الجولان أكثر من فكرة تهويد

الجولان أكثر من فكرة تهويد
د.رياض ياسين – مدير عام مركز إكليل للدراسات والاستشارات
بعد ان اطمأن الأمريكيون على منطقة جنوب سوريا الواقعة تحديدا الى الشرق من الجولان المحتل متجاوزة مدينة درعا، والتي تمنح إسرائيل الأمان على حدود الجولان، اتجهت الى الإعلان رسميا عن ضم الجولان الى اسرائيل بحيث يشكل هذا الإعلان ضربة قاصمة لعملية السلام ويستنكر تماما فكرة المناطق المحتلة في خطوة لشرعنة الاحتلال وفرض تقرير المصير من طرف القوي المستحكم بزمام السياسة الدولية على حساب اصحاب الحقوق.
مع اشتعال الأحداث في سوريا منذ العام 2011م راهنت إسرائيل على مسألتين: الأولى استقطاب الأقليات في سوريا وكسب دعمهم كما فعلت مع الأقلية الكردية في الشمال والأقلية الدرزية في منطقة جبل العرب، والثانية تهويد الجولان السوري وقد انتزعت الإعلان الامريكي الصارخ مؤخرا، والذي يؤكد قرار الكنيست فيما عرف بـ“قانون الجولان” عام 1981.
استغلت اسرائيل الحرب الدائرة في سوريا وحضرت طبخة دسمة في الجولان، حيث كان اجتماع الحكومة الإسرائيلية لأول مرة في هضبة الجولان بتاريخ 17 أبريل 2016 كمحاولة أولى لنزع الاعتراف بأن الجولان أصبح أرضا إسرائيلية، وجرى التأكيد على ذلك في تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في احتفالية الذكرى الخمسين لحرب 1967، بأن يبقى الجولان السوري المحتل جزءا من إسرائيل “إلى الأبد”.
اهالي الجولان يعبرون عن الرفض الداخلي للاحتلال الاسرائيلي ، واكثر من مرة وضحوا في بيانهم انتماءهم لوطنهم الأم سوريا وتمسكهم بالهوية العربية السورية للجولان ورفض المشاركة في أي عملية انتخابية “ستفرز في النهاية من يمثل السلطة المحتلة ويأتمر بأمرها”، واعتباره محاولة “لزرع الفتنة وتفتيت المجتمع وإشغاله بنزاعات داخلية ليسهل على سلطة الاحتلال تمرير مشاريعها التهويدية”.
اكتمال عملية ضم الجولان السوري وجعله منطقة خاضعة للحكم المحلي للاحتلال بدأت تجد سبيلها للتنفيذ مع الإعلان الأمريكي، رغم الرفض العربي الرسمي والشعبي، وخالفت بذلك الإعلان صراحة كل المواثيق والقرارات الدولية وأكثرها وضوحا تصويت 14 دولة في مجلس الامن على رفض القرار الأمريكي كذلك رفض جامعة الدول العربية للقرار، ومع ذلك تنوي الحكومة الإسرائيلية تكثيف الاستيطان في الجولان من خلال خطة لإسكان ربع مليون مستوطن خلال ثلاثة عقود من الزمن. حيث تقضي الخطة التي أعدتها حكومة بنيامين الى إقامة ثلاثين ألف وحدة سكنية جديدة في المستوطنات الإسرائيلية المقامة بالجولان السوري.
إسرائيل من خلال إحكام قبضتها على الجولان وتغيير هويتها تضع قدما ثابتة وتقف على أرض صلبة في المنطقة الجنوبية لسوريا وتعلن نفسها انها باتت شريك حقيق فاعل وشرعي لضمان الأمن والرعاية للمنطقة الجنوبية السورية تحت مظلة التفاهمات الروسية الأميركية ومفعول التسويات الذي يمنحها ضمانات الأمن على الحدود ويصون مصالحها الجيواستراتيجية لتكون رابحا أساسيا في الحرب السورية الدامي، وللعلم كانت المبررات الامريكية لضم الجولان لاسرائيل هي مخاوف امنية خاصة من حزب الله والميليشيات التابعة لإيران، والتساؤل يبقى مشروعا من الذي زجّ هذه الميليشيات في اتون الصراع الدامي في سوريا وهل باتت النتائج تكشف المؤامرات؟.
Rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى