الثأر .. هل بات لغة في عصر الحداثة

الثأر .. هل بات لغة في عصر الحداثة
سلسبيل الخطيب

الثأر
هو أن يقوم أولياء الدم «أقارب القتيل» بقتل القاتل نفسه أو قتل أحد أقاربه انتقاما لأنفسهم دون أن يتركوا للدولة حق إقامة القصاص الشرعي،والحق الشرعي يتمثل في القصاص وليس الثأر وذلك في قوله عز وجل:”ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما”,کما وقال عز وجل”ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”،وکذلك قول رسوله الكريمﷺ: “لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة” (رواه البخاري ومسلم).
ما نستنتجه من الأٓيات الکريمه للهﷻ والأحاديث النبوية الشريفة هو تطبيق الشرع, فَلا بد من تطبيق ما يسمى بالقصاص وليس الثأر؛لإن القصاص تقيمه الدولة بعد محاكمة عادلة فيما الثأر تقوم به قبيلة أو شخص دون وجود أي دليل قاطع بأنه هو ذلك الشخص المرتكب للجريمة،ولكن؛في زمن أصبح فيه الجهل والبعد عن الدين الحنيف سمة للمجتمعات،حتى في وقتنا الحاضر قد تسفك دماء أبرياء ليس لهم فيما حدث أو ما زال يحدث ذنب.
وهنالك فئة من الناس يتباهون في المعصية وكأنها إحدى سمات الرجال والعادات التي تحمل صفة القداسة ،ويعتقدون أن الثأر من شخص بريء سواءً في قتله أو تعذيبه قد يشبع النفس الإجرامية التي تمكث داخلهم وتستوطن قلوبهم التي قد تضاهي الحجارة بقسوتها لا بل هي أشد قسوة علی ما يبدو ,فيتركون كل ما نصت عليه شريعة الإسلام ويتشبثون بما يطلق عليه الثأر والذي ليس له وجود ولا يطبقونها بمفهومها الشرعي الإسلامي الصحيح المتمثل بالقصاص وإنما يطبقونها حسب أهواٸهم وغرائزهم الخبيثة،ولا سيما ما حدث ِلفتى الزرقاء(صالح)حيث تكاتف عليه مجموعة من الرجال وأصبح لا حول ولا قوة بيده غير الاستعانة بالله،وقاموا بفقء عينيه وتقطيع يديه ووضعه في الشارع وكأنه لم يحدث شيء تحت شعار”نحن نثأر لأنفسنا” ولم يكن ذنبه بل كان ذنب والده في يوم من الأيام إن صحت الرواية أصلاً,فقد خسر هذا الفتی الذي في َريعان شبابه مستقبله بسبب المفهوم المغلوط للقصاص والبعد عن الدين الإسلامي وعدم فسح المجال للقانون بالتصرف.
قد تعود أسباب ما يسمى بالثأر إلى ضعف الوازع الديني واتساع قضايا القطاع القبلي وغيرها من الأسباب التي تعود إلى طبيعة الأشخاص نفسهم،ولتجنب مثل ذلك الأمور لا بد لنا من زيادة وتعزيز الوازع والوعي الديني لدى الأفراد وتعريفهم بالفرق بين الثأر والقصاص والقضاء على ظاهرة حمل السلاح، وما يحدث في مجتمعاتنا يتمثل فيما قاله الشاعر:
كم حرةٍ هتكوا وكم من جثة َركلوا
فالأرض ضجت من جرائمهم
والبحر قد ضاقت به السبل

فتناثرت أجسادهم ِمزقا
و لم يبكهم سهل ولا جبلُ

وهل للغة الثأر بصورته التي بات أکثر مقتاً وبشاعة مکانا لعصر دولة القانون والمٶسسات وعصر الحداثة بلغة الديجيتال !.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى