الحمار و الجمهور

الحمار و الجمهور
كامل النصيرات

شاشَ الحمارُ وطاش عندما صفّق له الجمهور بعد أن أوّل نهقة من فوق المنصّة..! فأعطاهم نهقةً أكبر فصفّقوا أكثر وأكثر..! من يرى المشهد يعجب لهذه الكيمياء بين الحمار وجمهوره..تفاهم ضمني غير مسبوق..!
لم يتوقّف الحمار بعد تلك الحادثة..بل صار يعتلي كلّ المنصات و يبدع في كل أنواع النهيق ويزداد الاعجاب به و التصفيق..! صار ينهق في السياسة والرياضة و الأسواق المركزية..والجمهور يصفّق بحرارة..صار له نظريات نهقيّة في علم الاجتماع والجمهور يصفّق وينتظر قشر البطيخ ..! صار الحمار كلّ يوم يحصل على شهادة تقدير و يخطف الكاميرات وعنده لايكات بالفيس بوك بما لا يدع مجالاً للشكّ بأن النهيق أصبح حالة ثوريّة ..والبرسيم يصل للجمهور تباعاً..!
غاب قشر البطيخ..وغاب البرسيم أيضاً..ولكنّ التصفيق كان يزداد أكثر خصوصاً بعد أن تحوّل الحمار إلى مُنظِّر في الاقتصاد الدولي والمحلّي..وصار يجيد النهيق المموسق على أنغام سلطنة الجمهور الغارق بالأحلام الوردية..!
المشكلة الكبرى : الحمار استفحلَ في كلّ مكان..والجمهور يريد أن يتحسّن وضع كلّ شيء ولكنه يريد بذات الوقت بقاء الحمار ..ويرفض الجمهور أي مساس بالنهيق..! لا الحمار اختفى ..ولا النهيق زال..ولا الجمهور تنازل عن الحمار والتصفيق..بل استنسخ حماراً جديداً في كل زاوية وشارع..! امتلأت الأماكن كلّها بسيطرة الحمير و الجمهور يصفّق لها ويريد الأحلام ويسعى للتغيير ولكن على أنغام النهيق الذي سلب لُبّ الجمهور..!
أعيدوا الحمير إلى مكانها ..افصلوا المايكات والكاميرات عن النهيق ولا تصفّقوا له..كي تعود الموسيقى ..بل كي تعود الحياة لمجراها الطبيعي..!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى