#الجاسوس الذي تسبب في كارثة #حرب #حزيران 1967 ( 1 – 3 )
موسى العدوان
بينما كنت أقلّب الكتب في مكتبتي المتواضعة قبل أيام قليلة، عثرت بينها على كتاب صغير الحجم، كنت قد دونت عليه تاريخ شرائه في 20 تموز 1971. حمل هذا الكتاب عنوان ” وتحطمت الطائرات عند الفجر ” لكاتبه الصحفي الإسرائيلي باروخ نادل.
أغراني الكتاب بإعادة قراءته من جديد، لأتذكر ما احتواه من معلومات عن حرب حزيران، التي مضى عليها ما يزيد عن نصف قرن. فما حدث من تدمير كامل لسلاح الجو المصري يوم 5 حزيران 1967، شكل كارثة أصابت بنتائجها المأساوية، كافة شعوب الوطن العربي.
وعندما أعيدُ إحياء الحديث عن تلك الحرب ، فإنني لا أقصد اجترار أحداث الماضي كقصة للتسلية وملء الفراغ، بل لكي نعيد قراءة التاريخ برؤية عسكرية أمينة، ونتعرف على ما ارتكبناه من أخطاء بكل صراحة، لنأخذ منها الدروس والعبر بعيدا عن المجاملة.
وإن كنت لا أنتقص من قدرات #القوات #المسلحة #المصرية الشقيقة، التي سطّرت ملحمة أكتوبر المجيدة عام 1973، إلاّ أنني أنقل هنا بعضا مما ورد في هذا الكتاب، دون تبنيه كحدث شهدته بأم عيني، رغم أن نتائجه في حرب حزيران المعروفة، والتي ما زالت ماثلة أمام عيوننا نلمسها كل يوم. ومن المهم أن نعرف من خلال هذا المقال، كيف واجهت مصر المعركة الجوية في حينها، وكيف خاضت دول المواجهة تلك الحرب، وغامرت بمصائر أوطانها وشعوبها ؟
المواطن الإسرائيلي ( أساف ليفي ) الذي تميز بذكاء حاد، أعطي الاسم العربي المستعار ( آرام نويّر)، وذلك لتسهيل مهمته في العمل بمصر. وهذا الرجل – كما ظهر في هذا الكتاب – لعب دورا هاما في حرب حزيران 1967، وكان سببا في انتصار إسرائيل على العرب في تلك الحرب، وأفرز دولة قوية ستتحكم في منطقة الشرق الأوسط، خلال العقود اللاحقة.
لقد مثّل ( نويّر ) في ستينات القرن الماضي، دور تاجر سلاح كبير مدعوم من إسرائيل. وتمكن بذكائه ودهائه، من اكتساب ثقة كبار المسئولين والقادة المصريين مدنيين وعسكريين، وعلى رأسهم : عبد الناصر رئيس الجمهورية، زكريا محي الدين رئيس الوزراء، المشير عبد الحكيم عامر وزير الحربية، محمد فوزي رئيس أركان الجيش، صدقي محمود قائد سلاح الجو، صلاح نصر مدير المخابرات ، وقادة أفرع القوات المسلحة.
وهكذا تمكن ( نوير ) من خلال علاقاته الشخصية، أن يصبح موردا للسلاح والذخائر وقطع الغيار لسلاح الجو المصري. فراح يتنقل بين باريس وتركيا والهند، للحصول على احتياجات القوات المسلحة المصرية من تلك المواد بأسعار مناسبة.
بلغت ثقة المسئولين العسكريين ب ( نوير ) درجة كبيرة، بحيث أن رئيس الوزراء منحه هوية شخصية تمكنه من الوصول إلى أي معسكر أو أي بناية في سلاح الجو في جميع أنحاء الجمهورية المصرية. وكان المسؤولون يطلعونه على خططهم والتعرف على أحجام القوات العسكرية وأماكن تمركزها، وأعداد وأنواع الطائرات والقواعد التي تتواجد بها. وهكذا راح ( نويّر) يقوم بزيارات إلى مختلف الوحدات والمواقع العسكرية، ثم يعود ليمررها إلى إسرائيل لاسلكيا في حينها.
يقول ( نويّر ) : في إحدى المرات جلست أما جهاز الإرسال، وأنا حائر في كيفية صياغة المخابرة المصيرية، وتذكرت الضحكة المدوية التي أطلقها الرئيس ناصر حين قال : ” إسرائيل تريد الحرب ؟ وأنا أقول لها أهلا وسهلا “. وتذكرت المشير عامر وهو يضحك، وتذكرت طياري النفاثات الذين وقفوا يحيطون بالرئيس، وطالبوه بأن يصدر الأوامر ليدمروا إسرائيل فورا، قبل أن تقوم بإبادة مصر “.
وتحوطا لعدم تسليم نفسه في حال اكتشافه من قبل السلطات المصرية ، فقد قام ( نويّر ) بزيارة سرية لإسرائيل، وطلب أن يركبوا له ( سنا مستعارا )، وبداخله حبة ( سُمّ ) مغلقة بغطاء بلاستيكي، تكفي لقتل إنسان بعد مرور 4 دقائق إذا لمسها باللسان، بعد قضم غطاءها البلاستيكي.
يتبع . . .
التاريخ : 1 / 7 / 2021