الدستور.. #الدستور يا #أردنيون !
المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
هناك أشياء تحدث في الحياة لا تفسير علمي لها مثل ظواهر التخاطر، أيضاً هناك معجزات أو الهامات إلهية، فقد روي انه أثناء وقوف سيدنا عمر بن الخطاب على منبر رسول الله في المدينة المنورة خطيباً في الناس صاح بجملة خارج سياق الخطبة قائلآً: “الجبل الجبل يا سارية؛ من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم”، في تلك الفترة كان قائد المسلمين سارية بن زنيم يقود #المعارك على تخوم نهاوند من بلاد فارس، لقد سمع سارية تلك الصرخة حسب ما رواه لاحقاً وعدّل من خطته الحربية بناء عليها واستولى على جبل هناك مكّنه لاحقا من اسقاط القلعة التي كانت تعيق تقدمه ، تلك الصرخة قلبت الهزيمة المؤكدة الى نصر مؤزر وحولت مجرى التاريخ .
اليوم ونحن نعيش أسوأ مراحل تاريخنا وفي ظل انعدام اي أفق للخلاص والنجاة من هذا البؤس والانحطاط الذي أوصلونا اليه لم يتبقى أمامنا الا حشد كل الطاقات الاردنية المحبة والمخلصة والمنتمية لتاريخها وهويتها والطامحة لبناء حاضرها ومستقبلها وتحرير الاردن من كل عوالق الخسة والنتانة التي تنهشه وتنهشنا على مدار الساعة وتخليصه من كل المارقين والمنافقين والمرتزقة أن نصرخ بأعلى صوتنا … الدستور.. الدستور أيها الأردنيون !
الدول لا تبنى بالاماني والاناشيد والوعود والكذب والدجل والتسول ! وإنما بإرساء أسس وقواعد وركائز #الدولة وفي مقدمتها دستور مُحصن من العبث به، لا يعدل أي نص منه الا بثلثي أصوات الشعب عبر الاستفتاء أو عبر ممثلين حقيقين له منتخبين ديمقراطيًا “نواب شعب لا نواب ألو” هكذا يكون الدستور دستور وطن وليس دستور نظام أو طبقة حاكمة يُعبث به كلما تطلبت حاجاتهم ومصالحهم ! أي عبث بنصوص الدستور خارج الإرادة الشعبية يشكل انقلابًا على الشعب وعلى كل المبادئ والمواثيق والثوابت التي أسست وبنيت عليها الدولة ، أما التذرع بموافقة النواب على التعديلات الدستورية فهو ادعاء باطل ، فنواب “الألو” لا يمثلون الشعب حيث أن المجالس خلال العقدين الماضيين مزورة باعترافات رسمية وتقارير دولية وما بني على باطل فهو باطل.
حصانة وحصافة وثبات الدستور المستنبطة مواده وبنوده من التاريخ والأعراف والعادات والعقائد والتجارب الحضارية والقيم الأخلاقية والانسانية يجعل منه مرجعاً لكافة التشريعات والقوانين وسيادتها التي تضمن بدورها حرية الافراد ومعتقداتهم وحقوقهم وواجباتهم ويكفل ويحقق لهم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، كذلك ينظم السلطات العامة والعلاقات فيما بينها ويضمن استقلاليتها وحدود واختصاص كل منها كما هو في الدول الديمقراطية المدنية المزدهرة والمتطورة، عكس ما نشاهده ونعايشه في الدول ذات دساتير الزينة “دستور غوار الطوشه” ، الدستور المُحصن يشكل مظلة حصينة للوطن وسيفاً بتاراً للحق والعدل ، أما دستور الزينة قيشكل مظلة للفساد والنهب والتهريب والتنفيع والمخدرات وامتهان السيادة والارتهان والتواطؤ…الخ .
اليوم وامام التدافع والتزاحم في بازارات تجنيد وشراء واستئجار #احزاب جديدة وحزبيين بمسميات وطنية براقة وبنكهات أمنية وسلطوية وبأموال مختلفة الالوان والتي من شأنها تسريع الإجهاز على بقايا الوطن، فإن على القوى والشخصيات الوطنية وكافة الأحرار والشرفاء رص الصفوف وتجاوز كل التناقضات الايدولوجية والعقائدية والفكرية التي تُهنا في ساحات جدالها سبعون عاماً، علينا التركيز والتوافق على الاستراتيجيات الوطنية الكبرى خلف قيادة وطنية مخلصة لثوابتها ومبادئها معروفة وموثوقة للشعب الأردني وتبني برنامج وطني على رأس اولوياته إعادة تنقيح وصياغة دستور وطني ديمقراطي حضاري ينقذ الاردن من مصائبه ونكباته ويحرره من قراصنة العصر ومصاصي الدماء ، دستور يحقق العدالة ويجذر الشفافية والمسائلة والمحاسبة ، دستور يحقق للشعب طموحاته واهدافه الوطنية العليا من خلال بناء دولة الانتاج والاستثمار في كل الموارد الطبيعية غير المستغلة واسترداد المنهوب منها ، إذ لا يعقل أن نتضور جوعاً ونتجرع الذل والهوان وتحت أقدامنا ثروات هائلة جداً ، علينا ان نصرخ في اريافنا وبوادينا ومدننا وقرانا وكل شوارعنا الدستور.. الدستور يا أردنيون!