داعش يفشل في تحقيقه حلمه بانشاء “الرقة2” في تونس

سواليف – هافينغتون بوست عربي

في اعترافات مثيرة لأحد العناصر المسلحة التي تمّ القبض عليها من قبل الوحدات الأمنية والجيش التونسي بمدينة بن قردان جنوب شرق تونس كشف عبد الناصر السليماني الذي يطلق عليه بمهندس العمليات الإرهابية أن هذه الجماعة خططت لإقامة إمارة إسلامية تحت مسمى “الرقة2” في المدينة ورفع علم داعش فوق مقر المعتمدية وتحويل المحكمة الابتدائية بهذه المدينة لمحكمة شرعية فضلاً عن السيطرة على بقية المنشآت الحكومية والعسكرية وفقاً لما نقلته وسائل إعلام تونسية الخميس 10 مارس/ آذار 2016.

فشل “غزوة بن قردان”

جزء من هذه التصريحات كان قد أكدها فعلياً رئيس الحكومة التونسي الحبيب الصيد خلال مؤتمر صحفي حيث أعلن أن الهجوم المسلح الذي قاده نحو 50 عنصراً يدين بالولاء لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” واستهدف مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا كان يهدف أساساً لإقامة إمارة إسلامية وكان الهجوم الفاشل انطلق في ساعة مبكرة من صباح الاثنين 7 مارس/ آذار استهدف كل من الثكنة العسكرية ومنطقة الحرس والأمن الوطني ببن قردان وتمكنت قوات الحرس والجيش التونسي من التصدي لهذه العملية.
حيث بلغ العدد الإجمالي للعناصر المسلحة التي تم القضاء عليها حتى اللحظة بحسب حصيلة رسمية إلى 49 عنصراً وإيقاف 8 بحسب بلاغ مشترك لوزارة الدفاع والداخلية التونسية.

“داعش” يتبنى العملية

مؤسسة “البتار” الذراع الإعلامي لـ”داعش” كانت قد نشرت مساء الثلاثاء بياناً على تويتر تحت مسمى “تونس ومعركة العقيدة ” أكدت خلاله تبنيها لعملية الهجوم الفاشلة على بن قردان والتي أطلقت عليها اسم “غزوة بن قردان ” داعية الخلايا النائمة للتحرك ومتوعدة الحكومة التونسية بمزيد من الضربات غير أن هذا البيان وعلى غير العادة بحسب ما أكد مختصون في الجماعات الجهادية لم يخف تكبّد التنظيم في تونس خسائر هائلة واعترافاً ضمنياً بالهزيمة.

من تجارة التهريب إلى مقاومة الإرهاب

ومن المفارقات أن تكون بن قردان هذه المدينة الصغيرة التي يقدّر عدد سكانها بنحو 72 ألف نسمة والواقعة في أقصى الجنوب الشرقي لتونس والتي ينشط نحو 20 % من سكانها القادرين على العمل في التجارة الموازية ونشاط التهريب) بحسب ما أكده تقريرٌ للبنك الدولي.

فضلاً عن نجاح التنظيمات الجهادية في استقطاب العشرات من شبابها سواء من خلال التسفير لبؤر التوتر في كل من (ليبيا وسوريا والعراق)وهو ما أكده تقرير صادر في ديسمبر/ كانون الأول 2015 عن مركز الأبحاث الأميركي “soufangroup” حول عدد المقاتلين الأجانب في كل من سوريا والعراق حيث تصدرت مدينة بن قردان أعلى نسبة بنحو 15 % من العدد الإجمالي للمقاتلين التونسيين (أو من خلال الانخراط في عمليات داخل التراب التونسي غير أنها قدمت مقابل ذلك 7 من أبنائها الذين سقطوا خلال المواجهات الأمنية مع العناصر الإرهابية الاثنين الماضي ولعب سكانها دوراً مهماً في صدّ توغّل العناصر المسلحة داخل المدينة والإبلاغ عن تحركاتها لقوات الأمن والجيش.

عقود من سياسات التهميش

وحول هذه النقطة يقول الباحث في مركز “كارنيغي” للشرق الأوسط حمزة المدب لـ”هافينغتون بوست عربي ” إن “ما يمكن استخلاصه من دروس في “معركة بن قردان” أنه لا توجد حاضنة شعبية للإرهاب بالرغم من انخراط العديد من أبناء الجهة في التنظيمات المتطرفة لأنه لا توجد هناك مشكلة انتماء وطني ولكن مشكلة اندماج وطني بمعنى أن دولة الاستقلال لم تقم بواجبها في تنمية هذه المناطق و همّشتها اقتصادياً وسياسياً”.

ويضيف أن بن قردان دفعت ضريبة اعتبارها يوسفية في عهد بورقيبة ودفعت ضريبة سياسات الدولة الليبرالية في عهد بن علي ولكن هذا لا يعني أن أهلها أقل وطنية من غيرهم بل العكس.

ويشدّد المدب في ختام قوله إن المواطنين في المناطق الحدودية “هم الدرع الحقيقي للوطن لذلك من المهم جداً بناء الثقة معهم والتعامل معهم كمواطنين كاملي الحقوق وحقهم في تنمية عادلة كباقي الجهات والكف عن خطابات التخوين أو التجريم.”.

وفي ذات السياق يعتبر الباحث والناشط الاجتماعي الصغير الشامخ أنه من أهم الأسباب التي تجعل من مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا بيئة غير حاضنة للإرهاب كون أهلها لطالما عانوا من قسوة الجغرافيا وظلم السياسات التي أقصتها من التنمية ومن جلّ حظوظها فكان لزاماً على أهلها تطويع الموقع الجغرافي المتاخم للحدود مع ليبيا من أجل البقاء فصارت المدينة تعيش على التجارة الموازية التي تتأثّر بالوضع على الحدود والعلاقات بين البلدين لذلك يرفض أهلها الإرهاب وسيطرة الجماعات المتطرّفة على جغرافيّاتها الصعبة باعتبار أنهم سيكونون ضحيّة لأيّ توتّر هناك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى