#الذكريات لا تموت#
في الصورة الماثلة أمامكم إناء معدني قديم عثرت عليه بالصدفة في المستودع، لبثت وقتا طويلا وأنا أقلب الفكر محاولا فهم حاجة الناس إليه سابقا _ ولا أخفيكم أن الذاكرة خانتني _ ولكن من أقاصيص والدتي الحاجة (أم بسام) _ أمدها الله بالصحة والعافية _ عرفت أن التجار استخدموه قديما كأداة لقياس كمية (الكاز) وبدراهم معدودة، وذلك أثار دهشتي أكثر من أي شيء آخر في ذلك النهار .
إجمالا تلك اللحظات أثارت في فكري زوبعة من الخواطر أيقظت في ذاكرتي الأيام الخوالي الطافحة جمالا وعذوبة والمشبعة بهجة وحبورا، لكن سرعان ما اضمحلت وتلاشت هذه المشاعر الجياشة وأشتعل في القلب عاطفة حزينة مجبولة بالأسى والقلق على المواطن الأردني الكادح الذي يجاهد ليلا ونهارا للحصول على المال من أجل شراء تلك المادة التي تقيه لفحات برد الشتاء القاسية، ولعل القارئ يدرك في قرارة نفسه، بأنها أصبحت بعيدة المنال خصوصا في الأعوام الأخيرة بسبب ضنك العيش .
على العموم وأنا أعود بالذكرى إلى الماضي البعيد يصعب علي حتى اليوم، أن أصدق أن هذا الماضي كان حقا على ذلك الغرار، ولكن هذه حقيقة لا مراء فيها، ويفترض أن ننظر إليها مليا إذا أردنا الابتعاد عن قسوة القلب، وأن يسود الود والوئام والتآلف بين أفراد المجتمع .
