الحكومة ولعبة الأرقام لتغطية الفشل

الحكومة ولعبة الأرقام لتغطية الفشل

د. فائق العكايلة

خلال هذين الأسبوعين – وبين الفينة والأخرى – تُطل علينا #الحكومة ببعض #المؤشرات #الاقتصادية والأرقام الإحصائية كمعدل #البطالة و #النمو #الإقتصادي ومعدل #الفقر وغيرها، وتتخذ من سنة ٢٠٢١ (وأحياناً سنة ٢٠٢٠) كسنوات أساس يتم مقارنة قيمة تلك المؤشرات لعام ٢٠٢٢ بقيمتها في ٢٠٢١ أو ٢٠٢٠. ومن الطبيعي إذا ما قارنا قيم تلك المؤشرات ستكون دائماً ولكل دول العالم في عام ٢٠٢٢ أفضل منها في عام ٢٠٢١ أو ٢٠٢٠ (باستثناء معدل التضخم)، لأن العامين ٢٠٢٠ و ٢٠٢١ كانا هما الأسوأ إقتصادياً منذ قرن تقريباً. فمثلاً، نشرت الحكومة أن معدل البطالة في الربع الأول من عام ٢٠٢٢ انخفض إلى ٢٢.٨٪؜ مقارنة مع ٢٣.٣٪؜ خلال نفس الفترة من عام ٢٠٢١! أي بينت الحكومة تضليلاً أن معدل البطالة انخفض بمقدار ٠.٥ (نصف) نقطة مئوية في عام ٢٠٢٢ مقارنة مع ذلك في عام ٢٠٢١. 

لذا، تظهر #أرقام تلك المؤشرات في عام ٢٠٢٢ أفضل منها في العامين ٢٠٢٠ و ٢٠٢١. وَيْكأنَّ الحكومة تريد من هذا التحايل في المقارنة الخاطئة أن تظهر بمظهر صاحب الإنجازات العظيمة (The good boy)!

مقالات ذات صلة

إن من أبجديات التحليل الإقتصادي الكمي في دراسات المقارنة هي أن يكون هناك فترة (سنة) أساس يتم مقارنة تغير المؤشرات الإقتصادية في فترة أو فترات (سنة  أو سنوات) المقارنة معها. ومن أهم شروط اختيار فترة (سنة) الأساس التي بدونها تفشل المقارنة هو أن تكون سنة الأساس تلك طبيعية نسبياً من كل الجوانب الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والطبيعية.

فهل كانت الأعوام ٢٠٢٠ و ٢٠٢١ طبيعية إقتصادياً ؟! بكل تأكيد الجواب لا. فجائحة كوفيد-١٩ هوت بكل دول العالم، ومنها الأردن، إلى مستنقع الركود الإقتصادي. (قال: يا قرد ودي اسخطك؛ قال: ما في اسخط من هالسخطة اللي أنا فيها).

لذلك، لا يمكن اتخاذ سنة ٢٠٢٠ و سنة ٢٠٢١ كسنوات مقارنة، وإن كانت سنة ٢٠٢١ أظهرت مرحلة التعافي من الكساد. وإذا ما أرادت الحكومة قياس الإنجاز الحقيقي عليها مقارنة قيم المؤشرات الإقتصادية في عام ٢٠٢٢ مع قيمها فيما قبل عام ٢٠٢٠، والأنسب عام ٢٠١٩.

وبناءً على ذلك، فإن قياس الإنجاز الإقتصادي من خلال مقارنة قيم المؤشرات الإقتصادية في عام ٢٠٢٢ مع تلك القيم في عام ٢٠١٩، نجد أن عام ٢٠١٩ كان أفضل بكثير مما أصبح عليه الحال في عام ٢٠٢٢ حتى تاريخه.

فعلى سبيل المثال، لا الحصر، فإن معدل البطالة زاد من ١٩.١٪؜ في الربع الأول من عام ٢٠١٩ إلى ٢٢.٨٪؜ في نفس الفترة من عام ٢٠٢٢. أي بزيادة (وليس انخفاض) مقدارها ٣.٧ نقطة مئوية. وكذلك نسبة الفقر زادت من ١٦٪؜ في الثلث الأول من عام ٢٠١٩ إلى ٢٥٪؜ في نفس الفترة من عام ٢٠٢٢، أي بزيادة مقدارها ٩ نقطة مئوية.

وهكذا فإن لعبة الأرقام القذرة هذه تقلب السلبيات إلى إيجابيات، والخاسر في تلك اللعبة دوماً هو الوطن والمواطن. كما أن هذه اللعبة والتحايل يتقنه وزير المالية الحالي في كثير من الأرقام والمؤشرات، وإن أسعفنا الوقت سنعرّي هذا الشكل من أشكال الفساد.

حمى الله الأردن…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى