#الربح_المالي_السريع الكترونيا.. #قيمة و #جريمة مُستحدثة أردنيا
أ. د #حسين_محادين
(1)
أردنيا ، وتحديدا قبيل تسعينيات القرن الماضي، أي قبل ظهور الخصخصة كأحد اهم اذرع العولمة المالية التي تأثر والتحم بها النظام الاقتصادي الضعيف والمديون في الاردن.
لقد كانت حينها قيمة المال وسرعة جني الارباح العائدة من عمليات إدخاره لدى الاردنيين من منظور علم اجتماع الاقتصاد والجريمة معاً كانت اكثر اعتدالا فكراً وسلوكيات ظاهرة من حيث الاولويات لدى الافراد الميسورين ماليا ، اذ كانت البنوك ونسب توزيع ارباح الفوائد بنسب سنوية متدنية ومعلومة للجميع ، الامر الذي كان يحول ضمنا دون بروز شهوة الثراء المفاجىء والفاحش وبغض النظر عن شرعية او قانونية الوسيلة المتبعة لجمع المال كما حصل بعد تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن للأسف.
( 2)
ان عملية الاحتيال الالكتروني التي وقع ضحيتها الكثير من الاردنيين التي افتضحت بعض خلفياتها وحجم ارقام الخسارة فيها
تمثل ذروة التغير العميق والمتسارع في منظومة القيم بين العديد من الشرائح في مجتمعنا باتجاه سيادة القيم الفردية والمالية المجردة،إذ يمكن ملاحظة الباحث كيف تم فك الارتباط الاخلاقي التاريخي عبر الاجيال السابقة بين “شرعية” الوسيلة للاستثمار المالي ونسب عائداته كهدف في المحصلة ، فغدا هدف جني الارباح يتقدم على شرعية الوسيلة إذ اصبح الربح هو الوسيلة والهدف الأول للباحثين عن الثراء دون أي اعتبار للقيم الأخلاقية التي كانت سائدة قبلا. ولابد من التأكيد ان مثل هذه التعاقدات بين الباحث عن الثراء الجشع رغم معرفته المسبقة ان الارباح المعروضة عليه من قبل شريكه كعقد بين الطرفين “قائم على مثل هذه الاستثمارات/الادخارات المشبوهة اصلا” وان مثل هذه العمليات غير القانونية قائمة على الايجاب والقبول بين اطرافها لاتمام عقدها وان عائداتها المبالغ في نسبها تتنافى مع اي منطق للادخار في العالم علاوة على انها تمثل جريمة احتيال الكترونية متوقعة ومع ذلك اقترفها العديد من الاردنيين وبعلم مسبق انها مغامرة خطرة على مدخولات المشاركين المحدودة اصلا، مستذكرين هنا ولو متأخرين قاعدة قانونية مفادها ان الجهل بالمنطق والقانون لدى اي كان لا يعفيه من العقوبة او النتائج المرة الناجمة عن مثل هذه الممارسات الجشعة، ان هذه الجريمة المستحدثة كما نصنفها في علم الجريمة قد اضافت على ضغوط ومشكلات الاردنيين الاقتصادية ومحدودي الدخل هذه المرة عنوانا مضافاً وموجعا على تحديات مجتمعنا الراهنة.
( 3)
أخيراً..
أن التحليل والرصد العلمي للباحث لا يمكن ان يكون دقيقا دون ربط هذه العملية الاحتيالية عن سابقاتها من حيث ارتباطنا جميعا من حيث مضامينها الجشعة كتغير قيمي اخلاقي موجع ألا وهو البحث عن الربح بأي وسيلة كجزء من مصاحبات نظام حرية السوق الحر على اطلاقه الذي هو بلا قلب اصلا ” ومن هذه القضايا الاحتيالية في مجتمعنا الصغير الذي لم يعد محافظا كما كنا نردد :-
- قضية البورصة المالية خسائرها الكبيرة.
- التعزيم التي حدثت في جنوب الاردن.
- مشكلة اخذ البعض لسلع بالدين والدفع المؤجل وبيعها مباشرة باسعار زهيدة وهي ما يعرف ب”التكيش”.
وليس بعيدا عما سبق وبالترابط العضوي والجوهري بينها،هو مشكلة التواطىء المشترك بين البائع والشاري بدفع مؤجل عبر الشيكات البنكية رغم معرفة التاجر المسبقة بعدم ملاءة المشتري/الموزع المالية وليس بينهما سوى البحث عن الربح الجشع لكل منهما كما تشير نتائج دراسة الدكتوراة لإحدى طالباتي التي انجزتها بإشرافي قبل شهور في علم الجريمة -جامعة مؤتة والمعنونة بالعوامل المؤدية الى مشكلة المدينين “المتعثرين” ماليا من التجار الاردنيين من وجهة نظر القضاة والمحامين، هذه الازمة التي مازالت ضاغطة وبقوة على اعصاب الاقتصاد الوطني بكل أطرافه يا للوجع..
التساؤل الواخز الى متى سنبقى في هذه الدوامة وكاننا قوم لا نريد ان ان نكون ما نعلم مسبقا ومع هذا نمارس الخطأ والجشع معا..فهل نحن متعضون..؟.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة.