الرسم عبر الشم للمعاقين بصرياً.. ابتكار أردني فريد من نوعه

سواليف
بتكار أردني عجيب من المنتظر أن يحدث نقلةً في عالم الفن التشكيلي، إذ أصبح بإمكان ذوي الإعاقات البصرية في العالم أجمع خوض تجربة الفن عبر الرسم، فقد استطاع الرسّام والفنان التشكيلي الأردني سهيل بقاعي، اكتشاف وسيلة لتعليم الأطفال من ذوي الإعاقات البصرية والمكفوفين؛ الرسم والتمييز بين الألوان عبر حاستي الشم واللمس دون النظر.

– الرؤية هي البرهان

وبتوجيه إبداعاتهم الفنية بطريقة مبتكرة وصحيحة، استطاع بقاعي تنظيم ورشة تدريبية لتعليم المكفوفين وضعاف البصر الشديد على الرسم وفن التلوين بالاعتماد على حاسة الشم، ليصار بعدها إلى عرض لوحاتهم في حديقة المتحف الوطني للفنون الجميلة في الأردن، ضمن ورشة تدريبية بعنوان (الرؤية هي البرهان)؛ لإبراز مواهب المكفوفين وتنمية قدراتهم بالرسم والسعي لنقل ودمج هذه الفئة مع المجتمع.

ويعتمد بقاعي على طريقة “بريل” الخاصة بالقراءة للمكفوفين، ليتمكن الرسامون المكفوفون من تذوق لوحاته ورسوماته الفنية؛ ويقول في تصريح لـ “الخليج أونلاين”: “منذ سنوات وأنا أعمل بكل طاقتي على دمج فئة المكفوفين في المجتمع، حين وجدت في المكفوفين وضعاف البصر حساً مرهفاً ولديهم إبداعات وقدرات فكرية يمكن الاستفادة منها إن أحسنا توجيهها”.
– الفن بالبصيرة دون البصر

ويقول: “يتحسس المكفوفون علب الألوان ويخرج كل واحد منهم لونه المفضل اعتماداً على حاسة الشم القوية، ويبدأ بتلوين لوحته كما رسمها ببصيرته ومخيلته الواسعة، دون معرفةٍ ذهنية مسبقةٍ بهذا اللون وغالباً ما تكون رسوماتهم متطابقة تماماً مع الواقع، وهذا ما نسميه الرسم بالبصيرة قبل البصر”.

وتقوم فكرة الرسم عبر الشم من خلال تذوق أو شم عددٍ من الأطعمة، فاللون الأصفر يذكر برائحة الليمون وبذلك يتم رسم الشمس به، والأحمر يذكر برائحة الطماطم وبه ترسم الورود، والبني برائحة القرفة البرية فيتم به رسم سيقان الأشجار البنية، والأخضر يأخذنا إلى رائحة النعناع وبه نرسم الأعشاب والأشجار.

ويتابع بقاعي: “إنهم يرسمون بشكل جميل ولا أقول ذلك لأرفع من عزيمتهم، إنهم فعلاً مبدعون، فقدوا بصرهم وآخر منهم يرى بشكل جزئي، لكنهم يرسمون ببصيرتهم ما يعجز عنه المبصرون، نحن نأمل من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الوطنية الخاصة والرسمية في الأردن، دعم هؤلاء الأطفال وتنمية ما لديهم من مواهب خلاقّة”.
– فرصة جديدة للحياة

وأعرب الطفل الرسام محمد أبو حلاوة (15 عاماً)، الذي يعاني مشاكل بصرية، عن سعادته بالمشاركة في الورش الخاصة بالرسم عبر حاسة الشم، عبر انخراطه في البرامج التي تعنى بالمكفوفين الموهوبين من خلال الرسم عبر القدرة على التخيل عبر الأكاديمية الملكية للمكفوفين في العاصمة الأردنية عمان.

ليؤكد في حديثه لـ “الخليج أونلاين” أن “الرسم أعطاه وزملاءه فرصةً جديدةً في الحياة من خلال تعمقهم في لوحاتهم الفنية التي تعبر بالنسبة لهم عن الأمل والحب والغد المشرق بالرغم من الصعاب التي يواجهونها في حياتهم المعيشية”.

ويقول أبو حلاوة: “شعور جميل أن تستطيع الرسم دون مساعدة الآخرين، وأن تعرف الألوان دون أن تراها”.
– حالة فريدة من نوعها

وبحسب مختصين في الفن التشكيلي ممن تحدثوا لـ “الخليج أونلاين”، فإن هذا “اللون من الفن عبر الرسم عن طريق اللمس يعد خطوة رائدة وكبيرة في عالم الفن، خاصة أن هذه الخطوة تعد الأولى على مستوى الوطن العربي”.

وأقيم مؤخراً في العاصمة الأردنية عمّان، معرض خاص بالمكفوفين ضم ما يربو على سبعين لوحة من رسومات الأطفال المكفوفين، وعددهم 22 طفلاً وطفلة، في خطوةٍ داعمةٍ للفكرة التي تعتبر وليدةً في البلاد، فيما يأمل القائمون على البرنامج بالحصول على دعم لفكرتهم وتوفيرها لأكبر عدد من المكفوفين في الأردن والمنطقة العربية.

1

2

3< a href="https://sawaleif.com//wp-content/uploads/2015/11/a87ff679a2f3e71d9181a67b7542122c10.jpg">4

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى