
تحفيز ” المفتي” وذكريات صندوق الأجيال “والنجش” وأشياء أخرى
كتب #نادر_خطاطبة
على طاري إعلان فضيلة #المفتي_الأسبق للدفاع المدني، د. #محمد_الغول، فتح المزاودة بمليوني دينار على رقم مركبة رئيس الوزراء (1-1) قبل طرح الرقم رسمياً، انبرى بعض الإعلام في ظل موجة الجدل الواسع والمتشعب حول إعلان فضيلته، إلى تحليل أن الرجل قصد “تحفيز المزاد” طالما أن عائداته ستذهب لصندوق دعم الطالب الفقير، غير أن واقع الحال، أن نص منشور فضيلته كان واضحاً وصريحاً، ولا يحمل أي إيحاء أو تلميح إلى نية التحفيز، إذ قال حرفياً:
“أنا أزاود على هذا الرقم بحال طرحه للمزاد من قبل إدارة ترخيص #السواقين والمركبات بقيمة 2 مليون دينار”.
لاحقاً، أوضح فضيلته في بيان أنه – كغيره من #المتقاعدين المثقلة رواتبهم بالقروض – أراد “تحفيز من أعطاه الله من سعته”. لكن كثيرين، ومثلي ربما الملايين، أخذوا الأمر على محمل الجد، لاعتبارات عدم معرفتنا بظروفه المعيشية، فسلّمنا بصدقية العرض، واحتسبنا فضيلته ضمن من وسّع الله عليهم.
يُؤخذ على بيان المفتي إشارته إلى أنه تناهى إلى مسامعه حرمة #بيع_الأرقام، وهو قول صحيح وإن كان محل اجتهادات متباينة. غير أن الصفة العلمية والمهنية الملتصقة بفضيلته كانت تستدعي منه تفصيلاً أوسع في بيان الحكم الشرعي للتحريم، خاصة وأنه صادر عن مرجعية دينية يُنتظر منها البحث والتحري قبل الإفتاء.
أما مسألة “التحفيز” في المزاد الخيري، فهي بدورها تحتاج إلى نظر شرعي مستقل، إذ تفتح الباب إلى مفهوم آخر معروف في الفقه الإسلامي هو “النجش”، أي المزاودة على سلعة دون نية الشراء، بهدف إيهام الآخرين برغبتها لرفع سعرها، وهو محرم شرعاً لما فيه من خداع وتضليل.
ومع تطور الحياة ووسائل الإعلان، باتت صور النجش متعددة، سمعياً وبصرياً وكتابياً، وقد تُوظف حتى في عروض سلع رمزية أو استعراضية، يراها البعض تبذيراً أو مظهراً من مظاهر الفشخرة، لكن حين تصدر مثل هذه الإشارات من شخصيات وازنة، فإن أثرها في تحريك السوق والمزاودين يصبح مضاعفاً، ما يفرض مسؤولية مضاعفة في وضوح النية ودقة التعبير، حتى لا تختلط الرسائل على العامة، ولا تختلط النوايا بالممارسات المحظورة شرعاً.
وبعيداً عن قصة المفتي، يجدر التوقف عند العزف على وتر تخصيص مداخيل بيع الأرقام لصندوق دعم الطالب الفقير، وهو تصريح هلامي بلا إطار قانوني أو نظام تشريعي واضح، وكاردنيين فقد خبرنا تجربة مشابهة مع صندوق الأجيال الذي أُقر عام 2000 بفكرة تخصيص جزء من عوائد بيع المقدرات لصالح الأجيال القادمة، لكن أعراف التشريع سمحت باستثمار أموال الصندوق في كل شيء، حتى سداد ديون الدولة، وبحلول عام 2015 أُلغي الصندوق بقانون، ومعه أُلغيت كل التزامات الدولة تجاهه، لنورث الأجيال القادمة ليس وفراً مالياً، بل تضخماً في حجم الدين العام وثقله على كاهلها.
وسلامتكوا …