تصريحات رئيس لجنة الطاقة النيابية تجافي الحقيقة . . !

تصريحات رئيس لجنة الطاقة النيابية تجافي الحقيقة . . !
موسى العدوان

تحت مانشيت عريض نشرت جريدة الرأي الأردنية يوم الثلاثاء 7 / 2 / 2017 الخبر التالي : ” الطاقة النيابية ” تحمّل الحكومات السابقة مسؤولية التأخر في بناء المفاعل النووي. وفي تفاصيل الخبر قالت الجريدة ما يلي وأقتبس : ” حمّل رئيس لجنة الطاقة النيابية علي الخلايله الحكومات السابقة المسؤولية الوطنية الكاملة لتأخرها في بناء محطات نووية سلمية لتوليد الكهرباء في الأردن.

… وأوضح أن ما تحمّله الأردن من تكاليف باهضة في فاتورة الطاقة خلال السنوات الماضية، والتي أرهقت خزينة الدولة، كان سببه تقاعس الحكومات في تنويع مصادر الطاقة والدخول في هذا المجال منذ عشرين سنة. وأشار إلى أن مشروع المحطة النووية مشروع وطني ريادي، وأنه قفزة نوعية للدولة الأردنية في تحقيق قرار الاستقلال بالطاقة ، وتدريب قوة بشرية أردنية في مجالات متقدمة جدا، وتوفير فاتورة نفط باهظة ترهق خزينة الدولة “. انتهى الاقتباس.

عندما قرأت هذا التصريح الغريب دفعني الفضول أن أعرف مناسبته ومؤهلات صاحبه، معتقدا أن وراءه عالما وخبيرا نوويا أجرى تقييما للمشروع، وخرج بتلك التصريحات اللافتة. ولكني فوجئت بأن سعادة النائب مطلق التصريح، يحمل من الناحية الأكاديمية شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة لبنانية، وأن خبرته العملية تتعلق بتجارة العقارات، وكان عضوا في مجلس النواب السادس عشر. كما أفادني أحد الأصدقاء بأنه النائب الذي أعاد أداء القسم خمس مرات، في أول جلسة لمجلس النواب الثامن عشر.

وبناء على ما تقدم فإني أتساءل كيف تم تعيينه رئيسا للجنة الطاقة – مع احترامي له – طالما أن لا يحمل مؤهلا علميا في الطاقة النووية أو البترولية أو الكهرومائية أو الطاقة المتجددة أو غيرها ؟ فاندفع بتصريحه البليغ بعد أن زار مع لجنته الموقرة، موقع المفاعل البحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا، رغم معارضة المجتمع المحلي له.

ورغم أنني لست متخصصا في موضوع الطاقة النووية، إلا أن معلوماتي العسكرية من خلال دراساتي في كليات الأركان وكليات الحرب المحلية والأجنبية، حول استخدامات هذه الطاقة وتأثيراتها العسكرية، وفوائدها السلمية للمجتمع، تمكني من الحديث حوله بصورة عامة.

وبناء عليه فقد عارضت هذا المشروع من بدايته، وكتبت في ذلك عدة مقالات كان أولها في عام 2011 بعنوان ” أوقفوا مشروع الانتحار النووي “. كانت معارضتي له تنطلق من نواح أمنية، ومالية ، ومائية، بعيدا عن النواحي الفنية التي تركتها لأصحاب الاختصاص، ولا بأس من التذكير بها في هذه المناسبة.

فمن النواحي الأمنية هناك تهديدات محتملة أيام السلم، تتلخص بأعمال التخريب من قبل جماعات متطرفة أو إرهابية، إما باستهداف المفاعل نفسه أو بتدمير جزء من خطوط المياه الواصلة إلى المفاعل والتي يبلغ طولها 60 كيلو مترا. ناهيك عن ظروف الحرب وما تحمله من مخاطر القصف الجوي والصواريخ، وما قد ينتج عنها من إشعاعات نووية ضارة. ورغم الإدعاء بالأمان الذي توفره المفاعلات الحديثة، إلا أن الدول المتقدمة عجزت عن تفادي مخاطرها.

ومن النواحي المالية فإن مديونيتنا العالية لا تسمح لنا بالمجازفة في مشروع خطير، مكلف ماديا وصحيا وبيئيا ويحتاج إلى مدة طويلة لإنجازه. يقول راعي المشروع أن المفاعل يكلف 10 مليارات دولار، دفعت الحكومة منها 3 مليارات دولار ويبقى 7 مليارات، ستمول عن طريق المستثمرين في المشروع. فمن يضمن وصول أولئك المستثمرين؟ ومن سيلتزم بالسداد لو فشل أو تعثر المشروع ؟ علما بأن الحاجة ليست لمفاعل واحد بل لمفاعلين، لإدامة العمل في حالة تعطل أحدهما أو حاجته للصيانة. وستتضاعف الكلفة ولكن بعد أن نتورط في البدء بالمفاعل الأول لكي يصعب علينا التراجع عن العمل.

ثم ما هي الحاجة لمفاعل نووي أو مفاعلين، طالما أن الصخر الزيتي والطاقة المتجددة، متوفرين بسعر أرخص ودون مخاطر بيئية أو أمنية وبوقت إنجاز أقصر ؟ لاسيما وأن هناك العديد من الدول التي ستغلق مفاعلاتها في السنوات القادمة ؟ ومن الجدير بالذكر أن الدول الأوروبية، ستنشر أعدادا كبيرة من لواقط الطاقة المتجددة في الشمال الأفريقي، لنقل إنتاجها من الكهرباء بواسطة الكوابل إلى أوروبا، التي تفتقر إلى طاقتي الشمس والرياح.

أما من الناحية المائية، فلا أعتقد أن المياه العادمة من محطة الخربة السمراء – وليس بحر الخربة السمراء – ستكون كافية لإمداد المفاعل بملايين الأمتار المكعبة من المياه في الأحوال العادية، ناهيك عن الحاجة لكميات مضاعفة من المياه لتبريد المفاعل في حالة حدوث عطل طارئ به. والأمر المستغرب هو أن يقارن مسئولو هذا المشروع، الأردن بالدول الغنية ماليا ومائيا ويسعوا لمنافستها.

وفي الختام أود أن أوجه السؤال التالي إلى رئيس لجنة الطاقة النيابية الموقر: هل تهدف يا سعادة النائب من وراء تصريحك هذا، أن تقلب الحقائق وتخدع الشعب، الذي يعرف حقيقة هذا المشروع الكارثي، بعد أن تلقيت مع لجنتك عملية غسل للدماغ، من قبل مدير المشروع وأقنعكم بجدواه كما يحلم به ؟ نتائج هذا المشروع يا سعادة النائب لن تظهر إلا بعد وقت طويل. وقد قال أحد المسئولين في سالف العصر والزمان: ” فليكن من بعدي الطوفان . . ! “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى