الروسيات الفاتنات
منذ شهور وانا اتابع من شرفة شقتي في مدينة روسية ، ورشة بناء قريبة . من باب التسلية اراقب العمال وهم يبنون طابقا اثر طابق حتى وصلوا للطابق السادس ، فكان لزاما على صاحب العمل استبدال الرافعة الصغيره باخرى عملاقة, تتولى رفع الاخشاب والحديد والاسمنت وسواها من ارض الورشة الى سطح البناء او العكس .
تلك الرافعة الضخمة هي اكثر ما يثير انتباهي في تلك الورشة ، وكم حاولت ان ارصد باكرا سائقها وهو يتسلق برجها الذي يبلغ ارتفاعه اكثر من خمسين مترا ليصل الى غرفة القيادة ويبقى هناك معلقا بين السماء والارض مدة تسع ساعات واحيانا اكثر . يقوم العامل على ارض الورشة بصب خلطة الاسمنت داخل حاوية حديدية ضخمه ، ثم تتدلى ذراع الرافعة بالقرب منه وقبل ان يشرع السائق برفعها يلتقط اشارة ، لقد فتح العامل ذراعيه بشكل جانبي توقف السائق عن رفع الحاوية الحديدية ، لقد اكتشف العامل ان احدى الكلابات الاربع الممسكة بالحاوية قد افلتت من حلقتها فيعيد تركيبها ثم يمد ذراعيه مرة اخرى ولكن هذه المره الى الاعلى بخط مستقيم ، يلتقط سائق الرافعة اشارة العامل فيبدأ برفع حاوية الاسمنت ليضعها على سطح البناء .
كنت اتساءل في نفسي أي جلد واي صبر يحمل ذلك السائق لاتمام مهمته على اكمل وجه . الى ان فوجئت ذات صباح بسيدة شقراء رشيقة تتسلق برج الرافعة تحمل حقيبة على ظهرها ربما تحوي بعض المأكولات الخفيفة التي تعينها على اداء وظيفتها الشاقة طوال النهار ، صرت كل صباح انتظر موعد قدومها الى الورشة، اراقبها منذ ان تطأ قدماها قاعدة الرافعة الى ان تتسلق السلالم الحديدية المحاطة بقضبان ملتوية في اعلاها ، تمر من خلال القضبان تقف على قاعدة ثم تستريح قليلا لتكمل مسيرتها الى الاعلى حيث غرفة القيادة .
اذن كانت امرأة ، تلك التي تقود وتحرك الآله العملاقه طوال اليوم ، في الحر وفي البرد وتحت المطر ، تكافح من اجل ان تحيا بكرامة .
لقد شاهدت في روسيا نساءا يقمن بكل المهام التي يقوم بها الرجال ابتداءا من عاملات النظافة في الشوارع مرورا بسائقات حافلات النقل الضخمة ، وفي ورش السيارات ، وفي المراكز والمستشفيات ، يملأن الاسواق كبائعات لكل انواع البضائع ، ولكنها المرة الاولى التي كنت اشاهد فيها سيدة تقوم بمثل هذا العمل المضني ، اذ لا اتصور ان يحشر شخص نفسه داخل غرفة صغيرة معلقة في الهواء طوال ساعات النهار ، لينزل منها ويهبط الى الارض بعد غروب الشمس .
ونحن على اعتاب اليوم العالمي للمرأه الذي يصادف في الثامن من اذار هل اعلامنا العربي معني بتسليط الضوءعلى قصص النساء المكافحات في العالم سواء كن عربيات او روسيات او بنغاليات او اية قومية اخرى ؟
ابني سألني قبل ايام ما هي قصة الراقصة الروسية ( جوهره ) التي تضج باخبارها كل المواقع الاعلاميه الالكترونية ، تملكني الفضول فكتبت اسمها على محرك البحث غوغل لتظهر عندي العناوين التاليه :
– راقصة روسية تثير الجدل في مصر بسبب معايير ملابس الرقص .
– جوهرة تطير الى روسيا للمشاركة في تحكيم مسابقة رقص .
– بعد فضيحتها ، جوهره في موعد غرامي مع زوجها ، تعرفوا عليه بالصور.
– مصر تتراجع عن ترحيل الراقصة الروسية الشهيرة بـ “جوهره” .
– الراقصة ” جوهره” احضروا لي الشوكولاته في السجن .
– الراقصة الروسية ” جوهره” تكشف عن موقفها من تشجيع مصر في كأس العالم.
– قبل فضيحة ” جوهره” الراقصه صافيناز ترقص بدون ……
هذه عينة بسيطة مما يؤرق وسائل اعلامنا، الا من رحم ربي ، قصص الروسيات الفاتنات اللواتي يتوافدن الى البلاد العربية للعمل في المراقص والملاهي الليلية ، ويجري اطلاق اسماء عربية عليهن ، وما هي الا شهور حتى يجري تلميعهن من خلال نشر كل شاردة وواردة عنهن ، ويتم كذلك استضافتهن في برامج حوارية عبر قنوات تلفزيونية عريقه لها جمهورها العريض .
النساء الروسيات معروفات على مستوى العالم بجمالهن الفاتن ، ولذلك يجري التركيز عليهن اكثر من سواهن من قبل صانعي الاعلام ، ولكن هل نطمع بأن تفرد ولو مساحة بسيطة للتركيز على الروسيات المكافحات من اجل لقمة العيش ، اللواتي يقاومن اغراء المال الوفير داخل الحانات والمراقص ، ويخترن الصعود الى الاعالي كل صباح حيث الهواء المنعش الخالي من روائح السجائر المختلطة بأنفاس السكارى . صدقوني انهن الفاتنات الحقيقيات .
Raed_alia@yahoo.com