الرُهاب الاجتماعي ..وعدوى الخوف من الأنفلونزا في الأردن.
ا.د حسين محادين
(1)
علميا؛ الرُهاب الاحتماعي هو نوع من القلق النفسي والاجتماعي العام معا، ويظهر بوضوح وشمول، عندما يشعر الفرد أو الجموع أن خطرا ما يهددهم او يواجههم في يومياتهم التي كانت مستقرة قبل ظهور هذا الرهاب وأعراضهم الخطرة عليهم.
(2)
من منظور علم النفس الاجتماعي؛ لعل الاهم في ظهور هذا الرهاب المتنوع الاعراض كمرض عام ثقافي وذهني خطير عند الجمهور، هو تضخم تأثير “الخوف الجمعي” على يوميات الناس،إذ يكمن في ارتباطه كمرض مُتناقل كالاشاعة غالبا، بتوفر العوامل والسلوكيات العفوية المؤججة له بين الناس في الاردن دون تفكير أو تمحيص بصحة ما يتداول عنه في العقل الكلي للجموع، ومنها ما هو آت ِ:-
أ – وجود حالات مرضية في الأنفلونزا فعلا ما يُشعر الناس بظهور مهددات طارئة عليهم لا تخلو من الغموض المعرفي وأسبابها، واعراضها الدقيقة لديهم كمواطنين غير مختصين في الطب، تهدد حياة الأفراد في مجتمعنا الأردني مثلا.
ب- التناقل المتنام للأخبار الشفاهية اي الوجاهية /وجهاً لوجه في الجلسات العامة، والأفراح والعزيات النوادي ، المواصلات العامة ..الخ.
وهي احاديث غير علمية طبيا كما يؤكد المختصون،، لكنها أكثر وأسرع تأثير لدى المستمع من مجمل توضيحات السياسين والأطباء معا.
( 3 )
ولهذه الحالة اي الرهاب الاجتماعي سمات لافتة الدى المحلل العلمي لها كسلوكيات غير متوازنة أو متوقعة النتائج، جراء سرعة انتشارها وامكانية تدحرجها ككرة الثلج بين المتلقين القلقين اصلا، جراء تنام جرعة وسطوة الخوف، أو حتى التوجس لدى هذه الجموع التي تشبه القطيع الخائف، خصوصا أن ما ابرز ما يُغذي خوفها كجموع ما يُتداول ويتضارب من اخبار وصور مختلفة عن هذا المرض عبر وسائل التفاعل الاجتماعي المتنوعة .
فهذه الوسائل التكنولوجية اصبحت هي الأكثر شعبية وتأثيرات في إحداث عدوى الكلام غير العلمي أو الدقيق عادة، وبصورة لحظية لدى الدهماء جراء التفاعل الفوري بين مختلف شرائح المجتمع وبغض النظر عن المستوى التعليمي/الاقتصادي أو حتى الصحي هذا من جهة اولى، ومن الجهة الموازية هو استمرار ضعف وتباطىء الخطاب الاعلامي الذي يمكن أن يُضعِف أو يُبدد مثل هذه المخاوف لدى الكتلة البشرية الاردنية الخائفة كثيرا من هذا المرض الغامض بالنسبة لها.
ف “الغموض المعرفي لدى العموم بخصوص جوهر وحجم انتشار مرض الأنفلونزا، والإعداد الحقيقية للموتى بسببه..الخ .
وكلها عوامل تنمي وتوسع حجم الاحساس الجمعي بالخوف ،وزيادة اضطراب سلوكياتنا الحياتية أردنيين هذه الايام، ترابطا مع تعاظم تأثير ووسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر كيفما يحلو للكتاب من اراء وتأويلات واشاعات بغض النظر عن صحتها”
(4)
ثمة عاملان هاكات قادت إلى بداية تبلور هذا الرُهاب الجمعي هما “الغموض المعرفي لدى المستمعين والمشاهدين، ودور التكنولوجيا الإعلامية المتعاظم هما الأقوى من توضيحات الحكومة المتباطئة جدا في طمأنة الجموع مقارنة مع تضخم حجم ومظاهر الرهاب الاجتماعي الآخرة في الازدياد من مرض الأنفلونزا في الأردن.
اخيرا؛ أن انتشار الخوف بين الجموع على حياتهم أو حتى خشيتهم من الاصابة بأمراض غامضة كل مثل هذا النوع من الانفلونزا مثلا انما يربك انتظام الحياة ويعمل على غياب الثقة في التفاعل الطبيعي المفترض قبل سيادة ذلك الخوف مع ومن الآخرين كالسلام، التقبيل، المصافحة، التحاور في الجلوس العُطاس، تناول الاطمعة والمشروبات…الخ.
اخيرا..لاشك أن منسوب الرهاب الاجتماعي آخذ في الصعود بين الاردنيين للأسف جراء استمرت غياب المصدر الرسمي اليومي المخاطب للخائفين بعلمية وباحصاءات دقيقة، وزيادة منسوب وعناوين ومصادر التوعية الوقائية الإجرائية بالضد من هذا المرض ومصاحباته الرهابية بين الناس. وما الضير من استثمار المدارس والجامعات والجوامع والكنائس والدواوين العشائرية ووسائل الإعلام المختلفة، في القيام بحملة وطنية بالضد من المفاهيم الخاطئة والمعلومات غير المتخصصة التي تنخر ارواحنا وتزيد من هواجس الجموع المتنامية خوفا من هذا المرض ومآلاته في المجتمع الأردني.. فهل نحن فاعلون ..؟
-*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
– عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية.