الرجل الشجرة….ولعنة الكلمة !

الرجل الشجرة….ولعنة الكلمة !
بسام الياسين

وقف يراقب الشجرة في حديقته، من طرف نافذة غرفة نومه. همس محدثاً نفسه :ـ يا الله، لم تعد قادرة على حمل نفسها، حتى بالكاد هي تشيل اغصانها المنخورة واوراقها الذابلة . هبة ريح قد تطيح بها،رغم انها محمية داخل جدران مسورة و مسلحة بالحديد . ماذا تنفعها الاسوار، ان لم تحمها صلابتها الذاتية ؟!…..لقد تآكلت لدرجة لا احد يرميها بحجر لانها عاقر لا تعطي زهراً ولا ثمر. هل هي النهاية و ” لكل اجل كتاب ” ؟!.

بعد ايام قليلة سقطت كما توقع. كانت صدمته مضاعفة. كم تمنى ان لا يرى المشهد المروع،…ذكريات كثيره سقطت بسقوطها من ذاكرته . احس ان شيئاً انكسر بداخله.هي تجايله كما اخبرته والدته… تسآءل عن سر السقوط. سأل اهل الخبرة.عزا العارفون بعلم الاشجار، ان سقوط الشجرة يعود لديدان الارض التي قضمت جذورها… لم يقتنع بالاجابة، فقد كان قدرياً بطبعه…جذورها قوية سليمة،وتربتها طيبة فكيف تقوى ديدان ارضية على الاطاحة بشجرة باسقة.

اتجه الى منحىً مغاير.سأل من فتح الله عليهم، من ذوي البصيرة الخارقة،العارفين بالخفايا الخفية المعتكفين في الزوايا الصوفية ” عن سر السقوط. جاء الجواب حاسماً وقاطعاً :ـ انها “حفارة الخشب” اللعينة،تنخر الساق من الداخل، دون العبث بالقشرة الخارجية، حتى لا يتم مقاومتها او القبض عليها بالجرم المشهود…هي ذكية كالفاسدين المحترفين،تعمل خفية ولا تترك بصمة .حفارة الخشب هي كالنخب الفاسدة لا تنتمني للوطن، تأكله لحماً وترميه عظماً ـ ثم تتحلى بثمار اشجاره،فان شبعت، تُقطّعها حطباً للتدفئة، وتتلذذ بفرقعة الكستناء على جمرها،في ليالي الشتاء الطويلة.

نهاية مخزية !

ثمة عفن مقيم في الاعلام العربي، تمت برمجته منذ ايام الاحكام العرفية وقانون الطواري . الصحف شبه الرسمية هي دوائر خاصة لا يمكن التوظيف فيها الا بتوصية امنية،خاصة رؤساء التحرير.لا فرق ان كانوا مثقفين او اميين.حالهم حال رؤساء الجامعات، لابد من البصمة الامنية.لذا جرى البحث عن مغامرين لاغراقهم في وحولها.من اجل “ربربت اعلامي وتكبيره”، يجري عادة تسليط الضوء عليه بعدسة مكبرة لنفخه وتلميعه، حتى لو كان امعة او دودة لا ترى بالعين المجردة،لان اهم مهماته ان يكون خاتماً مطاطياً.السلطويون يعرفون، ان ” الامة بلا نقد امة عمياء”،لذلك يجب التعمية لتضليل شعبها.هذه المعادلةلا تكتمل الا بلجم العقليات النقدية التي لها تاريخها الفكري،الثقافي،السياسي.لذا فالنتيجة الحتمية، استيلاد امة بائسة قاصرة بعيدة عن التشاركية،ليبقى الامر كله بيد ولي الامر ـ وحده ـ..

الكلمة مقدسة، ومن يقبض ثمنها،فان لعنتها ستطارده كلعنة الفراعنة، ولو داخل قبرة.لعنة، قد تتأخر لكنها ستلذغ من يفتري عليها.ا قانون رباني وسُنة كونية،لا احد يفلت منها. الراحل ابراهيم نافع تربع على عرش صحيفة الاهرام (25) عاما،وهرب في ليلة مظلمة لدولة الامارات العربية، لانه متهم بـ ” تضخيم الثروة واستغلال نفوذه”،حيث نقلت صحيفة “اليوم السابع” المصرية عن مصادر رسمية، ان المتهم يمتلك ملايين الجنيهات في حسابات سرية،وفيلات وشقق بالاسكندرية وشرم الشيخ والقاهرة،كما اشترى قطعاً من الاراضي في مواقع مهمة باثمان بخسة، سعر المتر بـ ( 15 ) جنيه،وقطع اخرى سجلها باسم نجله. ثروة لا تتناسب مع دخله.

.

نهاية فجائعية لرجل هرب من بلده بجلده وهو على حافة قبره ،خوفاً من الملاحقة القضائية.عاش في دبي على كرسي متحرك،لا يقوى على تحريك يده، بعد ان كان يحرك بها جيشاً من الصحافيين.عاد ابراهيم نافع في تابوب خشبي لا يساوي بضعة دراهم .فهل نفعته الملايين، الاطيان،المزارع،السيارات، بعد ان تمرغ اسمه في الوحل وسمعته اصبحت ـ زي الطين ـ.الاهم ماذا سيقول لربه عن امواله الخرافية الذي جمعها من حرام طيلة عمره، في تلميع النكرات وتحطيم من يعارض سلطة ولي نعمته. ارثي لهؤلاء المطايا،وابكي حال امة فسد حبرها،واستنوق كُتابها.” فلا تعجبك اموالهم ولا اولادهم انما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا “.اسال كم ابراهيم نافع بقي بيننا ؟!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى