الخمسة المبشرون ! / م عبدالكريم أبو زنيمه

الخمسة المبشرون !

يتداولِ الأُردنيون هذه الأيام قصةَ تأسيس العاصمة الجديدة ، والكل يبحث عنها وعن موقعها الجديد مُستعينين بذلكَ بأنظمة الإتصال والمساحة الالكترونية لتحديد موقعها حتى ذهب البعض بالاستعانة بالشيوخ المغاربة الضاربين بالمندل والمُتعاملين مع الجن وما إلى ذلك ، ولكن لم يوفق أحدٌ منهم بتحديد موقعها ، لكن السؤال هُنا هو : وماذا لو عرف الأُردنيين ؟ فما عساهم فاعلين؟

إنَّ إنعدام الشفافية هذا ، وإحاطة الأعمال الحُكومية بهالةٍ مِن الغُموض لا يكون إلا في الدولِ الفاشلة ، ولا يُقدم على هذا الأُسلوب إلا الذينَ ينظرون إلى الوطن على أنَّهُ مَشروعٌ إستثماري يجب الإستفادة مِنه حتى آخر رَمَق ،فما صرَّحَ به وزيرُ الإعلام بأنَّ هناك خمسة أشخاص فقط يعرفون موقعها هو صَحيحٌ حَقاً ، فهؤولاء الخمسة ومعهم أبنائهم وأنسبائهم وشركائهم يُمثلون (7%) من الأُردنيين الذين يملكون الثروة والنفوذ وهم وورثتهم من سيتَّملك العقارات والاستثمارات في العاصمةِ الموعودة ، وكما أنشغل الشعبُ الأُردني في دوامةِ الخَصخصة الذي لم يُثمر عن إجابةٍ حتى اليوم وعَن وِجهةَ عائداتها فانه سينشغل عمن ومن هم الخمسة المبشرين بالثراء .
في الدولِ الدُستورية ودول المؤسسات وسيادة القانون وتداول السلطة ، يكون التَخطيط الإستراتيجي لمُستقبلها على مرأى ومسمع ومُشاركة وموافقة شُعوبها ، فالراعي والمُزارع والجُندي والوزير كُلُهم شركاء في إتخاذ القرار من خلال مُمثليهم ، كما يَتِمُ نَشر هذه الاستراتيجيات والخطط عبر كل وسائل الإعلام لِتَصلَ إلى أيدي جميع المواطنين ، لذا فإنَّ إشراك المواطنين في التَخطيط لمُستقبل بلدهم مِن شأنِه – بالطبع – أن يُنمي لَديهم حِس الإنتماء والمسؤولية تِجاه وطنهم .
في دولِ عربستان الفاشلة يتم التَكتُم على كل شيء ، فقط الخمسة المبشرين بالثراء الاوصياء علينا هم من يفكرون ويخططون ويبيعون ويشترون ويخصخصونَ وينهبون ، ما كانَ لهم أن يجعلوها سريةً بل كان عليهم أن يكتبوها قصيدة ويلحنوها ويغنوها كبقية أهازيج الدجل والكذب التي يصمون بها آذاننا يومياً أو يخصصوا لها مذيعة جميلة تشرحها لنا يومياً بعد نشرة الاخبار لأنَّ غالبية الشعب الأُردني لا يجدُ قوتَ يومه ومن يجد قوت يومه فإنَّهُ لن يجد أُجرة المواصلات اليها ليشاهد أرض الميعاد لعاصمتنا الجديدة ، لن ينافسكم أحد بشراء العقارات والإستثمارات فنحن نعيش فقط ليومنا ولن نفكر في مستقبل أضعتموه واحلام وأدتموها .
في زيارةٍ لأحد رؤساء وزراء إسرائيل لمقر جهاز الموساد عرض عليه رئيس شعبة تجنيد العملاء إنجازاته وعدد العُملاء من المواطنين العرب الذين جندهم لصالح اسرائيل ، وهُنا سأله رئيس الوزراء عن سر نجاحه في تجنيد هذا الكمِّ من العُملاء ! فأجابه :ليس لي الفضل بذلك ! وإنما الفضلُ لأنظمتهم التي سلبت منهم حريتهم وكرامتهم ولُقمةَ خبزهم !!!
aboznemah@yahoo.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى