التحولات العالمية:من شرق أوسط جديد إلى عالم جديد

التحولات العالمية:من شرق أوسط جديد إلى عالم جديد.
د. كمال الزغول

العالم يتحول من الحرب التقليدية والحرب بالإنابة الى الحرب الإقتصادية، وهذا حتما سيُضعف دولاً ويقوّي أخرى ، نحن ننتقل من مرحلة شرق اوسط جديد الى الى مرحلة عالم جديد، بدايته كانت بإضعاف المنظمات الإقليمية ونهايته كانت بإضعاف المنظمات الأممية ، فعلى سبيل المثال تم إضعاف جامعة الدول العربية حيث أصبحت لا تؤثر حتى في فروعها ومكاتبها داخل القطر الواحد ، وأُضعِفت ايضا منظمة الدول الإفريقية حيث تداخلت المصالح الإقليمية داخل القارات بلا نظام، وأصبحت الدول تتدخل في سبيل السيطرة الاقتصادية في القارات التي لا تنتمي لها بسبب تراكم المراكز التجارية في دولة واحدة وندرتها في أخرى ، ومن ثم انتقلت التدخلات لتصل الى منابر الأمم المتحدة في سبيل الاقتصاد، وكأن مصادر اقتصاد العالم بدأت تضمحل ، وتم ايصاً تحجيم دور اليونسكو وتمت السيطرة على قرارات الجمعية العامة والأمانة العامة للأمم المتحدة، ولذلك بدأ يظهر ما يسمى الصفقات( Deals) المبنية على التدخلات دون حساب لأي نظرية التزام للتبادل التجاري بين القارات ، حيث تجسدت فلسفة الحمائية الاقتصادية(Protectionism) داخل الدول المسيطرة على المحيطات واليابسة أمثال امريكا وبريطانيا وفرنسا ، فبدأت تبحث بريطانيا عن اتفاقات للخروج من الإتحاد الأوروبي والآن تبحث امريكا عن استعمار اقتصادي روجت له الشعبوية في عهد الادارة الحالية، بالإضافة الى أن فرنسا تنفرد باستغلال الفجوة الناتجة عن إنهماك امريكا وبريطانيا في شن العقوبات على الدول البترولية بشراء النفط بأبخس الأثمان كغنيمة اقتصادية على هامش تلك العقوبات.
لم تعد الإتفاقات التجارية ذات معنى في الوفاء لإلتزاماتها بدءاً في الانسلاخ من إلتزامات فض النزاعات في فلسطين وافريقيا وجورجيا وافغانستان وصراع كشمير وانتهاءً في سوريا واليمن ، النزاعات اصبحت بلا راع وفي فلتان بحثاً عن الاقتصادات غير المرتبطة بأي معاهدة، فمثلا تجد امريكا تهدد بالتحلل من معاهد نافتا(NAFTA) في شمال المحيط الاطلسي وتحاول التحلل من من التبادل التجاري مع الصين، الحرب الإقتصادية أدت الى صعود مليشيات صغيرة مثل الحوثي والقاعدة وداعش وأفول دول بترولية إقتصاديا مثل ليبيا والعراق وفنزويلا .
لقد حلَّت العقوبات الاقتصادية وقوائم الحصار الإقتصادي محل حرس الحدود بين الدول، وعادت المجموعات الإثنية للدفاع عن نفسها وظهر ما يسمى عداء المهاجرين(Nativism) وبدت الجغرافيا الصغيرة والكبيرة مناطقا مغلقة في عالم متعولم بالقوة الإقتصادية نتيجة انحلال المنظومة العالمية من معاهدات جنيف الأربعة ودخولها في محاصرة الإنسانية من أجل الإقتصاد .
ومن الجدير بالذكر أن العولمة الاقتصادية خدمت النخب في التجلي في سحق مجموعات من الشعوب وتقسيمها، وعكست صورة غير ليبرالية في سبيل حماية الاقتصادات المحلية، حتى انها أثَّرت على منظمات إقليمية مثل مجلس التعاون الخليجي، فغيَّرت خارطة التحالفات الجيوسياسية بناءً على المنظور الإقتصادي فتصبح الدول في تحالف وتمسي في تحالف آخر ، بالفعل هناك مخاص إقتصادي عالمي سيغيّر شكل العالم، وسيصبح التلاعب الاقتصادي هو الذي سيؤدي الى حرب اقتصادية شرسة لا أحد يتنبأ في مآلاتها وتأثيرها على الجغرافيا المحلية والعالمية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى