الحجر إثنا عشرة ساعة فقط

الحجر إثنا عشرة ساعة فقط
معاذ مهيدات

تم تطبيق الحجر الصحي الشامل لمدة أربعة أيام، حتى انطلق الآلاف اليوم من الأردنيين إلى الشوارع لشراء لقمة العيش بأسلوب يهدد شعبا بأكمله هم وعائلاتهم، وكل عزيز عليهم من المهددين بأن يصيبهم الوباء.

أفسّر سبب خرقهم للحجر الصحي في الأيام الأولى منه، بأن النفس البشرية لاتحتمل تقييد حريتها بصورة مطلقة، حتى في السجن يوجد ساعات يطلق عليها السجناء ( تشميس) ، لذا فإن الحجر أربع وعشرون ساعة قمة الخطأ، وعند تصفح أخبار دول الجوار، نرى أن الحظر كان إثنا عشرة ساعة فقط، ولم يأتي ذلك من فراغ بل من دراسات دولية واجتماعية، ومن منظور آخر لم يصل التطور التكنولوجي والرقمي في الأردن إلى اعتماد آلية توصيل المواد التموينية إلى البيوت، ولاسيما في القرى والأرياف النائية، ونحتاج وقت لتطوير فكرة الشراء الإلكتروني، ومن غير المعقول زج الأردنيين في السجون، لأنهم ملوا من الحضر وخرجوا لتنفس القليل من الهواء، لذا أنصح فرض الحضر بطريقة مماثلة لجيراننا، والتوكل على ربنا، ولا ننسى أن هناك أردنيين يعتاشون من بقالاتهم ومتاجرهم، وغير مشتركين في الضمان الاجتماعي، فكيف إذا سيعيشون بقية مدة الحضر، دون تقديم قروض او منحهم من أموال الزكاة أو حتى تقديم المساعدات العينية والنقدية، ولانعلم إلى متى المدة، لذا لابد من الموازنة.

أراهن على وعي المواطن الأردني في الإلتزام بالحظر المنزلي، ضمن ساعات محددة، مما يخفف الضغط على الدوريات والنقاط الأمنية والعسكرية في الشوارع، التي انتشرت لتطبيق الحجر الصحي العام.

وأنا ضد تخطئة أي وزير في هذه المرحلة، فهو جزء من فريق اجتهد، ووزير الداخلية الأولى بالدراية بهذه الخطط الطارئة، ونحن لأول مرة نواجه أزمة من هذا القبيل منذ ثمانينات القرن الماضي، فالمهم الآن الاستفادة من العثرات الطارئة، ونقف بسرعة لنحمي أنفسنا من هذه الجائحة العالمية بأقل الخسائر.

مقالات ذات صلة

ونقدر أن الحكومة تضع سلامة المواطنين في سلم اولوياتها، بتكلفة مالية رصدتها الحكومة، كحزمة مالية للانقاذ من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للكورونا.

الهدف من الحجر إقناع كل من لا تقتضيه ظروف العمل او قضاء شؤون ضرورية الى ملازمة البيت، لاننكر أن هناك سلوك ناجم عن الاستهتار بقواعد الحجر الصحي وبكل القواعد الوقائية لتقليص انتشار الفيروس، يمارسه جزء وان كان صغير من المجتمع، مما يضع سلامة الجميع محل خطر، ويرسم صورة الدولة العاجزة عن فرض القانون في الاوقات التي تستوجب صرامة وقوة في تنفيذ القانون.

إنه اختبار صعب للدولة ومدى قدرتها على إنفاذ القوانين الصائبة، واختبار للأردنيين لمفهوم المواطنة وإدراك اننا في وضع حرب، تستوجب مجابهتها، جائحة كشفت ان الوطن لم يعد قادرا على تأجيل الانطلاق في الإصلاحات، وأنا واثق بل متأكد أن الأردن سيضع بصمة في المجال الصحي العالمي قريبا، وستلجأ له الكثير من الدول لحل هذه الأزمة، بل لدي قناعة بأننا سنكون وقريبا رقم واحد في الشرق الأوسط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى