الحرب الاوكرانية…هل خلخلت القطب والدولار الواحد..؟..رؤية تحليلية

#الحرب_الاوكرانية…هل خلخلت #القطب و #الدولار الواحد..؟..رؤية تحليلية
ا.د #حسين_محادين*
(1)
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وطوال حقبة الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي /الصراعي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق، والنظام الراسمالي الغربي الوظيفي بقي الدولار الامريكي متسيّدا الاقتصادات العالمية كتعبير اقتصادي سياسي على سطوة اميركا وحدها على قوائم التجارة العالمية وتبادلاتها على وجه هذه الارض، الى حد اصبحت فيه حركة وقيمة الدولار ارتفاعا او انخفاض نادرا اصبحت هذه التذبذات الدولارية وفقاً لأطروحات علم اجتماع السياسة وكأنها بارومتر الاقتصاد والتجارة العالمية بالمجمل ، رغم وجود وتداول عملات اخرى لدول ذات اقتصادات كبرى ايضا مثل، الصين والهند ودول الخليج العربي باقتصاداتها النفطية ووداعها الاحتياطية الهائلة.
( 2)
بعيد هزيمة الاتحاد السوفيتي السابق في بداية تسعنيات وبدء سيادة القطب الراسمالي المعلوم والواحد ايضا..اقتضت مصالح الدول الغربية حليفة اميركا ولغايات الحفاظ على هذا التحالف الفكري والاقتصادي المشترك فيما بينها ان تنال كدول حليفة حصة اقتصادية افضل لها ولشعوبها من ارباح وقيمة الدولار الامريكي المتفرد بسيادته طوال الحقب الماضية، لذا شُرع وبالتوافق في إطلاق عملة اوروبية موازية نسبيا للدولار ،الا وهي اليورو..الامر الذي احتاج انتظار هذه الدول الغربية حوالي اربعة سنوات اخرى اي لعام 1994 لحين استكمال بناء المؤسسات المالية قبل البدء بتداول اليورو وتعميمه عالميا،رغم تذبذب سعر صرفه وانسحاب بريطانيا بفعل استباقي قبل سنوات من تحالف هذا اليورو، الامر الذي اثر سلبا عن واقعه ومستقبلة عموماً.
( 3)
مع بداية الحرب العسكرية الاوكرانية بقيادة الرئيس الروسي بيوتن كان واضحا للمتابعين بعمق ان بلدا مثل روسيا لم يغفر للغرب اقصائه من ثنائية قيادة العالم في تسعنينات القرن الماضي ، الامر الذي دفع بروسيا العمل بجد وصمت على تقوية ذاتها علميا وعسكريا من جهه، ومن جهة متممة عملت بصمت عميق وتخطيط استراتجية على استمالة كل الدول والشعوب المتضررة من حقيقة استمرا تفرد اميركا وحلفاؤها بقيادة واحتكار كل من:- اقتصادات وتكنولوجيات العالم محمية بقوة الدولار، ومن خلال سعيها المتسارع نحو اعادة تشكيل العالم الارضي والفضائي معاً وفقا لايدولجيتها الراسمالية المعولمة.
(4)
وبناءً على ما سبق، وبعد انتهاء العام الاول من الحرب الأوكرانية الروسية يمكن والاستنتاج مايلي:-
ا – رغم ان الحروب الصراعية بالمجمل موجعة ودامية من منظور انساني بالتاكيد، الا انها الوسيلة الصدامية الوحيدة التي كانت ضرورة بنظر القيادة الروسية كراس حربه لتحالف الظل مع دول قوية اقتصادية وسكانية معاً لإعادة توزيع القوى العسكرية والسياسية والاقتصادية مجتمعة في ظل العولمة نحو خلق تعددية دولية عِوضا عن الاستئثار الغربي الامريكي المعولم بقيادة العالم التي بدأت منذ تسعنيات القرن الماضي…وهذا ما ادركت خطورته أوروبا وإسرائيل معا لذا لاحظنا كمحليين اكاديميين واعلاميين ،كم انفقت اوروبا من الاموال والسلاح والدعم اللوجستي لاوكرانيا على حساب موازنة واولويات شعوبها التي اخذت في التظاهر رفضا لسياسات حكوماتها بهذا الانفاق والهجرات الظاغطة على اسباب عيشها وبالتالي تطور اقتصادات السوق فيها وما جرى في بريطانيا وفرنسا والمانيا من تظاهرات عمالية بعيدة عن ما استنتجته قبلا.
ب- لعل المهدد الاكبر كواحد من ابرز نتائج ريادة روسيا في استثمارها الاستراتيجي للحرب مع أوكرانيا هو بدء تشكل التحالف الاقتصادي السياسي والسكاني النازع الى اعتماد عملات الدولة المشاركة في اعتماد عملاتها المحلية وبصورة متبادلة في تجارتها البينية والعالمية بيعا وشراء لكل السلع والموارد النفطية بعملاتها الوطنية ومنها للآن روسيا، الصين،الهند،السعودية
كوريا،مصر، الامارات وربما ايران ..ما يعني علميا انخفاظ سطوة وقيمة الدولار الامريكي اقتصاديا وسياسيا لها ولحلفائها القلائل المتبقين في حال تبلور ونجح هذا التحالف الجديد في عالم أخذ قسريا نتيجة لهذا التحالف المتدرج نحو العددية القطبية الامر الذي يعني عودة جلية لاوجه ودول متعددة وصاعدة في عولمة اقتصادية وتكنولوجية مفتوحة على كل الاحتمالات بما في ذلك ما يتعين تغيير عميق يتمثل ربما في زيادة اعداد الدول الكبرى في مجلس الامن والمنظمات الدولية الأخرى…
اخيرا.
إن الرؤية التحليلية الاستنتاجات والاستشرافية الرصد والتحليل التي طرحتها بنقاط مكثفة، لا تزعم انها تملك الحقيقة لوحدها وانما هي دعوة فكرية للتحاور بالتي ارقى…
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى