سواليف
“السلام عليكم كيفك يا راشد وكيف صحتك طمني عنك وعن الأولاد وأهلنا في الأردن”، هذا النص كان محتوى أول رسالة صوتية تلقاها راشد أحمد (اسم مستعار) من رقم غريب لا يعرفه عبر هاتفه المحمول من خلال تطبيق “واتس آب”.
عندما استمع راشد إلى الرسالة كررها مرة أخرى ليتأكد أنه هو المقصود بالرسالة لأن الرقم مجهول بالنسبة إليه وبداية الرقم تدل على أن المتصل من خارج الأردن، فالرمز يبدأ بـ00201.
وبحكم الفضول، بعدما سمع راشد اسمه يُذكر في الرسالة نفسها، وجه رسالة صوتية رد فيها السلام، وبعدها أرسل المتصل المجهول رسالة صوتية عرف فيها عن نفسه بأنه (عوض أبوخالد) من دولة مصر واعتذر بشدة عن الإزعاج، وقال “أنا اتصل معاك من طرف (جمال أبو اسلام) اللي كان يعمل في الأردن، وهو توفي منذ فترة وأنا عندي موضوع مهم اتكلم فيه وإياك”.
وبعدها طلب منه راشد الإفصاح عما يريد، وقال “إنه جاهز لأي خدمة”.
وما إن تلقى الرجل الرسالة حتى أرسل يقول “أنا فلاح مزارع في مصر بمنطقة الفيوم وفي عندي أرض كنت بستصلح فيها وأنا بشتغل لقيت فيها ذهب وسبايك فرعونية جمعتها كلها وبعد ما وزنتها طلعت 185 كيلوغراما”.
وزاد موضحا “إحنا عاوزين حد يصرفلنا البضاعة في الأردن وإحنا إخوان يا عم راشد وما عليك بالتقسيم إحنا ناخذ الثلث وانت الباقي”.
وبقي الطرفان يتواصلان من خلال رسائل “واتس آب” يطمئن أحدهما على الآخر وينسقان مع بعضهما بعضا لترتيب لقاء يجمعهما في مصر حتى يستلم راشد الذهب.
وطلب راشد صورة للذهب المزعوم وقام الآخر بإرسال صورة واحدة مروسة بجملة “السلام عليكم” ومن أسفل الجملة بعض السبائك التي لم يتسن لراشد التأكد من أصالتها.
وبعد طول تواصل بينهما، طلب الرجل المصري من راشد أن يجلب له من الأردن هاتف (آي فون 11) يقدر ثمنه بألف وأربعمائة دولار.
ومنذ البداية، شكك راشد برواية الرجل لكنه ظل يتواصل معه من باب الفضول، وبعدها قرر ألا يستمر بالتحدث إليه طويلا لأن الرواية بالنسبة إليه لم تكن مقنعة في بعض تفاصيلها، ولذلك تواصل مع مديرية الأمن العام لتقديم شكوى، والتي حذرته بدورها من أن هذه عصابة تستدرج الناس لغايات مجهولة.
وقال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، المقدم عامر السرطاوي “إن المديرية تلقت ملاحظات من قبل مواطنين يؤكدون فيها تلقي اتصالات من إحدى الدول المجاورة من أشخاص مجهولي الهوية لتسويق كميات من الذهب في الأردن”.
وحذر السرطاوي، المواطنين، من هذه الاتصالات والتعامل معها، خصوصا وأنها تهدف الى النصب والاحتيال عليهم، داعيا الى ضرورة التوجه الى أقرب مفرزة للبحث الجنائي أو الاتصال على الرقم 911 وتزويدهم بأرقام هذه الهواتف.
ويشير محللون إلى أن بعض العصابات تعمل على استدراج (الضحايا) إلى بلدانهم لخطفهم وطلب فدية مالية لإطلاق سراحهم أو ربما لسلب أموالهم حين وصولهم إلى أماكن بعيدة عن الأعين أو لغايات تجارة الأعضاء البشرية.
ويستمر فرد واحد من أفراد العصابة بالتواصل مع الشخص بشكل شبه يومي لتأكيد موعد السفر وكيفية الانتقال من مطار القاهرة حتى الوصول إلى منطقة الفيوم جنوب العاصمة القاهرة، وهنا يشير محللون إلى أن القصة تنتهي عند وصول الضحية إلى مكان مجهز من قبل العصابة لتنفيذ مبتغاها، فيما كانت الضحية تعتقد أنها ستأكل “عيش وملح” وهي العبارة التي كانت تكرر على مسامعها عبر المحادثات بين المكالمة والأخرى.