الذين حالوا دون دمج منظومة القيَم في المناهج .. هم مَن خرّبوا تلفريك عجلون

الذين حالوا دون #دمج #منظومة القيَم في #المناهج .. هم مَن خرّبوا #تلفريك_عجلون

الدكتور #محمود_المساد

في مقالتي هذه، لا أقصد الرد على الدكتور ذوقان عبيدات؛ في مقالته الموسومة بـ ” دهشة سمير الحياري: تلفريك عجلون”؛ لأنني أتفق معه بما ورد في مقالته هذه بالتحديد، مع أنه مرّ بسرعة على أهم شيء فيها، وخاصة عندما قال: “فإن الظاهرة – ويقصد ظاهرة تخريب التلفريك – ترتبط بالقيَم الحضارية المجتمعية،..!! ولذلك لا حلّ إلّا تربويّا”! صحيح أن الحل التربوي يحتاج وقتًا، ولا نمتلك حلّا سواه، وهذا ما فعله المركز الوطني للمناهج منذ عام 2020،  حين وضع إطارًا عامّا للمناهج اشتمل على كل القيَم المرتبطة ببناء الشخصية الإيجابية للفرد، والمجتمع، لكن شيئًا ما منع ترجمة هذا الإطار من أن يتجسّد سلوكاتٍ في الكتب المدرسية، والمواقف الصفية، وفي الشارع العام”.

بالتأكيد، لا أحد منّا يقصد أهلنا في عجلون، بل نقصد المجتمع الأردني على اختلافه: جغرافيا وثقافة، فمن استقل تلفريك عجلون راكبا، هم بعضُ عينة عشوائية تمثل #المجتمع الأردني من المحافظات كافة، ومن مختلف الأعمار – ذكورًا وإناثًا، متعلمين بشهادات عليا، وأقل من ذلك _. فقد تعرض المجتمع الأردني في العقود الأخيرة لتهشيم قيَمه، وإلى انتزاع الدسم من فكره، وسلوكه الذي كان يفاخر به الدنيا، وعهدي به أنه لم يقبل يوما بضَيم، ولا ناخ لحظة لمستبِدّ، ولا فقدَ أمله بالله ولا بالوطن. حتى داهمته نوازل وقارعات أوصلته إلى نهش نفسه بنفسه، بعد أن فقد الثقة بكل الآخر الرسمي والأهلي.

مقالات ذات صلة

قالوا _ بعد تشخيص علمي متكرر وعميق، رسمي حكومي في تقارير حالة البلاد السنوية منذ عام 2018 وحتى الآن، وتشخيص أهلي أكاديمي في البحوث، والدراسات المحلية والدولية الجامعية، ومؤسسات البحث العلمي وصندوق النقد الدولي_  إن واقع التعليم الأردني يعاني من فقر في التعلّم يزيد عن نصف المئة، وفجوة تعليم تزيد عن أربع سنوات من الاثنتي عشرة سنة التي يقضيها المتعلم على مقاعد الدراسة،  

وتكريس ممنهج مقصود لحفظ المعلومات والحقائق، وغير الحقائق الصحيحة غالبًا، والابتعاد عن تعليم مهارات الحياة، ومهارات التفكير بالذات؛ لأنها تهدد صَفوَهم وفكرهم المتقطع، وتعظّم التافهين السطحيين، ووضعهم في مقدمة الصفوف!! كل ذلك من أجل تمرير ما يخطط له الآخرون العابثون ضدّ هذا الوطن الأشمّ بأيديهم الرخيصة الثمن الضعيفة المرتجفة، الملطخة بذل العار، وذلك بتجريد المناهج – أدوات المعرفة، ومصادر الاكتساب وموجّهات الفكر والسلوك – من منظومة القيَم الوطنية والثقافية والدينية، والاجتماعية: مضامينها وجوهرها؛ ليتخرج الجيل على أيديهم، كما هو حاله الذي نراه ناقما، متمردا بخلسة على الشجر الذي يستظل تحت فيئه؛ وقاية له من وهج الحرّ اللافح، والأدوات التي ينتفع بها في طعامه وشرابه، والثمر الذي يتغذى عليه  ……إلخ. تلك التي هي الأخرى لصيقة بمنظومته القيَمية.

تلفريك عجلون، هذا الوليد الخداج الذي طالما انتظروه ليفرحوا به، وغنّى له كل الناس،  وابتهلوا إلى الله أن يديمه، ويكون فاتحة خير استثمارية، طالته هو الآخر نتائج الفعل التربوي، وسياسات الطامعين والوسطاء، وضعاف النفوس …. لكن هذه الفئة السوداوية الخرساء، المتعطشة للخراب والتخريب سينتهي أجلُها على يد الغيورين على تراب الوطن، وحينها لا بدّ للصبح أن ينبلج بعد عتمة الليل، ولا بدّ للوطن أن ينتصر بعد ظلم الظالمين، وكيد الحاقدين!!

والله وليّ التوفيق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى