إبداعات الحاج ضيف الله الحمود / د. محمود الحموري

إبداعات الحاج ضيف الله الحمود

لمعالي العلامة الموسوعي والمؤرخ المرجعي الخال المعروف “ضيف الله الحمود الخصاونه” يرحمه الله ويحسن مثواه إبداعات لم تدون ولم تذكر وهي نظريته في الأصول والمنابت والثبات على الأرض بمناطق شمال الأردن، وبالذات مناطق جبل وسهل حوران الخالد حيث تنتشر القرى حول إربد ودرعا وبصرى وتدمر ومناطق الجولان، وتاجها بالطبع جبل الشيخ صاحب القبة الثلجية البيضاء في الفصول الأربعة وقد نشأنا على رؤيته منذ الوعي وبداية الادراك على مدى الرؤية البصرية من خلال تحركنا على مسطحات وتلال وقيعان هذه الأرض المباركة الخالدة …
فقد كنت قد تشرفت قبل ما زاد عن الربع قرن بالجلوس مع حضرة صاحب المعالي الحاج ضيف الله الحمود بمضافته ومضافة اهلنا الحمود القديمة العريقة على نهاية منحدر شمال السفح الغربي للجبل الذي يقع بأعلاه مستشفى ايدون العسكري، وكنت وقتها معزيا” دخلت المجلس فوجدت لفيف من الشخصيات والذوات القادمين لتقديم واجب العزاء … ولحسن حظي دخلت برفقة العم الفاضل جادالله الحموري، متعه الله بالصحة والعافية، وتزامن دخولنا من بعد صلاة العشاء مع دخول الحاج خليل طهبوب، ابو إبراهيم ومعه زميلي الدكتور الكيميائي يحيى طهبوب، فوجدنا الحاج ضيف الله الحمود وعدد من الجالسين قد تجاوز العشرين من الرجال، وبعد التحية والسلام وصب القهوة، بادر الحاج خليل طهبوب معالي مضيفنا الكبير الحج ضيف الله ابي محمود بالإستفسار عن اصل عائلة الحموري وتنقلاتهم ومن أين اتو، وهو يشير باصبعه الي، ليرد معالي ابي محمود بكلام فصيح وأسلوب جزل مبين بأنه سوف يتحدث طويلاً بحديث متواصل بهذا الموضوع ومن أراد أن يخرج فليخرج ومن أراد أن يبقى فليبقى، ومن ثم أشار إلي بقوله، ممكن يا استاذ تذكر لي اسمك الكامل كما تعرفه من أبيك مع أسماء اجدادك المدفونين في بيت راس فقلت له” محمود خليل خلف علي محمد الحموري” فقال لي شكراً لك وانا ممنونك ليسألني كذلك كم عمرك، فقلت له تسع وثلاثون سنة، فاستدرك قائلا هذه هي تقريبا ستة أجيال فلو افترضنا بأن كل جيل تداخل مع الجيل الذي سبقه بخمس وعشرين سنة لكان المجموع وقتها يقارب المائة والخمسين سنة إلى الماضي، ويعني بذلك فترة العام ١٨٤٠م وما بعدها، وهي كما ذكر معاليه فترة حملة وإدارة حكم ابراهيم باشا الكبير على بلاد الشام حيث تم توطين السكان ببيوت حجرية ثابتة بمناطق سكناهم بدلا من بيوت الشعر، وهذا ما يتوافق تمام التوافق مع أبحاث الباحثة الرصينة المبدعة الدكتورة هند ابو الشعر، حيث قالت لي على الهاتف قبل ما يزيد عن شهر بأن لديها اسماء من كان يسكن في بيت راس بعد العام ١٨٤٠ للميلاد وهي فترة ابراهيم باشا الكبير … وهذا يعني ان لا احد يدري او يستطيع ان يحدد موطن سكن اجداده قبل ذاك التاريخ لأن معظم الناس والقبائل كانت تتحرك باحثة عن الماء والكلاء لزوم الاقامة الموسمية وهذا هو الذي نقل طبيعة حياتنا من الرعوية المتنقلة على الأغلب الى المدنية الثابتة مما زاد في سكان الحضر في المدن والأرياف على البادية والبوادي في ديارنا …
وفي تلك الحقبة الزمنية وحتى نهاية ستينبات القرن الماضي فقد كان عدد سكان العاصمة اقل من عشر سكان الأردن الحبيب اما اليوم فعدد سكان عمان يقترب من نصف سكان المملكة في الليل اما في النهار فيزيد سكان عاصمتنا عن النصف بقليل وهذا كثير عليها، الأمر الذي يؤدي الى الازدحام الشديد وصعوبة تصريف المياه في مناهلها ومجاريها وقنواتها العتيقة بسبب البلاطة الاسمنتية الهائلة تحت مشاريعها ومبانيها وهذه الهجرة تخالف بالقطع فكر مهندسي ومخططي ابراهيم باشا الكبير وفكر المرحومين الجليلين الحاج ضيف الله الحمود والحاج خليل طهبوب رحمهما الله تعالى.
أما عن عمله فقد ذكر المرحوم ضيف الله الحمود قائلاً: ان أول عمل قام به بعد انتهاء دراسته في السلط عام 1932 هو العمل في مزرعة والده في جبال عجلون وأن لا يربو وعده وقسمه الذي كان قد أقسمه أمام أمير البلاد الأمير عبد الله بن الحسين، وفي الرابع من حزيران عام 1927 في اربد حيث كان يومها قد ألقى كلمة في حفل تخريج الدفعة الأولى من طلاب ثانوية اربد حيث وعد سموه يومها بأن يكون مزارع لاستخرج كنوز الأرض الدفينة بكد اليمين وعرق الجبين فما كان من الأمير إلا أنه رفع صوته قائلاً: “والله على ذلك من الشاهدين .. َ
وغني عن القول والتعريف بالمرحوم الخال المبدع الحاج ضيف الله الحمود الذي كان وزيرا لمرات عديدة ومحافظ للعاصمة وامينا” لها ووزيرا للداخلية ولمعظم الوزارات، وكان كذلك خير نائب للشعب وعين للملك بمجلسه الخاص بمجلس الاعيان لفترات طويلة، كما كان كذلك القاضي العادل والمدرس المميز والفلاح النشيط والأهم من ذلك كان المحدث والمتحدث الكبير والمؤرخ العلمي الدقيق الذي لا يشق له غبار .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى