التوازن
وﻷن الشخصية الإنسانية مكونة من جسد, وحس , وعقل , ويأتي العلم ليكون العروة الوثقى لتحقيق التوازن بين متطلبات , كل منها , ويوازن بين الإنسان وعلاقته بالمكونات الأخرى , فقد سنحت لنا سانحة من سورة الرحمن شرحت لنا أمرين الأول التوازن العادل الذي أوجبه الله على نفسه بأن اعطى كل شيى خلقه ثم هدى , بتوازن متقن حكيم ,
فهل ترى في رتقه من فتق ?
أو في علمه من خلق ?
اﻻمر الثاني : أوجب التوازن العادل على الإنسان وهو المخلوق الوحيد المتمكن المختار , فكما حرم على نفسه الظلم والطغيان , كذلك حرم على هذا المخلوق الظلم والطغيان لهم وفيهم , ولا مصلحة للخالق ترجى من الخلق بشيء , فعليه ألا يفرط بهذا التوزن العادل إلى الطغيان الجائر لمصلحته هو , ذلك قوله تعالى :
الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)
إذا التوازن مفيد للإنسان وحده ,
ويقصد به وصول الانسان الى حالة من التوافق والانسجام مع ذاته اوﻻ
وبين ذاته ومحيطه ثانيا
وبين ماضيه وحاضره ومستقبله من خلال تصوره للماضي والحاضر والمستقبل
وهو الشعور بالرضا عن ذاته ومحيطه وانسجامه معها ومع محيطه يجعله يشعر بالسعادة والراحة ويدرك قيمة الحياة وقيمة نفسه تمكنه من استغلال مواهبه وتحقيق رغباته بضمير حي ﻻ ينتابه فيه تأنيب الضمير فيتصرف بحسب قدرته ومواهبه فلا يكبت مواهبه ولا يسعى الى حسد الأخرين ..
الأنسان المتوازن هو الذي يختار الأفضل ويستفيد الاستفادة الفضلى وهو أيضا يفيد الاخرين
تبرز امام الشخص خيارات متعددة بعضها مفيدة وبعضها غير مفيدة ويتوقف حسن الاختيار من عدمه على عدد من العوامل منها الهوى والتمني وغيرها فالشخص المتوازن هو الذي يتغلب على الرغبات غير الواقعية ويتعامل مع الرغبات المفيدة والممكنة ويوازن بين متطلبات عديدة للانسان الذي يحمل مشاعر واحاسيس ومعرفة بين ماضيه وحاضره ومستقبله
الانسان يتميز عن غيره من المخلوقات بما وهبه الله من علم ومشاعر وأحاسيس فبعد تعرفه على ذاته يحتاج الى التعرف على محيطه من خلال ثلات مكوانات
1 – الاله وهو الخالق سبحانه وتعالى
2 – الانسان والذي هو واحد منهم
3 – والكون بما فيه من مخلوقات غير الانسان
وعلاقته بهذه المكونات الثلاث
ثم يوازن امكانيته مع متطلبات وقته ومكانه
من خلال النظر الى
الماضي
والحاضر
والمستقبل
فيعطي كل بما يستحقه بحسب قدرته وجهده
فحين يستطيع التوازن مع كل هذا فانه يحقق السعادة
وقد عبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك بمفهوم التقوى
والاية الكريمة تبين عدد من المفاهيم
التي تمكن الانسان من التقوى
قال تعالى (( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من أمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب النبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وذي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون )) البقراة الاية 177
وقال تعالى:(( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأؤلئك هم اولو الألباب )) الزمر 18
فالقرآن الكريم يكاد ان يكون هو الكتاب الوحيد الذي يهدي للتي هي أقوم فهو من لدن حكيم عليم يساعد الانسان الى هذا التوازن الذي يحتاج اليه من أجل السعادة بما يعرف بالتقوى
قال تعالى(( قل يا عباد الذين ءامنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)) الزمر 10