الحُزَم الاقتصادية والحفاظ على البيئة وصحة السكان . . !

الحُزَم الاقتصادية والحفاظ على البيئة وصحة السكان . . !
موسى العدوان

في أواخر العام الماضي تحولت حكومة النهضة الاقتصادية، إلى حكومة إطلاق الحُزم الاقتصادية، حيث أطلقت حتى الآن خمسة حُزم اقتصادية، لم يلمس المواطن لها أثرا بارزا في خدمته. ولكن إطلاق تلك الحُزم جرى من قاعدة رخوة، لا توصلها إلى أهدافها. بل كان عليها أن تطلق حُزمها من قاعدة صلبة، تنشئها لهذه الغاية في أحد جبال عمان، أسوة بقواعد إطلاق الصواريخ في الدول المتقدمة، ضمانا لصولها إلى أهدافها المحددة.

وأرجو أن تكون البداية بإطلاق حزمتها السادسة من القاعدة الجديدة، بهدف إنجاز مشروع الصرف الصحي في حي نويران بمرج الحمام. فهل يعقل أن حيا يقطنه ما لا يقل عن عشرة آلاف عائلة، بمدينة أصبحت جزءا من العاصمة عمان، يعانون من قضية الصرف الصحي وتلوث البيئة، التي تسببها الجور الامتصاصية وصهاريج النضح ؟

الصهاريج تجول بين الأحياء يوميا لأداء مهمتها بناء على طلب السكان، فتنشر الروائح الكريهة والمضرة بالبيئة وبالسكان. وقد مضى على هذا الحال زمنا طويلا، ونحن نسمع بوجود مشروع لهذا الغرض، يخلّص السكان من معاناتهم، ولكننا لم نشاهد فعلا جادا على الأرض حتى الآن.

مقالات ذات صلة

في عام 2005 وعندما كنت أعمل في جمهورية باكستان الإسلامية، اتصلت من هناك مع معالي سليمان الحافظ، لكونه كان وزيرا سابقا للمالية في الحكومة ويقطن في نفس منطقتي. وسألته أن كان هناك خطة لتنفيذ مشروع صرف صحي في تلك المنطقة. فأجابني بأنه خلال وجوده في الوزارة رصد المبلغ المطلوب لهذا الغرض. ولكن بعد مغادرته الوزارة، جرى تحويل المبلغ المرصود إلى مشروع آخر. وفي السنوات اللاحقة علمنا أن تنفيذ المشروع، قد أحيل على مقاول لتنفيذه فتفاءلنا خيرا.

وبعد سنوات من المباشرة المفترضة بالعمل، لم نر له فعلا على الأرض، وعلمنا أن المقاول فشل في تنفيذ المشروع وانسحب من العطاء، وأن مقاولا آخر قد رسا عليه العطاء في إكمال المشروع قبل عامين. وعلمنا هذه الأيام أن الفشل قد تكرر في المشروع نفسه وبانتظار مقاول جديد. ولا أعرف إن كنا سنشهد مسلسلا من المقاولين الذين سيتعاقبون على هذا المشروع، الذي يزيد عمره عن عمر مشروع الباص السريع ؟

مشروع الصرف الصحي الذي يفترض به، أن يخدم عددا كبيرا من سكان المنطقة، ويحافظ على صفاء البيئة وصحة السكان، ما زال يراوح مكانه، وينتقل من مقاول إلى آخر منذ 15 عاما. وهذا يدفعني للتساؤل: هل الفشل المتكرر في تنفيذ المشروع على مدى عقد ونصف، يمثل الترهل الإداري في الحكومة ؟ أم أن صحة المواطنين وبيئتهم المعيشية لا تهم الحكومة ؟ أم أن الفساد يعشش في أحضان المشروع نفسه طيلة هذه الفترة ؟ وأعتقد أن لا حاجة لي بالتذكير بأن الصين قد أنشأت مستشفى قبل شهرين، بمساحة 25 ألف متر مربع خلال عشرة أيام، بغض النظر عن الاختلاف في طبيعة المشروعين. ويقول تعالى في كتابه العزيز :

( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى* سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَ * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ). صدق الله العظيم.

التاريخ : 22 / 2 / 2020

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى