الرصَد
بعد العصر محسن وصديق عمره أنور الأهتر انطلقا ليلهوا في الكرم الغربي للمختار.
ما بين الحفر في التراب و تسلق الأشجار واللهو معاً , وصلا لمكان فيه فتحة شبه دائرية في الصخر لفتت نظر أنور الذي لأول مرة يشاهدها بينما محسن يعرفها من قبل .
فقال أنور : ئي وتو هاي (ئي وشو هاي)
ليجيبه محسن : هاي مغارة وبيها رصَد لا تقرب عليها هيتش حتشى جدي
فيرد أنور : وتو يعني رتد (وشو يعني رصَد)
محسن : يعني بي عليها حنيش اسود بحرسها من خوف ما حدى يفوت جواتها
أنور : وتو في دواتها (وشو في جواتها)
محسن : جدي حتشى فيها حنيش كبير كبير وبُزرط كل واحد بده يفوت بيها
أنور : ابييييه يعني الحنيت قد النعدة (ابييييه يعني الحنيش قد النعجة)
محسن : لا ولك يا هبيلة اكبر, يعني بدك تقول قد البقرة
أنور : ول هالددة تبير (ول هالقدة كبير)
محسن : آه خلينا نبعد من هون أحسن ما يطلعلنا
وبينما هما يتحادثان يسمع أنور صوت حشرجة بين الأعشاب الجافة لينطلق بسرعة البرق مبتعداً عن فوهة المغارة وتبعه محسن , و صاح أنور قائلاً : الحنيت تلعلنا ارتُد لا يُدرتت
(الحنيش طلعلنا أُركض لا يُزرطك).
فعلاً ابتعدا عن المكان ولاذا بالفرار بسرعة البرق خوفاً من الرصد . ولكن حقيقة الأمر يا أعزاي انه لا يوجد رصد ولا حنيش , فالموضوع عبارة عن كذبة كذبها المختار على حفيده محسن كي لا يقترب من هذا المكان الخطير والذي هو عبارة عن بئر عميق ومهجور .
يصل كل من محسن وأنور الى ساحة القرية وأول من التقى بهما هو مفضي المقحمش حيث لفت انتباهه شحوب وجهيهما فبادرهما بالسؤال الأتي : ولكوا مالكوا وجوهكوا مثل الليمونة تقول انكوا شايفين ظبع .
فيجيبه محسن : مش ظبع يا عمي هاظا الرصد اللي بكرم جدي بقى لاحقنا وانهزمنا منه
ويُضيف أنور قائلاً : وبدى بده يُدرتنا درت (وبقى بده يُزرطنا زرط).
يضحك مفضي بعلو صوته وهو يقول: الله يجازيكوا وأنتوا شفتوا الحنيش ؟
فيجيبه أنور: لا ما تُفنا بت تمعنا توته بين العُتبات (لا ما شُفنا بس سمعنا صوته بين العُشبات)
يستمر مفضي بالضحك ويقول: ديروا بالكوا لا تروحوا لغاد مرة ثانية .
للعلم صوت الحشرجة بين الأعشاب كان لحرثون قد تحرك هارباً من حركة اقدام محسن وأنور .
قد يكون الهدف من تخويف محسن وأنور بالرصَد او الحنيش هو إبعادهما عن الخطر .
ولكن ما رأيكم فيمن يخوف الآخرين برصَد هنا ورصَد هناك لإبعادهم عن عين الحقيقة .
رائد عبدالرحمن حجازي