بيان صادر عن #الجمعية_الوطنية_لحقوق_الانسان حول مشروع القانون المعدل لقانون #الجرائم_الالكترونية
مسار خاطىء وباتجاه معاكس في الطريقة والمضمون والمقصد
تشهد الساحة الأردنية الحقوقية والقانونية والسياسية والإعلامية والشعبية حالة صدمة ومفاجأة من إفرازات الأداء الحكومي السلبي وذلك في الزج السريع والمفاجىء لمشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الالكترونية والإلقاء به إلى الدورة الحالية لمجلس #النواب الأردني وتصاعدت ردود الفعل المهنية والشعبية والسياسية على هذا المشروع لعدة أسباب وأسانيد منها:
- الطريقة والأسلوب: #الحكومة الأردنية قامت بالزج بمشروع هذا القانون بأسلوب وطريقة استفرادية دون حوار وطني و/أو مهني وبغياب الشراكة المجتمعية أو الوطنية الأمر الذي يرفضه المجموع الوطني من جهة ومن جهة ثانية فهو مناقض للادعاءات الرسمية الأردنية بالشراكة والحوار وكاشف لمدى مصداقية هذه الادعاءات.
- المضمون والمحتوى: وتزداد الصدمة والدهشة الوطنية والمجتمعية والمهنية لدى الاطلاع على مضمون مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الالكترونية والتي اتسمت بتوسيع دائرة التجريم لتطال كل ما هو مباح ومصادرة حرية الرأي والتعبير وبنصوص فضفاضة مخالفة لمعايير وأصول صياغة التشريعات وبعقوبات مغلظة سالبة للحرية أو عقوبات مالية مما يؤشر ويؤكد على اتخاذ منهج السلطة المطلقة والتي هي بالضرورة مفسدة مطلقة بل وحتى خروجاً عن القواعد والمبادىء القانونية الحاكمة لإعداد التشريعات من حيث غياب التعريف للجريمة واتساع نطاقها خلافاً لقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وإسناد صلاحيات تحريك شكوى الحق الشخصي للسلطات الرسمية.
- المقصد وغايات الحكومة الأردنية من مشروع القانون: يتضح تماماً من الطريقة والأسلوب للزج بهذا المشروع وكذلك مضمونه ومحتوى مواده أن المقصد البائن والطافح من وراء هذا التوسع في دائرة التجريم والنصوص الفضفاضة وغياب التعريف القانوني للمصطلحات الواردة فيه والعقوبات المغلظة والمبالغ فيها هو تحصين السلطات الرسمية والقائمين عليها والموظف العام من النقد والرقابة المجتمعية والإعلامية (السلطة الرابعة) وبذات الوقت تجريم بل وترهيب كل من تسول له نفسه بممارسة حرية الرأي والتعبير والنقد بعقوبات مغلظة وسالبة للحرية ومالية تجعل من يفكر في حرصه على وطنه ونقده للموظف الفاسد أو المتعسف حبيساً للسجون ومديناً طوال الدهر خلافاً للمسار القضائي والقانوني الوطني في تبني مفهوم العدالة التصالحية والحد من عقوبة الحبس جزائياً ومدنياً وتنفيذياً فعلاً إنه أمر مريب!
- المسار الخاطىء والمعاكس للإتجاه: مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الإلكترونية يناقض ويعاكس الإتجاه الحكومي المعلن بالتحديث السياسي ومنظومة إطلاق الحريات العامة وتأطير العمل الحزبي وتشكيل حكومات حزبية حيث أن مضمون القانون ومواده التي تتركز به العقوبات الفضفاضة والمتجاوزة لمقصد الردع العام والخاص وتوسيع دائرة التجريم لتطال كل ما هو مباح وبنصوص فضفاضة تشكل اتجاهاً تشريعياً معاكساً للإصلاح والتحديث السياسي وتصل إلى تجريف الحقوق والحريات العامة وليس التحديث السياسي.
- الصواب: من حيث المنهجية يجب توحيد التشريع الناظم للإعلام في قانون واحد ثم توحيد التشريع العقابي بقانون واحد هو قانون العقوبات فلسنا بحاجة لقانون الجرائم الإلكترونية فقانون العقوبات يحتوي على كافة أصناف الجرائم وإن اختلاف وسيلة ارتكاب الجرم لا يغير من احتواء النص لأصل الفعل المجرم ويمكن التعديل على النص إن اقتضى الأمر مع ضابط تشريعي وهو تعريف الجرم بصياغة واضحة ومحددة وبنصوص مقيدة وليست مطلقة وعدم المساس بالحقوق والحريات العامة وأن لا يشكل التشريع قيداً أو مصادرة لكل ذلك وأن لا يتجاوز التشريع في نصوصه مقصد الردع إلى مقصد القضاء على الحقوق والحريات وتحصين السلطات الرسمية والموظف العام من النقد وبيان الفساد والفشل والانحيازات.
- الاستدراك الجوهري: بعد كل ذلك نقول بأن التجريم يجب أن لا يطال بأي حال من الاحوال أي نقد أو مادة مكتوبة أو منشورة بأية صورة من الصور أو تعليق سواء صدر من صحفي أو مواطن إذا كان موجهاً إلى السلطات الرسمية أو أحد القائمين عليها وبمناسبة عمله أو موقعه أي أشخاص القانون العام والموظفين العموميين ومن في حكمهم وتكون حالة التجريم حاضرة وبنصوص واضحة ومنسجمة مع قانون العقوبات وأصول إعداد وصياغة التشريعات وعدم تجاوز مقصد الردع العام والخاص إلى مقاصد وغايات تخالف أحكام الدستور والاتفاقيات الدولية إذا كان المقصود من المادة الصحفية أو المنشورة أشخاص القانون الخاص من أفراد وشركات وأحزاب وجمعيات وعائلات ونقابات وهذا التصور هو المعمول به في دول العالم المتحضر والمقصد من كل ذلك بأن يسمح ويفتح المجال الواسع للشعب ومؤسساته وأفراده بالرقابة على السلطة الرسمية وكشف فسادها وانحيازها وفشلها وصولاً لإنفاذ القانون والمحاسبة على إساءة استخدام السلطة أو الإخلال بواجبات الوظيفة العامة لذلك ولهذه الغاية رفعت حالة التجريم واستبعدت تماماً ما دام المقصود هو السلطات الرسمية والقائمين عليها وبمناسبة عملهم.
- المتطلب الإجباري والواجب الوطني/يقتضي سحب مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الإلكترونية من قبل الحكومة الأردنية وسعي مجلس النواب الأردني بتكرار رد مشروع القانون كما فعل سابقاً وأن لا يظهر مجلس النواب الأردني وهو السلطة التشريعية الممثلة لعموم الشعب الأردني بمظهر الاستجابة لضغوط الحكومة ونحن على أبواب انتخابات برلمانية ويضاف إلى ذلك نقترح إجراء حوار وطني ينظم الإعلام ووسائله المكتوبة والإلكترونية بما يكفل صون الحقوق والحريات العامة وتفعيل الرقابة على السلطة التنفيذية وبذات الوقت حماية الحياة الشخصية للأفراد والاموال والبيانات والتعاملات المالية والشخصية وأن لا يستغل التشريع خلافاً لمقاصده في الردع إلى مقاصد أخرى لاغتيال الحقوق والحريات والانقضاض على أدوات الرقابة الشعبية.
- الإشارة النهائية: إن الفضاء الإلكتروني أصبح مؤثراً في الدول والمجتمعات والتأشير الأكثر صراحة ووضوحاً هو استحالة الحد منه أو الإطاحة به فهو موضوع عالمي ومنتشر وسريع ويتجاوز قدرات أي حكومة في العالم وإن الرجوع لما قبل الأحكام العرفية في الحالة التشريعية لهو أمر بالغ الخطورة وانعكاساته فادحة.
الجمعية الوطنية لحقوق الانسان
عمان/ ٢٩ ذو الحجة ١٤٤٤للهجرة
الموافق ١٨ تموز يوليو ٢٠٢٣م