الحمار العربي….مظلومية وقهر !

الحمار العربي….مظلومية وقهر !
بسام الياسين

منذ النهقة الاولى،يُستخدم الحمار للاشغال الشاقة دون رحمة.هذا الكائن الوادع كابد منذ تدجينه،اعلى درجات العسف و الاهانة خاصة في الدول العربية.لم يحصل على حقوقه كمخلوق حي له مشاعر واحاسيس، ولا على معاملة حسنة، كحيوان اسوة بالحيوانات المدللة كالخيول والقطط المنزلية.جرى التعامل معه بدونية،رغم خدماته الجليلة في بناء حضارة ما بين النهرين،والحضارة المصرية، كما دلت الحفريات الأثرية .فالحمار اقدر المخلوقات على اجتياز الاماكن الوعرة و الاكثر تحملاً للظروف الصعبة.خدوم لا يشكو،كأن لسانه مقطوع وسيفه مكسور.لهذا تعرض لكل صنوف القهر عبر التاريخ،ولم يفكر في الحد من شقائه،فبدلاً من الثورة على مستعبديه تكيف معهم، و صب رؤاه الفلسفية في حكمة الصبر على الاذى، والزهد بالحياة.فالدنيا بنظره، لا تساوي بعرة.

العربي انفجاري لا انفعالي،لذلك لا يضبط لسانه، ولا يتحكم باعصابه ساعة الغضب،واغلب قرارته خاطئة. تراه مشدوداً في الشارع،في الملعب،في الوظيفة،في البيت يثور للتوافه. مشاجراته كثيرة لاسباب سخيفة.ظل ام عياله تلازم شخصيته ليثبت فحولته.اما الحمار، يمتاز بالسكينة ويتسامى على من اغضبه. صفات يفتقر اليها اكثر البشر.لذا استغلوا وداعته فاهانوا كرامته.

مسالم.لا يطالب بدعم شعيره،ولا ببطاقة تأمين صحي ولا بتحديد ساعات عمله.سجلاته الامنية في الاقطار العربية بيضاء تسر المسؤولين، لم يشارك في مظاهرة،لم يدخل في مشادة فردية او جماعية،لم يقف وقفة احتجاجية او يحطم كرسياً في الملاعب الرياضية ويشتم خصمه.دائم الوقوف في الظل.افكاره اقرب لتوجهات حزب الكنبة ـ الصمت وارتداء البيجاما ـ.، فخسر نفسه، ولم يتمرد على حمرنته،عكس حمار الحزب الديمقراطي الامريكي الذي تحول الى ايقونة سياسية.

مقالات ذات صلة

جاء في الاثر،انه آخر من صعد الى سفينة نوح عليه السلام. لم يزاحم غيره ولم يرفس من اعترض طريقه. بقي طوال الرحلة صامتاً رغم ما تعرض له من مضايقات، كأنه علك ( اللا الاعتراضية ) مع علفه.خلال الرحلة،هبطت الحمير في عدة موانيء، اسوأها حظاً من نزل في الموانيء العربية، حيث تعرضت لإبشع صنوف الاذلال،لكن احدهم لم يشتكِ لمحكمة.الادهى ان منظمة حقوق الانسان،رفضت التعاطف معهم بحجة عدم الاختصاص فيما الحكومات تجاهلتهم بذريعة انها مشغولة بالاوادم .

تشير السيرة الذاتية للحمار العربي الى تعرضه للاستبداد،من ضرب جائر، حراثة فوق طاقته،ركوب فوق العدد المسموح به حسب تعليمات منظمات حقوق الحيوان.هكذا ظل في خانة الاستكانة، مستسلماً للعصي تلهب ظهره والشتائم تدوي في اذنه،دون محاولته الارتقاء لمنزلة الحصان فروسية ولا الى البغل عنطزة،بينما الحمار القبرصي حظي بمكانة عالية وحياة كريمة،رعاية صحية،وجبات غذائية مكتملة العناصر،الاقامة في حظائر باشراف بيطريين،وعند بلوغه سن التقاعد،يمضي اواخر ايامه في مزارع خاصه الى ان يقضي نحبه،فتقوم لجان خاصة بدفنه ووضع باقات البرسيم على قبره ثم تكريمه بالقاء الخطب اللائقة بانجازاته.في بلادنا الصورة مقلوبة.في سن الشيخوخة او اصابة العمل يُستغنى عنه، ويُطلق سراحه ليهيم على وجهه.ليلتقط رزقه من المزابل واطراف الحاويات.

في مصر الشقيقة، نُفذت بحقه عدة مجازر دموية،حيث قام بعض الجزارين بذبحه،حتى ان بعضهم اعترف بجريمة الذبح سعيداً ومتفاخراً ـ كما ادعى ـ لان نيته اسعاد الفقراء، بتقديمه لحم حمير ضالة باسعار زهيدة، خاصة اسياخ الشواء اللذيذة، المحرمة على الفقراء.في العراق القصة مختلفة :ـ ” الحمار العراقي / سموك “، حمار محظوظ ، شاهده الغزاة ألامريكيون في محافظة الأنبار العراقية قبل سنوات، وعلامات سوء التغذية بادية على صفحة وجهه ونحول جسده . أخذوه إلى معسكرهم للإعتناء به وتضميد جراحه،ثم تقديم وجبات من الخضار و الفواكة له، حتى استرد عافيته.. بعد ان تقاعد الكولونيل المسؤول عن المعسكر، اخذه معه للحصول على الجنسية الامريكية ويقضي بقية حياته في امان،و فعلاً حصل عليها واصبح ولم يبق الا ان يتقن الانجليزية. فما اخبث الامريكان دمروا دولة وانقذوا حمار.

تُرى، ماذا يقول علم النفس عن اضطهاد العربي لحماره ؟!. هل هو تفريغ لمعاناته من ظلم انظمته،فيلجأ لهذا الاسلوب اللا إنساني ، لخلق توازن نفسي عنده ام حالة تعويض عن عدم قدرته على حرية التعبير، فيتطاول على حماره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى