#الجهاز_التعليمي في #الأردن
عوامل #إعاقة #التعليم
معلمو الأردن هم كلّ من عملوا في التعليم في الصفوف. بعضهم نما وظيفيا وصار مديرا أو مشرفا أو مدير تعليم أو مديرا في الوزارة ( مع أن النمو الوظيفي في بلادنا لا يقود إلى الوظائف العليا، فهناك خطوط وحظوظ تعرفونها جميعا ). وبعضهم نما – بكشف سحري – وصار وزيرا للتربية والتعليم. ففي وزارة التعليم ، لم نشهد وزيرا من بيئة غير محافِظة. كلهم – باستثناء واحد – جاءوا من الطبقات المحافِظة. ولم نشهد وزيرا من عائلة من عائلات عمان التي اشتهرت بأنها غنيّة، أو من الطبقات الراقية. ربما كان خالد طوقان استثناء! ولا أدري إن كان – عمر الرزاز – كذلك !!
فأبناء الفلاحين من ذوقان الهنداوي حتى وجيه عويس، ستون عاما تقريبا يحكمها وزراء من طبقات محافِظة. والطبقات المحافظة تنتج فِكرا محافِظا بدرجة عالية، وفِكرا إصلاحيّا بدرجة محدودة، وفِكرا إبداعيا بدرجة نادرة!! وهكذا كان. نما التعليم في هذه الظروف؛ ولذلك كان الإصلاح بطيئا!
هذا هو العامل الأول، أما العامل الثاني – والمرتبط بالأول- فهو الثقافة المجتمعية التقليدية. لدينا معلمون تقليديون- محافظون- أنتجوا فِكرا تقليديا. ووضعوا مناهج تقليدية. وقلت: لا أحد يستطيع الخروج على ثقافة المجتمع، إلا وتعرّض لسخط شديد.
قال وزير: (على المعلمين أن يهتموا ب……. بدلا من…. ) فسجل هذا الوزير في قائمة الممنوعين!! وحين تخضع السلطة السياسية للسلطة الاجتماعية يصبح التغيير مغامرة.
ليس سرّا القول: إن مجتمعنا محافظ! ولكن أليس من واجب السلطة إحداث التغيير! طبعا لم يجرؤ أحد على تحديد طبيعة التغيير بل – اللف والدوران – حتى لا يستفز – مختطفي المجتمع – وأنصارهم، فالمجتمع يدعو إلى الثبات والأصالة. وهي بأحد معانيها جمود ورتابة والمراوحة في فكر تقليدي. فالصوت الذي يدعو إلى تقديس التعليم والحياة، هو مقابل من يدعو إلى أنسنة التعليم!
وأنسنة التعليم تدعو إلى الانفتاح، وربط الحياة بحاجات الإنسان، والتحدث عن مشكلاته ودوره وإنجازاته. وتقديس التعليم يدعو إلى الاكتفاء بما حققنا. وعدم المس بأي مقدس! والمقدس عندهم ليس ما هو مقدس فعلا ، بل إن كل من تحدّث عن المقدس صار مقدّسا. حتى سيّد قطب وعبدالله عزام وغيرهم كثيرون!! ولما كان الصوت الأقوى والأكثر تأثيرا هو صوتهم، فقد سكت الجميع، وقبِلوا بثبات التعليم وعدم تجديده.
وكما قلت: إنهم مدعومون بتشريعات قانونية، أو يستغلون موادَّ قانونية ،وربما دستورية لإثبات أفكارهم ومنع ما يختلف عنها. إن المجتمع، ووسائل إعلامه الرسمية تدعم الفكر المحافِظ، بل و تروّج له، ولا أدري حبّا أم خوفا. وإن كثيرا ممّن يخالفون الفكر المحافِظ – وأنا منهم –يجاملونه كثيرا وينطلقون منه كمُسَلّمة؛ خوفا من الاتهام الخطير!!
هذه هي بيئة التعليم المجتمعية، وهي بيئة معادية أو غير صديقة لحقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة، ومعادية للفكر وتعليم التفكير. ومعادية أو غير صديقة لأي تغيير يتعلق بمهارات النقد والشك والتحليل والأدلة العقلية. بيئة تقول بوضوح: الصحيح بيّن وظاهر، والممنوع بيّن وظاهر. فلماذا البحث والتفكير؟!نحن نفكر عنك! وقد قام أصلا أجدادنا بالواجب. إذن: بيئة المجتمع ليست صديقة للتغيير .. فماذا عن العوامل المعيقة الأخرى؟
مخطِئ من يقول: إن البيئة المحافِظة، وتفكير المعلمين، ودعم السلطة الرسمية لهم هي العامل الوحيد للتطوير. فهناك عوامل أخرى مثل صعوبة تطوير التعليم. وقد قيل: من الصعب تطوير الإنسان كما تطوير الآلات. فالتطوير المادي أكثر سهولة من تطوير الفكر، لكن علينا أن نعي أن تطوير الفكر مرتبط بتطوير البيئة، والعلاقة بين العقل والنقل قضية جدلية لم تُحسَمْ بعد، لكنها تميل مجتمعيا كثيرا لصالح النقل. ولكي لا نبالغ في قيمة الفكر المحافظ وقدرته على منع التطوير، فإنني أقول: إن هذا وضع التعليم في العالم، حيث فشِل في بناء فكر ناقد. فقد أوضحت الأزمة الأوكرانية الروسية، أن العالم فقد قدرته على التفكير، وأن الدعاية وأساليب التضليل ما زالت الأكثر تأثيرا على الأمريكيين والأوروبيين الذين طالما صدعونا بحضارتهم القائمة على العقل والنقد.
من السهل إذن انقياد الأردني أو الشخصية الأردنية إلى ثقافة القطيع، ولكن أن تنقاد العقلية الأوروبية إلى ذلك، فهو أمر عجيب!! هل الحل في الاستسلام للقطيع أم في الدعوة إلى تعليم التفكير؟؟
لننتظر الإجابة على ضوء تحوّلات مأمولة في الرأي العام العالمي!!
ملاحظة(1): كيف ثار العالم، والشخصية الأردنية تضامنا مع أوكرانيا، ولم يتضامن أحدٌ مع أي قضية عربية من إسرائيل وغيرها؟
ملاحظة ( 2): لم تتحدث هذه المقالة عن خيارات الحكومة في استخدام المرتزقة لتطوير التعليم..