الحكومة تنفي

سواليف
استبعد مصدر حكومي مسؤول أن يكون مصطلح “توطين”، الذي جاء في تقرير منظمة العفو الدولية، من منطلق التجنيس، مشيرا الى أنه أقرب لأن يؤدي بالمعنى لـ “الاقامة القانونية” بحكم الظروف الصحية لبعض هؤلاء اللاجئين.
واستبعد المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، أن يكون ما جاء في التقرير “تجنيس” لعدد من اللاجئين السوريين أو الفلسطينيين من سوريا.
وأشار المصدر الى أنّ الحكومة كانت قد ردت على التقرير في وقت سابق حول تحملها لأعباء اللجوء السوري في مجال الصحة.
وكانت منظمة العفو الدولية طالبت، في تقرير لها، الأردن والدول المضيفة للاجئين السوريين بإعادة “توطين” ما لا يقل عن 480 ألف شخص من بين أكثر فئات اللاجئين ضعفا، أو أن تتاح لهم الاستفادة من غير ذلك من أشكال القبول الانساني.
ودعا تقرير صادر عن المنظمة في آذار (مارس) الماضي إلى عدم استبعاد اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سورية من الفرص المتاحة لإعادة التوطين في البلدان المضيفة.
ودعت المنظمة الدول المضيفة، إلى توفير مسارات أخرى بديلة لاستقبال اللاجئين في بلد ثالث بما في ذلك اعتبارات من قبيل لم شمل العائلة الممتدة واصدار تأشيرات دخول للطلبة والاخلاء لأسباب طبية، أما المصابون أو ذوو الاعاقة الذين يقيمون في البلدان المضيفة، مثل الأردن، حيث لا يسهل الوصول الى معظم الخدمات فمن شأن خيارات اعادة التوطين والقبول الانساني أن توفر طوق نجاة جديد لهم.
وشدد التقرير، الذي حمل عنوان: “الحياة على الهامش….معاناة اللاجئين السوريين في الأردن في الحصول على الرعاية الصحية”، على ضرورة تسريع عملية إعادة التوطين، في الدول المضيفة من بينها الأردن، والقبول لاعتبارات انسانية في حالات اللاجئين الذين يعانون من حالات طبية حرجة، واستحداث آليات وتوفير موارد تكفل تمكين اللاجئين المقبولين من الحصول على الخدمات الصحية التي يحتاجون اليها لدى وصولهم الى البلد الثالث.
وشددت المنظمة على ضرورة استحداث وتوسيع نطاق مسارات بديلة للقبول، مثل الإخلاء لأسباب طبية، والقبول لأغراض أكاديمية كونها قد تعود بالنفع على اللاجئين الذين لا تنطبق عليهم شروط إعادة التوطين.
ومن بين الفئات التي ذكرها التقرير، كفئات أكثر ضعفا، ذوو الاحتياجات الطبية الصعبة، وذوو الاعاقة والنساء والفتيات المعرضات لخطر ارتكاب انتهاكات بحقهن، والاشخاص الذين يحتاجون للحماية البدنية.
وأشار التقرير الى أن المجتمع الدولي تقاعس عن توفير العدد الكافي من فرص اعادة توطين اللاجئين الفارين من سورية وغير ذلك من أشكال قبولهم في بلدان ثالثة لاعتبارات انسانية لا سيما الذين يعانون من حالات مرضية أو اعاقات أو احتياجات خاصة.
ودعا الى عدم اغفال ضرورة إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سورية ضن نفس المعايير المطبقة على السوريين.
وكشف التقرير، الذي يدور حول أوضاع اللاجئين السوريين في الأردن، إنّ لدى اللاجئين مشاكل في الحصول على الخدمات العامة الصحية، لافتا الى أنّ الغالبية الساحقة من اللاجئين تعيش دون مستوى خط الفقر في الأردن.
وسلط التقرير الضوء على معاناة اللاجئين السوريين، قائلا: إن “هناك عوائق متزايدة تحول دون حصولهم على الخدمات العامة، لا سيما الرعاية الصحية”، في الوقت الذي أشار فيه الى أنّ الغالبية الساحقة من اللاجئين السوريين في المناطق الحضرية تعيش دون مستوى خط الفقر في الأردن.
وتتفاقم التحديات التي يواجهها السوريون في الأردن بفعل تقليص حجم الدعم الانساني الموفر لهم؛ حيث دفع نقص التمويل في 2015 ببرنامج الأغذية العالمي، على سبيل المثال، إلى التقليص بشكل كبير من حجم المساعدات الغذائية التي يوفرها للاجئين السوريين.
وأشار إلى أن الحكومة كانت استحدثت في 2014 سياسة جديدة تفرض بموجبها على اللاجئين السوريين دفع رسوم بدل حصول على الخدمات الصحية، وقال التقرير “قد لا تبدو هذه الرسوم مرتفعة، لكنها تظل مع ذلك بعيدة عن متناول الكثير من اللاجئين السوريين الذين يعانون الأمرين لتلبية احتياجاتهم الأساسية في ضوء محدودية خياراتهم المعيشية وتقليص حجم المساعدات الغذائية المقدمة لهم”.
ووفقا للتقرير، شرعت السلطات الأردنية في شباط (فبراير) 2015 بعملية تهدف إلى حصر أعداد اللاجئين السوريين في المناطق الحضرية وإصدار “بطاقات خدمة” جديدة عن طريق وزارة الداخلية، ويتعين على اللاجئين الراغبين في الحصول على بطاقة الخدمة مراجعة مراكز الأمن التي تتبع مناطق سكنهم لاسترداد وثائقهم الثبوتية التي أصدرتها السلطات الأردنية على الحدود، وتثبيت مكان إقامتهم، كما يشترط على جميع السوريين فوق سن 12 عاما استصدار شهادة طبية من وزارة الصحة تبين الوضع الصحي لحاملها وخلوه من الأمراض السارية والمعدية.
وبلغت كلفة استصدار الشهادة الطبية في بداية 2015 ما مقداره 30 دينارا، وتم تخفيضها نهاية العام الماضي الى 5 دنانير.
وأكد التقرير أن عملية الحصول على كل الوثائق المطلوبة لاستصدار “بطاقة الخدمة” تتسم بالبطء وكثرة العراقيل وارتفاع الكلفة بالنسبة للاجئين.
وبلغ عدد اللاجئين الذين حصلوا على بطاقة الخدمة الصادرة من وزارة الداخلية 300 ألف لاجئ من المسجلين لدى المفوضية السامية للاجئين، وذلك حتى نهاية شباط (فبراير) الماضي.
وقال التقرير إنّ غير الحاملين لبطاقة الخدمة اشتكوا من أنهم يواجهون صعوبات في الحصول على الخدمات الحكومية ورفض تقديمها للبعض الآخر، فيما آخرون ليس بحوزتهم الوثائق الصالحة، وهم عرضة لخطر ارسالهم عنوة الى مخيمات اللاجئين أو ترحيلهم لسورية في بعض الحالات.
وظل السوريون الحاملون لبطاقة الخدمة يحصلون بالمجان على الخدمات الصحية المتوفرة من مرافق وزارة الصحة قبل أن تغير الحكومة سياستها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 لتشترط عليهم دفع نفس المبلغ الذي يتحمله المواطن الأردني غير المشمول بالتأمين الصحي.
وأصبح السوريون من حملة بطاقات الخدمة يعاملون معاملة الأجانب على صعيد الاستفادة من الخدمات الحكومية، ودفع رسم العلاج المفروض على الأجنبي الذي يفوق ما يدفعه المواطن الاردني غير المشمول بالتأمين الصحي بنحو 35 % الى 60 %.
وأضاف التقرير: “لا تقتصر النفقات التي يتحملها اللاجئون في مجال الرعاية الصحية على رسوم العلاج؛ اذ تشمل أيضا ما يتكبدونه من أجور المواصلات للوصول إلى مواقع المنشآت الطبية وغير ذلك من التكاليف التي تعين على اللاجئين دفعها قبيل تغيير الحكومة لسياستها”.
وأكد التقرير أنّ أوضاع اللاجئين الفارين من سورية في البلدان المضيفة تشهد تدهوراً بما في ذلك اوضاع المقيمين منهم في الاردن.
وقال إنّ الأردن يستضيف مئات الآلاف من اللاجئين السوريين منذ العام 2011، الأمر الذي خلق ضغوطاً هائلة على البنية التحتية والخدمات الحكومية فيه، لا سيما في قطاعات الصحة والاسكان والتعليم.
وفرضت الحكومة متطلبات صعبة على الراغبين بتعديل إقامتهم بالشكل النظامي وقررت تقاضي رسوم بدل تلقي العلاج، وأدى ذلك إلى إيجاد عقبات إضافية في وجه اللاجئين السوريين تحول دون حصولهم على الخدمات الصحية الضرورية، بما في ذلك الرعاية الصحية الأولية في المناطق الحضرية.
ويعتبر التقرير أن ثمة واجب على الاردن بموجب أحكام القانون الدولي يلزمه بالعمل على ضمان وصول جميع الأشخاص للخدمات الصحية، وأن تكون في متناول الجميع بما في ذلك المجموعات المهمشة اجتماعياً.
ووفقا للتقرير، يتعين على الأردن أن يقوم بالحد الأدنى بإعطاء الأولوية لتوفير إمكانية الوصول إلى المستويات الأساسية الدنيا من الرعاية الصحية، بما في ذلك الرعاية الصحية الاولية الاساسية وجعلها متاحة لجميع الاشخاص.
ويتابع التقرير: “لطالما سعى الأردن للحصول على المساعدة والتعاون من المجتمع الدولي بغية توفير الخدمات الصحية، ولكن ظل رد المجتمع الدولي غير كافٍ بشكل كبير حتى اليوم”.
وانتقد التقرير تشديد القيود على الحدود الاردنية الى تقطع السبل بما يزيد على 35 ألف سوري عند المعابر الحدودية الشمالية الشرقية غير الرسمية، وتمنع عدد من مصابي الحرب من دخول البلاد في مناسبات عديدة خلال العام الماضي.
ويرى التقرير أن “صدّ الذين يحتاجون للجوء يتناقض مع واجبات الاردن الدولية، بما في ذلك مبدأ عدم الرد القسري الذي يُعد احترامه أمراً ملزماً للدول كافة”.
وشدد التقرير على ضرورة توفير المجتمع الدولي المساعدة اللازمة للحكومة الأردنية كي تفي بالتزاماتها تجاه الحق في الصحة بما في ذلك إعطاء الاولوية لإزالة جميع العوائق المالية وغيرها من العوائق التي تحول دون الوصول الى الخدمات الصحية.
ويضيف التقرير: “يجب على المجتمع الدولي أن يزيد بشكل ملموس من فرص إعادة التوطين والقبول لاعتبارات انسانية، وتوسيع نطاق المسارات البديلة التي تتيح قبول اللاجئين، وذلك علاوة على حصص إعادة التوطين المقررة سنوياً”.
ووجه التقرير توصيات الى الحكومة تبدأ بالسماح لجميع الفارين من سورية بدخول الاردن دون تأخير، بما في ذلك من هم بحاجة الى الرعاية الطبية، وعلى ألا يكون دخولهم مشروطاً بحملهم أوراق ثبوتية سورية.
ودعا الى ضرورة احترام مبدأ عدم الرد، من خلال عدم إعادة أي شخص الى سورية قسراً وبصرف النظرعن الأسلوب، بما في ذلك الصد على الحدود، وينبغي إيلاء العناية بشكل خاص للحرص على عدم فصل أفراد العائلات عن بعضهم البعض.
كما شدد التقرير على ضرورة ضمان حصول جميع الأشخاص على الخدمات الصحية بصرف النظر عن وضعهم المتعلق بالإقامة وغير ذلك من الأوضاع، وإلغاء رسوم بدل تلقي العلاج التي فرضت على اللاجئين السوريين، وضمان جعل كلفة الرعاية الصحية في متناول الجميع، اضافة الى تسريع اجراء عملية التحقق المدني، ومراجعة المتطلبات ذات الصلة بغية تخفيف الاعباء التي تنطوي العملية عليها، وتقليص الكلف المرتبطة بها للاجئين السوريين، مع الحرص على عدم حرمان أي شخص من الحصول على الخدمات الصحية، لا سيما الضرورية منها لمجرد عدم حمله لبطاقة الخدمة الجديدة الصادرة عن وزارة الداخلية و/أو شهادة إثبات طلب اللجوء الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
ودعا التقرير الحكومة الى طلب الحصول على التعاون الفني من الحكومات الأخرى والمنظمات الدولية كي توفر الرعاية الطبية المتخصصة، بما في ذلك خدمات اعادة التأهيل والرعاية اللاحقة لمصابي الحرب، والمساندة المطلوبة لتعزيز امكانية وصول اللاجئين ذوي الإعاقة للخدمات، إضافة إلى ضرورة المصادقة على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكول عام 1967 الملحق بها.
كما دعا الى ضرورة ضمان سرعة حصول اللاجئين السوريين على المعلومات المتعلقة بخدمات الرعاية الصحية وشروط الأهلية للاستفادة منها وكيفية الوصول اليها.
كما وجه التقرير توصيات للمجتمع الدولي، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الاوروبي ودوله الاعضاء والولايات المتحدة وغيرها من البلدان القادرة على تقديم الدعم، حيث طالبهم بالسماح لجميع الفارين من سورية، بما في ذلك من هم بحاجة لرعاية طبية بالدخول إلى الاردن دون تأخير وعلى ألا يكون دخولهم مشروطاً بحملهم لأوراق ثبوتية سورية.
وطالب بتوفير المساعدة والتعاون الدوليين مع الحكومة الأردنية بحيث يتسنى لها أن تساعد في تطبيق الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه في الاردن من خلال تعزيز النظام الصحي فيه، وإعطاء الأولوية لمسألة إلغاء الحواجز الإجرائية والمالية التي تحول دون الحصول على الخدمات الصحية، وخصوصاً المستويات الاساسية الدنيا من الرعاية الصحية للجميع.
كما دعا الى تقديم التعاون الفني لدعم الأردن في توفير الرعاية الطبية المتخصصة بما في ذلك إعادة التأهيل والرعاية اللاحقة لمصابي الحرب، وتعزيز وصول اللاجئين ذوي الإعاقة الى الخدمات الحكومية، وتقديم مساهمات مالية كبيرة لدعم خطة الاستجابة الاردنية ضمن خطة الامم المتحدة الاقليمية للاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين، وتعزيز الصمود الوطني (3RP).

عن الغد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى