الجهل بإدارة الجهل

الجهل بإدارة #الجهل
الدكتور محمود المساد

عندما نسلط الضوء على حقائق نقول: إن الأفضل في #إدارة_المعرفة يكمن في أنها #إدارة_جهل حيث نكون عندها قد حصرنا توجيه النظر وتركيزه على ما لا نعرفه، ونعترف بأن حدود معرفتنا تقف هنا على حدود ما لا نعرف، كي تصبح إدارة المعرفة هي في مشاركة الآخرين فيما يجهلون، والقيام بفعل التعلم معًا. وهنا يتحقق ما يتطلع إليه الجميع: ” معرفة ما يلزم معرفته” و ” الاعتراف بقوة فهم المجهول”، وهنا أيضًا يتساوى الجميع ظاهريا في رحلة التعلم، وفي الوقت ذاته يؤسس قادة العمل للتشارك في رحلة التعلم ومواجهة التحديات وتنمية تبادل الثقة والموثوقية. ومن جانب آخر يُعدّ الجهل مهمًا لأنه يشجع على الابتكار والتطوير، فالجهل لا ينضب ولا ينتهي، فعند كل ولادة لمعرفة جديدة تكون هناك ولادة لجهل جديد.
لكن الحقيقة المرة أن تجد من يبيع المعرفة بشكل مستمر بحكم الموقع، لا بحكم المعرفة أو التخصص، وكأنه يقول وجودي بهذا الموقع اعتراف رسمي بأنني الأعرف بحيثياته الفنية قبل الإدارية، وأن حدود معرفتي مفتوحة ولا حدود لها. وهنا يلزم التأكيد على أن هذا هو الجهل أو صناعته الجهل المتعمد الذي يحملنا على ممارسة الجهل وتصديره للآخرين بزهو وترفّع. وللعلم فإن ضاعة الجهل غير إدارة الجهل، فصناعته تدرس كيفيات غرس الشك والوهم من خلال البيانات والمعلومات الخاطئة وغير الكاملة عن موضوع بقصد التضليل والتعمية عن الحقيقة.
لم تعد الإدارة أو القيادة طلاسم موروثة أو حبلًا سريًا يمتد بعائلات من الجد إلى الأب إلى الابن، يتفضل به هؤلاء النبلاء على الاتباع والعبيد، بل القيادة والإدارة الفاعلة هي مهارات تتضمن معارف وقيم تُكتسب من البيئة ويتم تعلمها وإتقانها ويصفق لها أتباعها وتثمر إنجازات ترتقي بالمؤسسات والوطن إلى ما يفوق طموحاته المشروعة.
إن الدور الرئيس للإدارة والقيادة الطامحة في إنجاز كبير، وتحقيق الأهداف، وترك بصمات تطويرية يتطلبها التحديث، وتراهن عليها عمليات التنافس يكمن في اكتشاف قيمة إدارة الجهل التنظيمي؛ من أجل منع الفشل في سياقات إنتاج المعرفة وتعلمها، ثم الحاجة إلى الاعتراف بدور وأهمية قيمة الجهل أو فرضها بالرغبة وتوليدها بالحوار، وبيان عوائد التطوير والتغيير على المؤسسة والفرد. فقد كشفت نتائج الدراسات ذات الصلة بعلم النفس أن الأشخاص يجدون صعوبة بالغة في فهم ما لا يعرفونه، بل وأكثر من ذلك قالت العرب في الأمثال “الإنسان عدو ما يجهل”، وعليه فإن تطوير الفهم لدى القيادة والأفراد في أي مؤسسة حول مفهوم إدارة الجهل له فوائد جمة إذا تم إدراكها بعمق وشمولية من قبل الموارد البشرية في كل مستويات الإدارة، وقاموا بممارسة إدارة الجهل في إدارتهم للمعرفة معًا بتشاركية ونهج قيادي يبتعد عن صناعة الجهل وأفعال التضليل المقصودة وغير المقصودة.
وعليه:
“يجب أن نعرف ..سنعرف”.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى