” دربنا إلى الكرامة ” / نورس عدنان قطيش

” دربنا إلى الكرامة ”

يدخل الأسرى الفلسطينيون في سجون كيان العدو إضرابهم المفتوح ضدّ الإحتلال الغاصب في معركة ليست جديدة على الأبطال، لكن هذه المرّة؛ معركة “الحريّة والكرامة” بنكهة أخرى لمشاركة أوسع ضمّت للآن ١٧٥٠ أسير في معتقلات العدو بإضراب عن الطعام لمواجهة الممارسات الإستعمارية والإنتهاكات الإستيطانية والسلوكيات القمعيّة وجرائمهم في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلّة، من أجل تلقين العدو درساً في المقاومة والصمود بسلاح يقوى على مجابهته.
يعدّ هذا الإضراب هو الأضخم من سلسلة الإضرابات لأبطال الكرامة والتي دعى إليها عميد الأسرى البطل مروان البرغوثي إبان يوم الأسير وبمشاركة كافّة الأسرى من جميع الفصائل والحركات الفلسطينية.
في هذه الأثناء يتضامن الكثير من العرب والمجتمع الدولي مع الأسرى بإضرابهم العام ضدّ السياسات الإمبراليَة والصهيونيّة في السجون وعموم فلسطين، حيث يعبّر موقف الأسرى الأبطال رسالة قويّة ونفحة روحيّة لتجديد حماس الشعوب والإصرار على المقاومة ورفض الإحتلال جملة وتفصيلاً وتحدّيه بكافّة السبل.
تتعدد أوجه التضامن ومشاركة المقاومة مع الأبطال البواسل في السجون على مختلف الأصعدة الشعبيّة والمستويات الفكريّة والثقافيّة.
هنا يدور في خلجي سؤال: هل ما نراه من تضامن (حاشد-إعلاميّاً) يتمثل غالباً ضمن صناديق المواقع الإجتماعيّة وقليلاً خارج الإطار بالوصول لحالة متكاملة من الوعي بمفهوم المقاومة لإفراغ المحتلّ من مضمونه ودحره؟!
أنكتفي فقط بكلمات التضامن وشتم الإحتلال وتغيير صور البروفايلات، ونبقى ندور في فلك “لا نملك سوى الكلمات” وأيّ كلمات سوى “النسخ واللصق” وصور الكتالوجات الجاهزة!
ما احوجنا في العالم العربيّ لغطاء فكري بحجم السماء لضمان نتائج واقعيّة ومكتسبات حقّة بفعل شرارة الأبطال التي تنير الفضاء.
التحوّل لإفراغ مكنون الإنسان وحشو بطنه بالدسم الذي أجهض فكره وأبعده عن جبهة المقاومة السلميّة والإنزواء نحو أنانية تحقيق اللذّات والبطولات الوهميّة والإنسلاخ عن الجسد الواحد أوصل العربيّ لحالة من اللامبالاة المتلبّدة والإقتضاب الفكري عن الوعي بالحفاظ على أخلاقيات المقاومة السلميّة، ما غيّر من مسار مقاومات الأبطال وأفقدها قوّة إنطلاقها لتصبح كمقذوفة نحو الأعلى تهوي سقوطاً حراً علينا!
ما الدور المناط بك كمتضامن، والواجب من الجميع للحفاظ على سلميّة المقاومة والخروج من الصندوق لتحقيق المكتسبات؟
بدايةً الحفاظ على الوحدة الوطنية الشعبية وتعاظم الشعور القومي هو خط الدفاع الأقوى ضد الإمبريالية والصهيونية ومحاولاتهم جاهدين ضرب العمق القومي لتفتيته بسهولة، والقناعة التامة بأن ذلك السبيل نابع من أننا
مستهدفين وخاصة في دول الطوق، وبالحفاظ على الوتيرة الأمنية للمجتمعات في دول الجوار خير بداية لزعزعة استقرار الكيان رديفاً للمقاومة في الداخل الفلسطيني.
إن مقاطعة الاحتلال إحدى وسائل المقاومة السلميّة وواجب وطني لإضعاف العدو بكافة أوجه المقاطعة: الثقافية والإقتصادية والأكاديمية والرياضية في الداخل والخارج.
يجب على المقاطعة أن تترسخ كثقافة وطنية وقوميّة وجعلها سلوك يومي في كلّ ساعة وحين، ومن ذلك على المقاطعة أن تنتقل من العشوائية إلى التنظيم بفعل كافة الفعاليات الشعبية والأهلية لتعرية العدو ونبذه أمام المجتمع الدولي.
غالبية الشعوب العربية لم تبرح رفضها للعدو بكافة أشكاله، رغم كافة مشاريع الإمبريالية بتطويع إرادة الشعوب للتطبيع وجعل التعامل مع العدو أمراً مستساغاً والسبيل إلى القبول به كجار ودولة لا كيان.
أشير هنا بأن إضراب الكرامة أكبر شاحذ للهمم لمقاومة التطبيع ومقاطعة العدو وعدم التراخي إن انتهى بعد قبولهم بشروط الأسرى، والحفاظ على الوتيرة المتصاعدة لنبذ العدو يوماً بعد يوم، حتى لا تكن المقاطعة ردّة فعل بقدر ما يجب أن تكون فعلاً أساسياً، والتصدي بوعي لكافة محاولات التطويع الشعبي للتطبيع.
قرار المقاطعة مسؤولية مشتركة وواجبة على كافة الجماهير لاستمرارية المقاومة رديفاً لمعارك أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، بما يصبّ في بوتقة النضال ضدّ العدو المحتلّ.
نراهن على مشاعر الشعوب الجيّاشة وتضامنهم القويّ مع الأسرى الأبطال، ونجاح المقاطعات الدولية للاحتلال خير دليل على التقهقر الصهيوني أمام إرادة الشعوب الحرّة.
رفع الوعي الشعبي والحفاظ على سلميّة المقاومة في الشتات سلاح ناجع لنبذ العدو ومشاريعه الإمبريالية بما يخدم النضال الأممي لبوصلة الحريّة؛ فلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى