صدر عن #دار_ورد_الأردنية للنشر والتوزيع كتاب
#الحرب_الروسية_الأوكرانية ومستقبل #النظام_الدولي
للباحثة #هديل_محمد_القضاة
يهدف الكتاب الى بيان التداعيات السياسية والاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على النظام السياسي والاقتصادي الدولي، قابل ذلك ظهور الاهمية العلمية والعملية للدراسة من خلال ما تشكله من عملية ربط علمية بين مفهوم الصراع وما يترتب عليه من عملية تغيير سياسي واقتصادي داخل النظام الدولي، وما تشكله من أهمية تضاف للدراسات السابقة في حقول العلاقات الدولية والاقتصاد الدولي.
وقد تم توظيف مجموعة من المناهج العلمية كالمنهج الوصفي التحليلي ومنهج صنع القرار ومنهج تحليل النظام الدولي لتحقيق اهداف الكتاب والإجابة عن اسئلتها وسؤالها الرئيس: ما التداعيات السياسية والاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على النظام السياسي والاقتصادي الدولي؟
وقد توصل الكتاب لمجموعة من النتائج والتوصيات، أكدت على أن هنالك مجموعة من التداعيات السياسية والاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية تمثلت ضمن مستويات مختلفة، ساهمت في التأثير في طبيعة النظام السياسي والاقتصادي الدولي، شكلت الابعاد الاقتصادية السمة الاكثر بروزاً مما إنعكس تأثيرها على مختلف دول العالم، وتمثلت بشكل كبير في قضايا الطاقة والأمن الغذائي، إلى جانب القضايا والملفات الأخرى، وأن التأثيرات في طبيعة النظام الدولي لم تظهر بشكل كبير لتحدث تأثيراً في طبيعة النظام الأحادي القطبية، في المقابل اكد الكتاب بضرورة سعي دول العالم الثالث وبشكل خاص الدول العربية لإعادة النظر في بناء تحالفاتها السياسية والاقتصادية من أجل الخروج من حالة التبعية السياسية والاقتصادية، بغية الاستفادة من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
ولا شك أن الحروب غير مربحة ولم تقدم شيء فيه فائدة للبشرية بل ان الحروب خاسرة مهما حققت الدولة مصالحها، وللحروب آثار وتداعيات على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وتبرز هذه التداعيات ليس فقط على الدول المتصارعة بل على العالم اجمع، حيث يتأثر النظام الدولي بهذه الحروب لأن العالم في ظل العولمة يعيش في قرية صغيرة يتأثر ويؤثر من تداعيات وآثار الحروب .
تترابط كل من روسيا وأوكرانيا بنسيج عرقي اجتماعي مشترك، حيث تبلع الأقلية الروسية في وأوكرانيا ثمانية ملايين من أصل روسي يعيشون في أوكرانيا، يمثلون نحو 17% من السكان بالمقابل يبلغ إجمالي عدد الأوكرانيين في روسيا (من حملة الجنسية الروسية واللاجئين) نحو 4 إلى 5 ملايين أوكراني، ورغم هذا التشابك الا أن البلدين شهدت حالة من الصراع والحروب، حيث شهدت أوكرانيا عام 2014 أزمة سياسية بعدما سيطرت القوات المسلحة الروسية على شبه جزيرة القرم والذي اعتبرته أوكرانيا احتلالا عسكرياً وتعدياً على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، بالإضافة الى الاضطرابات والاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها أوكرانيا من قبل جماعات انفصالية في دونباس شرق البلاد.
بدأت رسمياً العلاقات الثنائية بين روسيا وأوكرانيا خلال الحرب العالمة الأولى في نفس الوقت الذي كانت به الإمبراطورية الروسية السابقة تخوض فترة إصلاحها السياسي، وفي عام1920 هذه العلاقات الثنائية بدأت تتغير بين الدولتين بسبب احتلال الجيش الأحمر الروسي لأوكرانيا، في تسعينات القرن العشرين بدأت هذه العلاقات الثنائية بالعودة كما في السابق بين الدولتين فور حل الاتحاد السوفيتي الذي كانت روسيا السوفيتية وأوكرانيا السوفيتية جمهوريتين مؤسستين فيه.
في عام 2014 انهارت العلاقات بين الدولتين مجدداً (الثورة الأوكرانية) التي كانت بسبب الأزمة التي شهدتها أوكرانيا في أواخر العام 2013 اذ أدى قرار الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش تعليق جميع الأعمال التي من شأنها أن تفضي الى توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي الى اندلاع «ثورة الكرامة» والتي كانت أولى شرارات النزاع في أوكرانيا وتحديداً في شبه جزيرة القرم وفي اقليم دونباس، بعد ذلك تم ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، ودعم روسيا المقاتلين الانفصاليين من جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية في حرب أودت بحياة أكثر من 130000 شخص بحلول أوائل العام 2020م، وفرض بسببها العقوبات الغربية على روسيا، وكذلك جرت اتفاقيات بين الدولتين عُرفت باتفاقيات مينيسك الرامية الى انهاء النزاع والتي شملت 13 تدبيراً أمنياً وسياسياًً بهدف إنهاء النزاع.
في 24 شباط 2022 بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا مجدداً، حيث بدأت الحملة بعد حشد عسكري طويل والاعتراف الروسي بجمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد وجمهورية لوغانسك الشعبية، تلاها دخول القوات المسلحة الروسية الى منطقة دونباس في شرق أوكرانيا في 21 فبراير 2022
في 24 فبراير وبعد خطاب اعلن فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن عملية عسكرية بهدف تجريد أوكرانيا من السلاح واجتثاث النازية منها، بدأ القصف على مواقع في جميع انحاء الدولة بما في ذلك مناطق من العاصمة كييف .
وكذلك شكلت الحرب الروسية الأوكرانية أحدث الحروب التي استخدمت بها كل وسائل الضغط، فعلى المستوى الاقتصادي اتخذت الدول الكبرى مجموعة من العقوبات على شركات روسية لأنها توفر السلع والخدمات لأجهزة المخابرات والجيش الروسي كذلك فرضت عقوبات على روسيا في نطاق التجارة والطاقة والقطاع المالي، وكذلك الحجز على البنوك وأموال الشركات الروسية .
وشكلت الحرب الروسية الأوكرانية تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية على النظام الدولي، ومن أبرز التداعيات السياسية فقد يشهد العالم تحولات وتغيرات في طبيعة النظام الدولي وقد تؤدي الحرب الروسية الأوكرانية الى تكوين تحالفات دولية وإقليمية جديدة ستنهي حالة نظام القطب الواحد، والإدارة الأحادية للعالم من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، بل عودة النظام الدولي الى نظام متعدد الاقطاب في حال صعود الصين كقوة فاعلة سياسياًً على المسرح الدولي بالإضافة إلى روسيا وكوريا الشمالية، وكما يتوقع حدوث تغييرات واسعة في النظام الأساسي لمنظمة الأمم المتحدة التي لم يعد نظامها أكثر فعالية في التعامل مع ما يواجه العالم من تحديات وتغيرات جيوسياسية والتي حدثت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وحتى هذه الحرب الجارية.
اما التداعيات الاقتصادية التي خلقتها الحرب ارتفاع أسعار القمح والنفط والعديد من المعادن الأولية المهمة في التصنيع والتشييد، وكذلك دوراًت التصنيع والشحن والنقل، بل أن الدول التي تبحث عن بدائل غير الغرب للبحث عن مصارف بديلة للتخلص من سلاح العقوبات الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية عليها، وهذا ما يبرهن سيناريو تراجع الدولار عن عرشه في التعاملات الدولية.
اما التداعيات الأمنية، فقد يشهد النظام الدولي تغيراً ملحوظاً في القوة العسكرية في روسيا والصين والمانيا واليابان وقد تؤدي إلى تغيرات في موازين القوة، وقد يشهد العالم تحالفات امنية جديدة، وقد تشكل الحرب مخاوف إقليمية ودولية توسع رقعة الحرب ورهاب استخدام السلاح النووي وربما توقع العالم في حافة الانزلاق في أتون حرب عالمية جديدة مدمرة (الحرب العالمية الثالثة).