه حرًا في حب وطنه.
الزعبي حزين، مثلي، لكن حزنه لم يكن كحزن الآخرين، بل كان حزنه ممزوجًا بالفخر، عميقًا كبحرٍ لا تهدأ أمواجه.. أعرف ملامحه الحزينة التي تتأرجح بين ابتسامةٍ عذبةٍ وقهرٍ لا يسعه قلب، قهرٌ من رجلٍ يرى وطنه ينهار تحت وطأة الفساد والفاسدين، ويصرخ في وجه الظلم ولا يُبالي بالألم.. قهرٌ من رجلٍ كان يراقب وطنه يترنح تحت ضربات الفاسدين الذين مزقوا ثوب الوطنية، نهبوا خيراته وغادروا، بينما بقي هو، ونحن أبناء الشعب الأردني، يحمل ونحمل قلب وطنٍ لا يساوم عليه.
أعرف الزعبي جيدًا من ملامح وجهه التي تحكي قصصًا من الكبرياء والعز.. فجريحٌ مثلي يعرف جرحًا مثله، وحزينٌ يعرف الحزن ومرارته، وغيورٌ على وطنه لا يُخطئ مسالك قلبه.. وغيور على وطنه يعرف كيف يكون الصمت في وجه الظلم أقوى من كل الكلمات.
ترى في ملامحه رجلًا وطنيًا صلبًا، يعشق كل شجرةٍ في وطنه، وكل زاوية في ساحة بلاده، ويذوب في حب هذا التراب الطاهر الذي لا يُقدّر بثمن.
على حكومة جعفر حسان، التي نالت ثناء الكثير من أبناء الوطن حتى اللحظة، أن تفرج عن الكاتب الصحفي أحمد حسن الزعبي، فذلك سيسجل لها إنجازاً كبيراً في تاريخ حرية التعبير، ليس فقط بالإفراج عن الزعبي، بل بفك القيود عن الحريات كافة.
اعتقلوا جيوبنا، لكن نرجوكم أن ترفعوا القيد عن ألسنتنا، فنحن أبناء الأردن الغيورين عليه، الذين قدمنا أرواحنا قرباناً لأرضه وكرامته.