الثقة “الزائفة”

مقال الاحد 8-11-2015
النص الأصلي

لا يحق لنا أن ننزعج من قدر الله لا والله…وليس من حقنا أن نغضب على ما جرى من مصيبة هنا أو تلف هناك …لكن والله أننا لنغضب ، ونغضب كثيراً من الثقة الزائفة التي يرتديها بعض المسؤولين وهي أكبر بكثير منهم …فليس من الــ”فطحلة” أن يصف الأمين ما جرى يوم الخميس بالأمطار المفاجئة وغير المتوقعة، ففي فصل الشتاء لن تمطر السماء “توفي” أو “كواليتي ستريت” ..
علينا أن نتوقّع كل شيء سيول وفيضانات وثلوج وانجرافات، و بالتأكيد لن يتقدّم المنخفض الجوي – على غرار المعتصمين- بطلب لمحافظ العاصمة او معالي أمين عمان ليتم الموافقة عليه ، كما أنه لا يمكننا ان نرسم شكل المطر على كيفنا ؛ هنا نريده رذاذاً ناعماً مثل “بخّاخ الحلاقين” وهنا نريده غزيراً ومتواصلاً…نحن لسنا طارئين على هكذا مناخ منذ ان بسط الله الأرض وشتاء الأردن على هذا الشكل…فعندما نقول نحن على “كامل الاستعداد” ونحن في كامل الاسترخاء يجب ان نكون عند الكلمة بما تحمله من معنى يجب الا أن نضحك على أنفسنا وعلى وطننا ودافعي الضرائب ونخسر نتيجة التراخي والترهل أرواح بشر وممتلكات ناس وسمعة وطن…
قبل اقل من اسبوع من “شتوة الخميس”..حضرت مقابلة أمين عمان على التلفزيون الأردني في برنامج وسط البلد للزميل هاني البدري- أنا لا أظلم الرجل- كان “مسحّل” نصفه العلوي الى نصف الكنبة عندما سأله عن جاهزية الأمانة فقال “الجاهزية عالية” ومستعدون لفصل الشتاء…هذه الثقة الزائفة هي التي تغضبنا وتتعالى علينا وتزيدنا حنقاً.
لا يحق لنا ان ننزعج من قدر الله لا والله..لكننا ننزعج عندما نرى شرطي المرور يفتح مناهل ويزيل أتربة وهذه ليست مهمته..ننزعج عندما تميل الدولة كل الميل على شباب الأمن العام والدفاع المدني بينما “يبرطع” غيرهم بالدلال الحكومي والمكافآت وحضور الأمسيات الموسيقية وأفلام الموسم…
لا يحق لنا ان ننزعج من قدر الله ..لكننا ننزعج عندما يقف مسؤول بأمانة عمان ويحمل السائقين مسؤولية غرقهم في النفق قائلاً..”ومين قال لكم تدخلوا النفق”..!!..
وننزعج عندما لا يراعي “بلتاجي ” مشاعر “الأب المكلوم” بولديه ويلومه على طريقة سكناه…و ننزعج وننزعج عندما تتعالى وزيرة على مصاب مواطن وتقول له :”مين قلك تسكن بالطابق” السفلي..؟؟..ترى الم تتعلموا من بيوت أهليكم كيف يكون “الكلام”مع الناس!…الم يعلموكم سوى التعالي والتعجرف والقرف من مصائبهم…
في الشارقة ،حدث حريق في برج سكني..بعد أن أخلاهم الدفاع المدني ،استأجر لهم شققاً مفروشة ووفر لهم ثلاث وجبات طعام يومياً ومصروف جيب لكل عائلة لحين عودتهم الى شققهم بعد ان يتفرغ المالك من أعمال الصيانة…وهنا تقول الوزيرة:”مين قلك تسكن بالطابق السفلي”؟؟..المسألة لا علاقة لها بالغنى والفقر..المسألة لها علاقة بالرقي والفهم..
لا يحق لنا أن ننزعج من قدر الله..لكننا ننزعج عندما يقوم المسؤول في بلدي بتحميل خطئه لأي جهة حتى الى السماء ، ولا يقبل ان يشار اليه ببنان التقصير …نافشاً ريشه بالثقة الزائفة واللغة الزائفة والابتسامة الزائفة…
لا يحق لنا ان ننزعج من قدر الله لا والله..لكننا ننزعج عندما يصبح المنصب “تنفيع” والمسؤولية “تشريف ” والوطن مجرد “مزرعة تسمين”..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com