” الدوران في حلقة عنف مفرغة / مهند أبو فلاح

” الدوران في حلقة عنف مفرغة “
مهند أبو فلاح
التصريحات الصادرة من العاصمة التركية أنقرة على لسان كبار المسؤولين هناك و على رأسهم الرئيس رجب طيب اردوغان عن عملية عسكرية محتملة في شمال غرب سورية تستهدف بعض معاقل قوات سورية الديمقراطية المعروفة اختصارا ب ” قسد ” الوثيقة الصلة بحزب العمال الكردستاني أعادت إلى الأذهان الأجواء التي رافقت عمليات عسكرية مماثلة شنها نظام العدالة و التنمية الحاكم في تركيا في المناطق السورية الحدودية المتاخمة للأراضي التركية خلال السنوات القليلة الماضية .

العمليات العسكرية التركية السابقة و التي اتخذت اسماءً رنانة من قبيل درع الفرات و نبع السلام و استهدفت بالمقام الاول الميلشيات الكردية المناوئة لأنقرة ذات النزعة الانفصالية و المرتبطة بحزب العمال الكردستاني و الذي ينشط في جنوب شرق الأناضول لم تفضي إلى القضاء على هذا الحزب المتجذر بقوة بين صفوف الجماهير الكردية ، و بدا واضحا للعيان أن حكام أنقرة يستخدمون هذه الورقة لتحقيق مكاسب سياسية محدودة ليس إلا على غرار ما حدث مؤخرا فيما يخص انضمام السويد و فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي ” الناتو ” عندما أبدت أنقرة اعتراضها على ذلك متهمة البلدين بتوفير ملاذ آمن لعناصر التنظيم الإرهابي على حد زعمها ، قبل أن تتوصل إلى اتفاق مع كلا البلدين بهذا الخصوص و توافق على إنضمامهما إلى الناتو .

على أية حال فإن استراتيجية أنقرة في مناطق الشمال السوري يبدو أنها تركز على محاولة توفير غطاء محلي سوري لعملياتها العسكرية المحتملة هناك عبر استمالة عناصر عربية لصفها لاعبة على وتيرة التناقضات العربية الكردية و بالمقابل فإن السلطات السورية الحاكمة في دمشق تحاول من جهتها استمالة العناصر الكردية و استغلال هشاشة موقفها في مواجهة القوات التركية في مناطق من قبيل تل رفعت و منبج و غيرهما لبسط نفوذها على هذه المناطق عبر إدخال وحدات عسكرية نظامية اليها ، و يبدو الأمر و كأننا أمام لعبة كراسي موسيقية متحركة ، حيث تعقد الصفقات من تحت الطاولة بين أنقرة و دمشق بعيدا عن الأضواء ، فكلاهما يستغلان اللاعبين المحليين الصغار من عُربٍ و كردٍ استعدادا لجولة قتال محتملة لتعزيز نفوذهما ليس إلا و يستمر الدوران في حلقة عنف مفرغة و معاناة الشعب السوري من التشريد و التهجير في مخيمات اللجوء .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى