الرئيس لا يبالي.. تكتيك أم استسلام؟

الرئيس لا يبالي.. تكتيك أم استسلام؟
ماهر أبو طير

الذي يقرأ شخصية رئيس الحكومة جيدا، ويحلل تعبيراته السياسية، وطريقة تحركه، يشعر هذه الأيام، انه لم يعد معنياً كثيراً، كما فترات سابقة، بالبقاء رئيسا للحكومة.
قبل شهور كان الكلام يتسرب عن احتمال التمديد لمجلس النواب، وبالتالي التمديد للحكومة الحالية، او احتمال تأجيل الانتخابات النيابية، او حتى بقاء النواب حتى يسلموا نوابا جددا، او حتى تعديل الدستور الأردني لتغيير المادة 74 بحيث يبقى الرئيس حتى لو تم حل البرلمان، وفي السياق ذاته كانت لغة الرئيس الواضحة والمشفرة أيضا تؤشر على انه يأمل بالبقاء لعام إضافي، او على الأقل لا يشعر ان حكومته قيد الرحيل او الترحيل.
في كل الحالات الذي يحلل أداء الرئيس هذه الايام يكتشف انه بات اقل ظهورا من حيث المبدأ، إضافة الى ان ايقاعه الشخصي بات ينزع الى التهدئة وتخفيف السرعة، خصوصا، بعد ان أقر الموازنة، والحزم الاقتصادية المتعددة، وهو في فترة فاصلة تجعله مترقبا لما سيحدث، او ان لديه معلومات حول السيناريو النهائي الذي ستتبناه الدولة حول بقاء حكومته، وربما ينتظر مثله مثل غيره ولا يعرف الى اين تتجه الأمور، فيختار خفض الإضاءة هذه الفترة، لغاية تكتيكية هي الا يندم اذا زاد اضاءة حكومته وبوغت بالرحيل.
يمكن القول ان اغلب مراكز القوى في عمان تضغط من اجل عدم بقاء الحكومة، وقبل شهور كانت هناك جهات نافذة تروج لسيناريو البقاء، لكن عدد المنتمين الى معسكر تغيير الحكومة ارتفع هذه الأيام، لاعتبارات مختلفة، من بينها رغبة آخرين لديهم مكانتهم على مستوى القصر الملكي، بتشكيل الحكومة، إضافة الى ثلاثة وزراء حاليين وسابقين كلهم يريدون تشكيل الحكومة، ومع هؤلاء رئيسان سابقان يطمحان أيضا بتشكيل الحكومة، وفريق المتنافسين يزداد عدده، وكل هؤلاء لديهم تأثير مباشر وغير مباشر على تقييم أداء الحكومة، فيما الغايات غير المعلنة ترحيل حكومة الرزاز.
الرئيس ذاته ووفقا لمقربين يقرأ خريطته جيدا، وربما يمكن ان يقال انه في مرحلة الأعراف السياسية، حيث لا جنة ولا نار، وينتظر الحسم النهائي من مركز القرار في عمان.
أسوأ نتائج التغيير غير المدروس ان تكون الغاية منه تجديد الأجواء في الأردن، اذ كثيرا ما يتم تغيير الحكومات في الأردن، دون هدف واضح سوى تخفيف الضغط الداخلي، وحرق المراحل، وتجديد الهواء في الغرف، على طريقة فتح الشبابيك، خصوصا، ان عقدة الانتخابات ووضع مجلس النواب يمكن معالجتها لو ارادت عمان الرسمية ذلك، بحيث يبقى الرئيس ذاته، خصوصا، ان برامج العام المقبل السياسية والاقتصادية، هي ذاتها، ولا تفرض فعليا أي تغيير، وهذا يعني ان الكلام عن استحقاق حل النواب، ورحيل الحكومة، مجرد اسم مستعار يتخفى خلفه الراغبون برحيل الرزاز لاعتبارات شخصية فقط.
لا يعني كل ما سبق ان هناك قرارا نهائيا بخروج الرزاز، لكننا نتحدث فقط عن لغة الرئيس السياسية والتهدئة والحياد وملامح الانتظار والترقب التي تبدو عليه، وكأنه يعرف النتيجة مسبقا فلماذا يزيد من حركته، او انه بطريقة خطيرة جدا، يعرف انه سيبقى لكنه يحمي فرصته بخفض الإضاءة، من اجل التعمية على العيون التي ترقب تحركاته في عمان، متسببا بهذا الاستنتاج الزائف، أي انه راحل، فلماذا نواصل الضغط عليه؟!.
لا يبدو ان الرئيس يبالي بما سيحدث خلال الفترة المقبلة، فلا تعرف هل هذا تكتيك حماية، ام استسلام للقضاء والقدر السياسي في عمان….دعونا ننتظر!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى