الحال داقر !

الحال داقر !
عبدالمجيد المجالي

مرت سنوات على تخرجه من الجامعة دون أن يجد عملاً، حاله حال عشرات الآلاف من أبناء وطنه، كان يتحسر على عمره الهارب كلص، وعلى أحلام كبيرة غافلته وهربت مع العمر؛ هربت أحلام التغيير، وأحلام “نحن الشباب لنا الغد”، وأحلام المساهمة في رفعة البلد، وحتى أحلام القلب هربت ، فالفتاة التي عاهدته أن تكون معه ( ع الحلوة والمُرة) جاءه نبأ ارتباطها على حين غرة ! ولم يبق لديه سوى حلم واحد يعتبر أبسط الحقوق في قواميس الشعوب الآخرى: وظيفة تستر الحال وتقيه ذُل السؤال، لكن حتى هذا الحلم استعصم حين راوده صاحبنا عن نفسه !

كان يومياً يتوسل إلى أبيه بالطلب ذاته : ” خذني على واحد من المسؤولين الغانمين بلكي لقيولي شغل، يعني عاجبك يظل حالي داقر”، والأب المغلوب على أمره لا يعرف كيف يقنعه بأن “زمن أول حَوَّل” وأن طلبه صعب المنال، ولك أن تتخيل قهر الرجال الذي يتملك الأب كلما رأى ابنه يكبر ويكبر اليأس معه ومن حوله ولا يملك له شيئاً !

الطلب ذاته لا يتغير :”خذني على واحد من المسؤولين الغانمين بلكي لقيولي شغل، يعني عاجبك يظل حالي داقر”

مقالات ذات صلة

والإجابة ذاتها لا تتغير : ” يا بوي والله زمن أول حَوَّل” !

إلا أنه أخيراً لم يجد مخرجاً أمام إصرار ابنه وتوسله اليومي ، فقال له : ” بكرا من الصبح بصير الي ودك إياه، تكرم يا وليدي” !

في الصباح أيقظ الأب ابنه واصطحبه في السيارة دون أن يدري الأخير الوجهة، فكر في كل الأماكن التي سيذهبان إليها حيث يحقق مراده :”بجوز على قرابتنا أبو حمدان، مهو كان رئيس وزراء قد الدنيا، أو يمكن على صاحبه أبو فلاح، وزير شغلته وعملته يتواسط، وإذا على زلمتنا أبو عاهد بكون ممتاز، نائب بصيم وأكيد مرضي عنه”..لكنه لم يتخيل أبداً أن تقف السيارة وينزل الأب منها ثم يشير إليه بالنزول عند مكان لا تُطلب فيه الوظائف وإنما الرحمة !

الولد لم يتمالك نفسه، فسأل مندهشاً : “يا بوي أنا قلتلك خذني ندور وظيفة مو قبر ، الله يسامحك جايبني على مقبرة” ؟!

رد الأب : “مو إنت طلبت أوديك على واحد من المسؤولين الغانمين يشغلوك؟! هون بتلاقيهم كلهم… ولك لعاد ليش البلد نفسها حالها داقر ؟!

#عبدالمجيد_المجالي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى