#الذاكرة_المثقوبة

#الذاكرة_المثقوبة
د. هاشم غرايبه

نالت الصحافية وموظفة المخابرات الأمريكية السابقة “سوزان لينداور”، شهرة عالمية بعد نشرها كتابها “الاجحاف المتطرف Extreme Prejudice”.
جاء ذلك بعد خروجها من السجن عام 2009 بعد اعتقال اداري بلا محاكمة لمدة خمس سنوات بموجب قانون “باتريوت آكت” الذي يطبق على الأمريكيين، وهو نظير قانون مكافحة الإرهاب الذي يطبق على غير الأمريكيين، ويسمح بالإعتقال والتعذيب دون توجيه تهمة.
برر اعتقالها انها تنشر معلومات ضارة بالأمن القومي، ومنها ما نشر في مقابلات صحفية أنها تعلم بحكم علاقتها الإستخبارية أن مركز التجارة العالمي لم يدمر بفعل اصطدام الطائرات كما صرح المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، بل تم تدميره باستخدام قنابل الثرميت التي تم نقلها بواسطة الشاحنات قبل أيام قليلة من الهجمات وهي المعلومات التي تفسر السقوط الحر للبرجين وإنصهار الحديد إلى غبار في موقع الحادث. وتعضد موقف الخبراء العالميين الطاعن أيضا في تقرير المعهد، كما أنها نشرت انها عملت بتكليف من المخابرات الأمريكية لتشكل قناة خلفية للاتصال بمندوبي العراق وليبيا في الأمم المتحدة، ونجحت بذلك تحت ستار أنها ناشطة ضد الحرب التي تنوي الولايات المتحدة شنها على البلدين.
أفرج عنها بعد أن اصبحت قضيتها قضية رأي عام، وتم تحويلها الى القضاء بتهمة “العمل كعميل غير مسجل مع حكومة أجنبية”، لكن تم إغلاق القضية بتحويلها الى قاض يهودي قضى بأنها مختلة عقليا.
ما يهمنا من الموضوع هو المعلومات الخطيرة التي أفصحت عنها، فقد قالت أنها أبلغت رئيسها عن نية القيام بعمل (ارهابي) وهو تدمير المدمرة الأمريكية “كول”، وقد حصلت على هذه المعلومة من الحكومة العراقية، حيث أبلغوها بأن هنالك مخططا لذلك من قبل جهادي سعودي موجود في العراق، وأن العراق لا يمكنه اعتقاله حتى لا يتسبب ذلك في أزمة مع السعودية، فتم الاكتفاء بترحيله، والغريب كما تقول أنه بدلا من اتخاذ اجراءات لتأمين المدمرة أو اعتقال الأشخاص، فقد جرى تفريغ المنطقة من الرقابة المعتادة في الليلة السابقة للعملية مما سهل نجاحها.
وتقول في مقابلة مع قناة RT: إن العراقيين كانت لديهم نية صادقة بمكافحة (الإرهابيين)، وأبلغت المسؤول عني بذلك، فكلفني بطلب السماح لمجموعة استخبارية أمريكية بالعمل على الأراضي العراقية وإجراء التحقيقات والإعتقالات، فوافق العراقيون في شباط 2001 ، فأبلغت قريبي “أندرو كار” الذي أصبح كبير موظفي البيت الأبيض في إدارة بوش الإبن آنذاك بذلك.
كما أكدت أن كبار المسؤولين الأمريكيين كانوا يعلمون بشكل مؤكد أنه لا توجد أسلحة دمار شامل في العراق، وقدم النظام تنازلات أكثر حتى مما كلفت بالمطالبة بها، ومنها استعداد العراق للتنازل عن المطالبة بالتعويض عن الأضرار الإنسانية جراء الحصار، وتعويض الشركات الأمريكية بإعطائها كل عقود اعادة الإعمار وتجديد النظام الصحي، والتعهد بشراء مليون سيارة أمريكية سنويا.
رغم ذلك رفضت العروض وتم شن الحرب، لأن المنافع الاقتصادية متحققة في كل الأحوال، لكن تدمير العراق يحقق فوائد أكثر، وأهمها تمزيق الأمة وإذلالها.
هكذا نرى أننا في كل يوم تنكشف لنا أسرار كانت مخبأة، وتظهر أدلة جديدة على أن القصة أكبر بكثير من مجرد بضعة جهاديين هنا أو هناك، أو أنظمة ممانعة وأخرى منبطحة.
وليست مقتصرة على تحقيق مكتسبات ولا نهب ممتلكات.
القضية صراع بين الأمة وأعدائها، ها قد رأينا أنهم ينسفون أبراجا عندهم بأيديهم، ويتيحون المجال لتدمير بعض من سفنهم، ليبرروا شن الحروب.
مع ذلك ما زال المنافقون من المتربصين بالإسلام، يُحلّون المعتدين من جرائمهم، فيلقون باللائمة على الضحية، مرة على أن الإسلام دين الكراهية ولا يتقبل الآخر، ومرة أنه يريد فرض رؤيته بالعنف والإرهاب على الآخرين المسالمين، وأن الجهاديين هم من جلب الدب الى الكرم بأعمالهم الإرهابية.
أما المنافقون من المنبطحين فساهموا عمليا بتسويغ هذه الحروب المدمرة للأمة، فكم كنا نسمع منهم خلال حصار العراق عبارات مسممة مثل: يجب على العراق الانصياع للشرعية الدولية، أو يجب عليه الكشف عن أسلحة الدمار الشامل التي يخبئها ..الخ.
لا شك أنهم كانوا يعلمون بأنهم يقولون زورا، وأنهم بذلك يخدمون المعتدي الغازي تزلفا وخيانة لأمتهم.. لكن في قلوبهم مرض النفاق، فعاقبهم الله لسوء نيتهم بأنهم هم من دفعوا الكلفة (التي ناهزت 2 تريلليون)، ولم ينقلبوا بخير بل بغضب من الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى