قاسم الزعبي يكتب…
الجوابرة #شهيد #مالي
#الجوابرة شاب من ذوي الجباه السمر.. لم يكن من هواة الشهادات العليا ولا الوظائف المرموقة كأولاد الذوات… فقرر أن يكون جنديا يحمي حدود قلبه.. ويدافع عن ليمونته التي زرعها ابوه يوم اشتهى سلطة(حامضة)…
الجوابرة لم يحضر درس الجغرافيا الذي تحدث فيه استاذه عن قارة أفريقيا وما يحدها من شمال او جنوب.. هو يعرف السنغال ربما.. لأن اللاعب(مانيه) سنغالي… لكنه لا يعرفه في الحقيقة اين تقع السنغال.. ولا مالي التي سيذهب إليها مع رفقاء السلاح…
وين علي جمعة.؟ ؟؟ . يقول وكيل القوة
نعم سيدي.. يجيب علي.
وكيل القوة : اسمع ياعلي.. البيك طالبك وبجوز الله فتح عليك ووراك سفرة..
علي : احلف؟ يارجل الكو احلا سدر كنافة اذا زبطت…
وفعلا يبرّ علي بيمينه ويحضر (سدر الكنافة) ليجهز نفسه بعد وقت قصير فيركب الطائرة لأول مرة في حياته متجها إلى مالي.. التي لا يعرفها أساسا..
علي.. ودع أمه ووعدها أن يرجع ليغير لها طقم الكنبايات المتهالك.. وليشتري لها خاتم الذهب التي باعته يوماما ليسدد ما تبقى عليه للحداد الذي (فصّل)له درابزين (الشاحط) الثاني..
علي اخذ منديل ريحانة قلبه وحبيبته وحلف لها بكل الكتب السماوية الا تغيب عن باله… فكان يوقظها يوميا لتتسحر وتصلي الفجر.. ويطمئن على فطورها إن كان يناسب معدتها.. فهي عصفورة في نظره لا تقوى على دسامة الدسم…
كان علي يسهر يوميا مع صهيب قفطان واحمد حابس. رفقاء الثكنة والدورية والتركس… علي ( لبّس) صهيب القفطان الشيخ المدبل على حين حب ذات سهرة شوق وحنين لبلدهما…
وبالمناسبة… صهيب هذا شاب توفي ابوه قبل اسبوعين… وبكى بشدة لانه لم يحضر جنازة والده.. وكان علي الجوابرة سنده وأباه وأخاه في تلكم المحنة…
مات علي أمس.. وأصيب صهيب قفطان.. واحمد حابس… سيُشيع علي بجنازة عسكرية مهيبة.. ويطلق الجنود 21 طلقة فوق رأسه..ويخرج أحد أقاربه في مقابلة اذاعية او تلفزيونية ليقول أن (علياً ) كان يحب الشهادة…
بالمناسبة.. علي الجوابرة لم يكن يتمنى الشهادة يوما الا دفاعا عن وطنه.. ولأنه يعشق عصفورته وأمه وليمونته التي زرعها ابوه.. فهو لايحب الموت أبدا…
علي لايعرف الجنود الذين اطلقوا ال21 رصاصة فوق رأسه… وعلي حنث كل وعوده مع حبيبته.. فلا رجع وتزوجها… ولا اشترى لها هديتها.. ولن يوقظها في رمضان القادم على السحور…
المثير للدهشة أن نائب منطقته سيلبس القرافة ويستقبل مندوب قايد الجيش… ويتراكض أولاد الحارة ليروا جنازة عسكرية منظمة وليست عشوائية كباقي الجنازات… وكلهم كلهم كلهم سينسون عليا… إلا رفقاء السلاح الذين أفطر معهم علي في رمضان … والا صهيب القفطان الذي (لبسه) علي (الشيخ المدبل)… وإلا عصفورته التي ستتهم عليا بأنه خان وعوده ولم يرجع…
ستلتم نساء الحارة حول أمه.. وسواسينها.. ويبكين معها بحرارة… وكلهن سيرجعن بيوتهن وتقرّ أعينهن بأولادهن… إلا أم علي…
ام علي ستكمل له خياطة لحاف الديباج الذي وعدته أن يجهز قبل عودته…… ام علي سيهتز قلبها اذا رن التلفون.. لتظن أن عليا هو المتصل… هي وحدها من سيعيش وفي قلبها حسرة… هي وحدها من ستبكيه دون رياء… دون وجل وخجل… هي وحدها من ستحضن صهيب القفطان واحمد حابس اذا مارجعوا… لتقول (ليش علي مارجع معكو يمه)؟؟؟